لم أعد متحمسا لقراءة أي تحليلات خاصة بالميزانية العامة للدولة. ومع ذلك، سأقول دوما إن السادة الوزراء يجتهدون قدر استطاعتهم في استخدام لغة الأرقام، وتوزيع مخصصات ميزانية الدولة السنوية بالتساوي بين مناطق المملكة ومحافظاتها، وإنه ليس للتنمية علاقة بالأمور الشخصية، أو الانطباعات العابرة، أو بكون هذا الوزير أو الوكيل من هذه المنطقة، وذاك من منطقة مجاورة. مشكلتنا الأزلية هي في دفتر الحساب.. الجرد السنوي.. كذلك الذي تقوم به كثير من نوافذ الاقتصاد الخاص.. كم ربحنا.. كم خسرنا.. ماذا أنجزنا.. ماذا لنا، وماذا علينا؟! بعد الميزانية -هكذا اعتدنا منذ سنوات- سنسمع ذات العبارة: "سيتم توجيه الموارد إلى مشاريع البنية الأساسية خصوصا في قطاع النقل والمياه والصرف الصحي، إضافة إلى التعليم والصحة وتعزيز موارد صناديق التنمية"!، ثم يغلق باب الحديث حتى نهاية السنة المالية، لتتكرر العبارات ذاتها. لا وزير يخرج لنا ويخبرنا: كم دخل حساب وزارته من المال العام؟ ماذا فعل به؟ أين تم صرفه؟ ما إنجازاته على الأرض، بالرقم والتاريخ؟! نحن بشر نريد شيئا تزول به وساوسنا.. لا نريد للثقة أن تهتز.. لا نشكك في ذمة وزير.. أو نزاهة وزير آخر.. لكن قلوبنا بحاجة لعباءة الطمأنينة: "وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي". لسنا أفضل من نبي الله "إبراهيم" عليه السلام، ما الذي يمنع وزراء الحكومة للخروج إلى الناس، وبأيديهم كشوفات عن المبالغ التي تم صرفها خلال السنة الماضية؟! ألسنا ننادي بالشفافية والمكاشفة والمصارحة، ألسنا نقول لا يوجد شيء تحت الطاولة.. لماذا لا يثبت ذلك وزراؤنا؟ صدقًا؛ عجزت أن أفهم، الميزانية على الأبواب ولا نعلم ما الذي تم بـ"فلوس" الميزانية الماضية، والتي قبلها. ولك أن تعود 5 سنوات إلى الوراء.. مليارات ضخمة يتم تخصيصها لوزارات الحكومة ومشاريع يتم الإعلان عنها.. ولا أذكر مطلقا أن وزيرا خرج إلى الناس بتقرير مفصل عما تم إنجازه! هل المسألة صعبة إلى هذه الدرجة؟!