دعا مختصان في الشأن الاقتصادي إلى تأسيس جيل سعودي قادر على العمل في مجال تسويق التقنيات الحديثة الخاصة بقطاع الطاقة، مشترطين اتباع أساليب حديثة ومتنوعة في عمليات التسويق، بهدف تحقيق أكبر قدر من المكاسب التي تساهم في جني ثمار البحث العلمي الذي تنفق عليه المملكة مبالغ كبيرة. وأكد المختصان أن مراكز البحث العلمي في المملكة، مؤهلة اليوم لتحقيق ما تصبو إليه المملكة من أمنيات بتعزيز مبدأ اقتصاد المعرفة، وتنويع مصادر الدخل، بعدم الاعتماد على النفط، متوقعين أن يستوعب مجال تسويق التقنيات آلاف الشباب خلال السنوات الخمس المقبلة. ويصف د. إيان بروكتر مدير تسويق التقنية وبراءات الاختراع في وادي الظهران للتقنية، التابع لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، مجال تسويق التقنيات بأنه من المجالات الجديدة على المجتمع السعودي، ويقول: "رغم حداثته نوعا ما، إلا أن الحاجة له باتت ملحة اليوم أكثر من أي وقت مضى، لتوطين هذا القطاع، ومده بالكفاءات السعودية القادرة على تسويق ما يتم التوصل إليه من ابتكارات واختراعات في قطاع الطاقة، ليس على مستوى المملكة فحسب، وإنما على مستوى دول العالم"، مؤكداً أن "تسويق التقنيات هو السبيل الوحيد لجني ثمار الابحاث والاختراعات التي تتوصل إليها مراكز البحث العلمي في المملكة". 600 باحث وأضاف بروكتر أن وادي الظهران الذي يضم مراكز بحث علمي ل17 شركة محلية وعالمية، يحتاج إلى برامج جديدة تسهم في تسويق التقنيات التي يتم التوصل إليها، في خطوة تستهدف تحويل هذه التقنيات إلى منتجات متداولة في الأسواق العالمية"، موضحاً أن "حجم الاستثمارات في "وادي الظهران"، يتجاوز مليار ريال، وهناك 600 باحث وموظف يعملون في ثمانية مراكز تعمل حالياً بشكل كامل، إضافة إلى سبعة مراكز أخرى لا تزال قيد الإنشاء"، وتابع "استطاع هؤلاء الباحثون تسجيل نحو 55 براءة اختراع حتى نهاية عام 2014، قابلة للزيادة في قادم الأسابيع والشهور المقبلة، الأمر الذي يحتم علينا إنشاء مراكز تدريب لتأهيل جيل من الشباب السعودي على تسويق التقنيات الحديثة على مستوى العالم". ويضيف بروكتر: "استقطبنا في الوادي خبرات متخصصة في مجال تسويق براءات الاختراع، ويعمل هذا الفريق على تسويق البراءات، سواء المسجلة باسم جامعة البترول أو لدى مراكز الأبحاث في الوادي، وأعتقد أنه في القريب العاجل، سنرى نتائج عمل هذا الفريق على أرض الواقع". وتابع "لدينا في وادي الظهران على سبيل المثال الكثير من براءات الاختراع التي يمكن أن تحدث نقلة نوعية في قطاع الطاقة في الاقتصاد السعودي والعالمي، وهذا مشروط بتحويل براءات الاختراع تلك إلى منتجات حقيقية، وهذا الأمر دعانا في الوادي إلى فتح المجال أمام الكفاءات السعودية الواعدة، التي تمتلك القدرات والإمكانات التي تؤهلها لتسويق التقنيات الحديثة، ويساعدنا في هذا الأمر ارتباطنا بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، التي تمتلك كوادر سعودية من طلاب الجامعة، المتخصصين في قطاع النفط، وتحتاج هذه الكفاءات بعض التدريب والتأهيل في تسويق التقنيات". التأثيرات السلبية ويرى المحلل الاقتصادي والأكاديمي في جامعة الملك فيصل د. محمد بن دليم القحطاني أن الاقتصاد السعودي يمر بمرحلة صعبة، تتطلب تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على النفط كمصدر أساسي لهذا الدخل، وقال: "الدولة أنفقت على مراكز البحث العلمي في المملكة مبالغ ضخمة جداً، من أجل الوصول إلى مراحل متقدمة من استثمار العلوم الحديثة والتقنيات المتطورة، لتعزيز مبدأ اقتصاد المعرفة، وبخاصة في قطاع الطاقة"، موضحاً أن "وادي الظهران يعد من أهم المراكز العلمية حالياً في المملكة، ويستطيع بما يملك من إمكانات وقدرات وفرتها له جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، أن يعزز الاقتصاد السعودي بعدد وافر من براءات الاختراع التي سيكون لها مفعول السحر في مسيرة الاقتصاد السعودي". وأضاف "أؤمن أن المملكة تضم قدرات علمية جبارة في مجال البحث العلمي، وهذه العقول بإمكانها أن تقدم المزيد من الأفكار والاختراعات إذا وجدت من يحفزها ويدعمها، وهذا ما نترقبه ونأمله من مراكز البحث العلمي في المملكة" وأضاف: "أسعار النفط تتراجع عالمياً، ورغم ذلك، نجد أن المراكز العلمية في دول العالم المتقدم، تواصل عملها بهمة ونشاط، في مسعى منها للوصول إلى مصادر بديلة للنفط بكلفة منخفضة، وتأثيرات سلبية على البيئة أقل من تأثيرات النفط، وأعتقد أنه من الضروري أن تشارك مراكزنا العلمية، في هذا الوقت بالذات، المراكز العالمية نشاطها وبرامجها وأحلامها، حتى نحقق ما نحلم به ونصبو إليه"، موصياً بأن "تتركز الأبحاث العلمية على مصادر الطاقة البديلة، مثل الطاقة الشمسية". ورأى القحطاني أن "الوصول إلى اختراع ما، ليس هو الهدف في حد ذاته، وإنما الهدف هو تحويل هذا الاختراع إلى منتجات حقيقية في الأسواق، تجلب الفائدة لصاحب الاختراع"، مشدداً على أهمية أن "تكون هناك كفاءات تسوق للاختراعات والابتكارات الجديدة، وتصل بها إلى المستوى اللائق بها"، وقال: "قد نملك براءات اختراع ممتازة في محتواها العلمي، ولكن لا نملك الأساليب الحديثة التي تسوق هذه البراءات، لذا أدعو المراكز العلمية إلى الاهتمام بجانب التسويق، ودعمه بما يحتاج".