ما زالت مدينة الفلوجة، جنوب الرمادي، قلعة حصينة لتنظيم «داعش» بعد فشل عمليات عسكرية عدة للجيش في السيطرة على البلدات المحيطة بها، ويتّخذ منها التنظيم خطّ دفاع عن الفلوجة التي ما زالت بعيدة من عمليات الجيش البرية، فيما عملياته الجوية بالقصف توقع خسائر بين المدنيين، وفقاً لمجلس محافظة الأنبار. وأعلنت مصادر محلّية في الأنبار الليلة قبل الماضية، سقوط العشرات من القتلى والجرحى بقصف على مدينة الفلوجة، ونشرت مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لقتلى بينهم أطفال في الحادثة، وأكد مجلس محافظة الأنبار أمس الحادثة، ودعا القوات الأمنية إلى الدقة في تنفيذ القصف الجوي. وقال رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت، في بيان أمس، أن «مدينة الفلوجة تتعرّض بين الحين والآخر لقصف عنيف من الطائرات الحربية، وهذا القصف يطاول المدنيين الأبرياء ويوقع خسائر بين النساء والأطفال وكبار السن». وأضاف أن «مجلس الأنبار يدين ويستنكر القصف العشوائي الذي يطاول المدنيين بالفلوجة»، ودعا القوات الأمنية إلى أن «يكون القصف مركزاً على داعش بالمدينة، وإبعاده من المدنيين الذين تختبئ بينهم عناصر التنظيم، لتجنّب وقوع خسائر مادية وبشرية بينهم». وتابع أن «أهالي الفلوجة يطالبون القوات الأمنية بإيقاف القصف على المدينة وفتح ممرات آمنة للخروج من الفلوجة». وأشار إلى أن «التنظيم يحاصر الأهالي هناك ويستخدمهم كدروع بشرية، ويطالب الأهالي بدفع مبالغ مالية تصل إلى ستة آلاف دولار للأسرة الواحدة مقابل السماح لها بالخروج». وتلجأ القوات الأمنية وعدد من فصائل «الحشد الشعبي» المنتشرة في محيط الفلوجة، إلى القصف المدفعي وطائرات الهليكوبتر لاستهداف عناصر «داعش» في مركز المدينة، بعدما أقدم التنظيم على تحصينها من العمليات البرية عبر مشاغلة القوات الأمنية في بلدات محيطة بها. وقال محمد الجميلي، أحد شيوخ عشائر الفلوجة والموجود في ناحية العامرية شرق الفلوجة، لـ «الحياة»، أن «الفلوجة تمثّل خط إمدادات لتنظيم داعش في جبهات عدة في الرمادي وعامرية الفلوجة وجنوب بغداد». وأضاف أن «سر قوة داعش في الفلوجة لا يكمن في مركزها، وإنما في البلدات الثلاث المحيطة بها، وهي: الكرمة شمال شرقي الفلوجة والسجر شمال والصقلاوية غرباً، حيث حوّلها التنظيم إلى حائط صد وأماكن إشغال للقوات الأمنية وإبعادها من الفلوجة». وأشار إلى أن «القوات الأمنية أعلنت تنفيذ عمليات عسكرية عدة منذ شهور لتحرير هذه البلدات كخطوة مهمة لإبعاد داعش من بغداد وإطباق الحصار عليه في الفلوجة، لكنها فشلت في ذلك لأسباب عدة، بينها الطبيعة الجغرافية الزراعية وعدم امتلاك القوات الأمنية خبرة في طرقها ودهاليزها». وكانت الحكومة أعلنت في نيسان (أبريل) الماضي، تنفيذ عملية عسكرية واسعة لتحرير قضاء الكرمة حملت اسم «فجر الكرمة»، وأشركت فيها للمرة الأولى أفواجاً من «قيادة عمليات بغداد» في مهام خارج العاصمة، وحققت تقدماً في تحرير عدد من مناطقها، لكنها لم تنجح في تحرير مركز الكرمة حتى الآن. ولفت الجميلي إلى أن «غياب مصادر معلومات من داخل الفلوجة وخوف الأهالي بسبب إجراءات تعسفية يطبّقها داعش بحق السكان، يجعلان المعلومات الواردة في شأن معاقل داعش داخل المدينة غير دقيقة، ويؤدي القصف إلى أخطاء عسكرية توقع خسائر بين المدنيين يستغلّها التنظيم لمصلحته». وكشفت مصادر أمنية في الأنبار أمس، إقدام «داعش» على قتل شخصين من سكان الفلوجة رمياً من بناية عالية، بتهمة التعاون مع القوات الأمنية، ونشرت مواقع تابعة للتنظيم صوراً عن تنفيذ عملية القتل. في الرمادي، قال رئيس اللجنة الأمنية في مجلس قضاء الخالدية إبراهيم الفهداوي، أمس، أن «القوات البرية من مختلف صنوف الأجهزة الأمنية وبدعم من طيران التحالف والقوات الجوية العراقية، أطلقت أمس عملية تطهير القاطع الشرقي للرمادي من جهة منطقة حصيبة وتل مشيهد». وأضاف أن «الهدف من هذه العملية العسكرية، اكتمال ربط القوات البرية من المحور الشمالي بالشرقي وصولاً الى القاطع الجنوبي للرمادي، وبهذا يتم قطع إمدادات التنظيم من محاور المدينة كافة».