.. اكتفيت أمس أكثر مما توقعت. حلمٌ أرجو أن يكون حقيقة. وواقعٌ أرجو أن يحقق حلمًا.. لماذا أربطهما؟ لأني أرى أن ما حدث أمس بأكبر شركة زيت في الدنيا : أرامكو، التي دشنت بحفل فخم مشروعا ضخما يراود الأحلام بعنوان : برنامج تعزيز القيمة المضافة الإجمالية في المملكة ويختصرونه في كلمة اكتفاء، واللقاء مع فتيات صغيرات بالأحساء شكلن مع معلماتهن فريقًا تطوعيا باسم : نحن لا أنا ورأيت أن المشروعين - رغم هائل الفرق في الحجم - صنوان في القيمة. لم يكن لي شرف حضور الحفل الكبير برعاية أمير منطقتنا الذي يقود هو أيضا منطقا جديدا يتسم بالقرب من الناس، والأهم القرب من أعمال الناس، فانظر ... إنه يهتم بجناح شاب يافع في معرض شباب الأعمال، ويوقع له على جدار ركن عرضه، ويعطيه ذات الاهتمام الذي رعى فيه ابتهاج أرامكو بمشروعها الواعد... جدًا، لأن المشاريع الكبرى - كما يفهمها قائد ناجح مثله - الأكبر منها القيمة الإنسانية وراء تلك المشاريع، وهنا الربط الجوهري. أرامكو قدمت مشروعا ذكيا متناميا فيه مرونة التغير والتغيير حسب الظروف ضمن علامات طريق رصينة. الفلسفة التي وراء موضوع الاكتفاء، هو التوجه الداخلي كما تسميه أرامكو لتعزيز القيمة الإضافية، وهذا مصطلح اقتصادي صحيح هنا. وأضيف : إنه أيضا يحدث شيئا موازيا في الأهمية يسمونه في علم الحضارات تغيير نهج الطبع السائد. فالطبع السائد مازال الاتكال الاقتصادي على الدولة، والدولة على النفط وصناعات متفرعة منه، ويبقى أن المصنِّع أو المورد السعودي لا ينظر كثيرا وراء الحدود. ما تخطط له أرامكو هو تعزيز فهم جديد، أن ننتقل من الاستيراد للتصدير في طيف منتجات عريض، وذلك قاعدة ذهبية تسعى لها كل دولة حريصة على أدائها الاقتصادي. اكتفاء لا يعزز القطاع الخاص بمصنعيه ومورديه، بل بتعزيز قدرات المصنعين والموردين أنفسهم، ليس لقلب الطاولة المقلوبة، لأنها مقلوبة من أصلها، لكن لتعديل الطاولة، فنستطيع باستقامة الجلوس. اكتفاء الشراكة المنصهرة للتطوير في فهم التعامل مع العالم كسوق نصل إليه وليس فقط سوقا يصل إلينا. وسأجد نفسي فخورا ومعجبا بالعقل المصمم وراء المشروع وقدرته في إدارة تغيير الطبع والنمط والاعتياد الذي نمنا عليه عقودا، وضبط معايير هذا الانصهار كي يسير قطار البرنامج، ويصل عبر محطاته المتعددة في السنوات الست المقبلة للمحطة الهدف أو الطموح، وهناك رقم من الأحلام نرجو من كل قلوبنا أن يتحقق وهو إيجاد نصف مليون فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، ولو أن الشركات الكبرى بالبلاد استلهمت هذا المشروع فسيأتي يوم نقلب فيه الحجر بعصا عن أن نطالب بوظيفة، ولا نجد.. حلما؟ربما.. حقيقة؟ ربما.. كله بعلم الله. فاتني حضور حفل أرامكو المبشر - بإذن الله - لأن موعدا مضروبا مسبقا مع الفريق التطوعي للفتيات الصغار. بدأنا معا اكتشاف أشياء نجهلها كي نعرفها، لأن الأثر العقلي الكبير فيما تتعلمه لا ما تُعَلَّمه، خرجت الفتيات الصغيرات وأنا وقد وضعنا وعدا مكتوبا، كل صغيرة أخذت ورقة فيها مساحة فارغة لتكتب بنفس اليوم بعد عشر سنوات - بعون الله - ماذا أصبحت. ربما تكون تلك الصغيرات ضمن هذا الحلم الكبير الذي سموه اكتفاء فيكون الحلم الذي نرجوه واقعا، يحقق الواقع الذي نريده ليواكب ذاك الحلم. لذا اكتفيت مرتين، وحضرت الحفلين، بقلبي، بوجداني.. وبكلمة أخرى تعرفها الصغيرات، وسيطبقنها - بإذن الله- سيقلنها لكم - بإذن الله - في يوم ما. وشيء آخر للفتيات وأرامكو : الاكتفاء ليس سقفا، بل علوٌ بلا سقف.