للإعلام أهميته في حياة الشعب البريطاني الذي يجبره المطر والبرد والثلج أحيانا على الجلوس في غرفة المعيشة يقلب القنوات أو الصحف، كما أنهم يميلون إلى السكن في الضواحي والعمل في المدن، مما يضطرهم إلى ركوب القطارات التي تُوزع فيها الصحف مجانا. لذا، الإعلام المرئي أو المقروء ينشط في هذه البلاد بعكس بلاد أخرى يجد الناس فيها ما هو أفضل من متابعة الإعلام لصرف الوقت. وربما بسبب ما مرت به هذه البلاد من طائفية، أصبح الناس فيها يكرهون الدين ويرون من الإهانة أن تظن أستاذك المتعلم والمثقف مسيحيا. فالمعتاد أن الدين للعوام وغير المتعلمين الذين يصدقون أكاذيب الكنيسة، هذا جعل كثيرا منهم يحمل موقفا من المتدينيين أيا كان دينهم، لكن وبسبب الأحداث الأخيرة أصبح الإسلام -في الإعلام البريطاني- هو الرمز الحقيقي للتأخر والتخلف والكراهية، وبطريقة ما أصبحت السعودية -مهد الإسلام- هي النموذج الأنسب لتوجيه الغضب من الدين عموما، ومن الإسلام خصوصا. في الإعلام البريطاني، تغيب المهنية تماما عندما يتعلق الأمر بالسعودية لما أشير إليه بالأعلى، وأيضا بسبب ملاك بعض الصحف مثل مالك صحيفة الإندبندنت الروسي، والذي تتعمد صحيفته النيل من السعودية بطريقة غير مهنية أبدا، وكذلك الصهيوني الشهير مردوخ صاحب صحيفة الصن. لدى الإعلام البريطاني طريقته في خداع المواطن البريطاني، وجعله ينساق وراء الكذبة دون أن يشعر، وكمثال بسيط شاهدنا مذيعة BBC وهي تحاور الدكتور المعلمي وتسأله بطريقة حاولت معها الإيحاء للشعب البريطاني أن بريطانيا تمنح السعودية السلاح مجانا، لكن فاتها ذكاء الرجل وسرعة بديهته ورده الحاسم. مثل هذه المذيعة لا تستطيع أن تقول لبريطانيا، لماذا لا تصنعين ما يفيد البشرية مثل آلات الزراعة والسيارات أو حتى الملابس؟ لكنها تعرف أن ذلك لن يفيد الاقتصاد البريطاني مطلقا. وفي حادثة البريطاني موزع الخمور الذي سجنته السعودية، تجاهلوا تماما أنه رجل خرق القانون في بلد تعهد قبل دخوله باحترام أنظمته، كما تجاهلوا 25 عاما قضاها في السعودية بأمن وسلام، مما يطرح سؤالا: هل كان مجبرا على الحياة في السعودية أم أنه كان يجدها طوال 25 عاما أجدر بالعيش والعمل من بلده التي تفرض عليه 40 % من راتبه كضرائب؟ في الحقيقة، إنك كسعودي لا تستطيع أن تشاهد كل هذا الكذب والافتراء وتبقى تتفرج، أو تضطر لشرح الحقيقة لكل من يقابلك ويسألك: هل هذا فعلا ما يحدث في بلادك؟ لذا، قرر مجموعة من الشباب السعوديين أن ينشئوا حسابا في "تويتر" يتصدى لكل هذا اللغط، ومناقشا لكل كاتب يكتب عن السعودية ويظن أن الردود لن تناقش صحة ما ذكر. أنشأ هؤلاء المبتعثون حسابا أسموه Saudi guardians، من الصعب ترجمة معنى مسمى الحساب، لكنك تستطيع إيجاد معناه عندما تتصفح الحساب وتشاهد ما يضيفه الفريق من تغريدات عن السعوديين ومنجزاتهم وأجمل الصور من بلادنا، ثم قد تجد نفسك وسط حوار جاد بينهم وبين أحد الكتاب أو الإعلاميين الغربيين، يبدؤونه بالحساب ثم يتابعون النقاش بحساباتهم الشخصية وينضم إليهم في بعض الأحيان حسابات سعودية مثل الأستاذ أبو سامي والأستاذ أحمد المالكي. من أبرز تلك النقاشات ما خاضه الفريق مع كاتبة بريطانية مسلمة قدمت شهادة جانبت فيها الصواب عن خدمات الحج، وانتهى بها النقاش إلى طلب إكماله على الخاص، بعد أن ثبت لجمهورها ادعاؤها وعدم صدقها فيما كتبت. يتابع الحساب عشرات المواقع الإعلامية الغربية وكثير من الإعلاميين الغربيين مثل النائب البريطاني والإعلامي جورج غالاوي وقناة فوكس 35 الأميركية والمذيعة ديبوراه اموس. يغرد الفريق باللغتين الإنجليزية والفرنسية، ويطمحون إلى إضافة أعضاء يجيدون لغات أخرى، لكن حتى هذه اللحظة يغرد ويعمل على مادة هذا الحساب حسن النجراني ونادية الشهراني وجمانة الراشد وحنان السريحي وسلطان المالكي وهياثم بن حشر، والدكتور علاء الغامدي، وهو بالمناسبة أستاذ زائر في جامعة ليدز، وأيضا المهندس عبدالرحمن الخلف وفارس المالكي وعبداللطيف العنزي وكاتبة المقال. كما أنه يسهم معنا دكتور من تونس يجيد الفرنسية ويحب السعودية ويؤمن بمبادئها وهو الدكتور محمد كريم. من جهة أخرى، أرغب أن أشير إلى نقطة مهمة، وهي أن السعودية تتعرض لحملة إعلامية ضارية، تحاول زرع قبول لدى الرأي العام لتهديد المملكة مستقبلا. لذا، لدينا كسعوديين واجب شرح موقفنا للأفراد في المجتمعات الغربية ومواجهة هذه الحملات ليس بالدفاع ولكن بتوضيح الحقائق وإزالة اللغط، وخير من نستعين بهم هم المبتعثون. أيضا من المهم التنويه إلى أن لدينا كثيرا من الأعمال التلفزيونية والمقالات التي تعبر إيجابا عن السعودية لكنها باللغة العربية، وهذا غير مفيد في عالم يتواصل باللغتين الإنجليزية والفرنسية، فلماذا لا تترجم هذه الأعمال فلن يكون ذلك مكلفا أبدا؟