قسمنا العالم إلى جنوب وشمال. الأول أرض الفقراء والثاني أهل الصناعة والمال، مع بعض الحالات الخاصة، هنا وهناك. لكن إذا كنت تتابع أخبار الطقس، تجد سمة أخرى للشمال. إنه بلاد البرد، أو البلاد غير الحارة، بينما بقية العالم هي بلاد الشمس. أهل الشمال هم الأقلية في هذا الكوكب: اسكندنافيون، وألمان، وكنديون، وروس، وإسكيمو... إلخ.. نحو 600 مليون أو 10 في المائة من سكان العالم. الباقون يعيشون في الشمس ويعانون من المناخات الاستوائية. تدل الاكتشافات أن الحضارات الأولى ظهرت في الشمس: سومر، والفراعنة، والأزتيك في المكسيك. لكن اللافت أن التقدم الاجتماعي والصناعي المعاصر ظهر في الشمال: ألمانيا، اسكندنافيا، بريطانيا، ومعظم الولايات المتحدة، إلى آخره. هل للمناخ علاقة بالأمر؟ العالِم الاجتماعي الأول، ابن خلدون، يقول نعم. يرد السلوك العام في أفريقيا إلى هول الحرارة والرطوبة. ولكن في المقابل، الروحانيات رسمت الجنة في ظلال الشمس. من سرنديب (سري لانكا اليوم)، إلى عدن. والبعض قال إن الجنة كانت في أفريقيا الشرقية بسبب جمال الطبيعة الأخاذة وخيرها. لكنها الآن من أكثر بلدان الأرض فقرًا وفسادًا. وقد أحيل الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، وهو نجل بطل الاستقلال جومو كينياتا، إلى المحاكمة بتهم كثيرة، لكنه بالتأكيد، خرج بريئًا. فالقضاء في دول «الجنوب» يشبه كل شيء آخر. في المرحلة الاستعمارية كانت الوظائف تعطى للمواطنين حسب الولاء، لا الكفاءة. وكانت الترقيات في الجيش تتم على هذا الأساس أيضًا. وما إن حل الاستقلال حتى كان معظم الرقباء قد أصبحوا جنرالات ومارشالات. ثم أصبح هؤلاء بدورهم حكامًا، مع بعض الاستثناءات طبعًا. فقد كان كوامي نكروما الغاني أستاذًا للعلوم السياسية في إحدى جامعات أميركا. وجومو كينياتا خريج جامعات بريطانيا. وروبرت موغابي حضَّر للدكتوراه وهو في السجن. والمؤسف أن النتائج كانت متشابهة بين الرقباء وحملة الدكتوراه، والقاسم المشترك كان ازدراء القانون. وفي جنوب أفريقيا، التي عرفت أكثر الحكام ألقًا وإنسانية، تقع الآن جريمة كل دقيقة. هل للمناخ علاقة بالطباع؟ لا. أكثر الدول احترامًا للقانون، سنغافورة. لقد تحدت التصنيفات في المناخ وفي الجهة. وفي أي حال، من يرى خريطة الطقس هذه الأيام لن يحول المسألة إلى دراسة علمية، بل سوف يقطع أول تذكرة إلى مكان دافئ.