كثير من الشباب يعيشون في فراغ جسدي وفكري، فالبطالة الجسدية يمكن المحاجة فيها ورفع الأصوات لجميع الجهات المعنية بتسكين الشباب في وظائف تمكنهم من العيش الكريم.. وخلال السنوات الماضيات لم يشغل بال الرأي العام سوى إيجاد الفرص الوظيفية للشباب ليكتمل لديهم الجانب المادي بينما ظل الفراغ الفكري يعصف بهم من كل مكان في ظل غياب تام لمن يجيب على أسئلتهم الفكرية. ومعطيات الزمن مغايرة تماما لما كنا نعيش (فيه وبه) تحديدا في الجانب التثقيفي أو الديني، فغدت الأسئلة عميقة لا تستطيع الإجابات السطحية ردم اتساعها، ومعرفتنا بواقع الحال أن الشاب تفتحت عيونه على كم مهول من المعلومات والثقافات ولم يعد مرتهنا لما يقال في محيطه الاجتماعي هذا الانفتاح الثقافي والتقني المهولان لم يتزامن معهما الأشخاص القادرون على المحاجة والإقناع إزاء الأفكار المثارة فتم سحب بعض الشباب إلى دروب الشك، وطبيعة أي شاب طبيعة نزقة شاكة لا ترضيها الأقوال الجاهزة وتبحث عن كل جديد ولأننا مكثنا في خطابنا التثقيفي دهرا طويلا من غير تجديد أو تفكيك الأسئلة القادمة من حقل الفلسفة تعددت الشبهات ولم تجد أمامها ما يوازيها فلسفيا. في هذه الحزمة من الأفكار العميقة تاه الشاب في تناميها ومتاهاتها، ففي كل يوم تصادفه معضلة فكرية فلسفية ولا يجد لها وسيلة إقناع من قبل علمائنا وساهم في ابتعاد الشباب أن كثيرا من الإجابات تكون إجابة بعيدة جدا عن معطيات المعرفة الراهنة، مما يدفع الشاب إلى أن يجنح إلى التشكيك فيما يقال له. الآن ونحن ما زلنا نعيش في الفراغ الفكري لشبابنا (لنقل البعض) هل استطاع العلماء (ولنقل البعض أيضا) تطوير خطابهم وفق معطيات الزمن وفي ظل وجود خطابات متعددة كل منها ينتقص أفكار الغير من أجل اكتساب مساحة أكبر في شرائح الشباب؟ التباكي على ما يحدث من اجتذاب الشباب ليس حلا، فالحل وجود أناس قادرين على تفكيك الخطابات المفخخة وإيجاد عمق حقيقي في الرد على ما يقال.. فالعقل لا يرتهن على العادة بل يرتهن لكل ما يشبع نهمه الفكري ويجيب على أسئلته الحارة.