دشنت قرية السنابس، مؤخراً، مشروعها الاجتماعي المعنون بـ «القلوب الطاهرة»، والذي يستهدف مساعدة الشباب من الجنسين، لاختيار شريك الحياة بطريقة أفضل وأسهل. ويكتسب المشروع، وفقاً للقائمين عليه، أهميته، من وحي الحاجة المجتمعية لتقليل المشاكل الناتجة عن طريقة الاختيار، والتي يطالها الاستعجال أو قلة الخبرة والوعي بأهمية وقدسية العلاقة الزوجية. توضيحاً لذلك، يقول الناشط الاجتماعي سعيد حبيب (أحد المؤسسين للمشروع): «يتولى المشروع، الذي حظي بمباركة وتأييد علماء الدين، مجموعة مهام، تشمل استقبال وتسجيل البيانات التي تحفظ بطريقة يسهل الحصول عليها»، مشدداً في هذا الصدد على سرية البيانات، ومشيراً إلى العمل بموازاة ذلك على القيام بدور توعوي يختص بالعلاقة الزوجية وتكوين الأسرة السعيدة والمستقرة، مدعوماً ذلك باستبانات ذات صلة بالموضوع. وأضاف «غايات المشروع، الذي هو عبارة عن جهود أهلية لأفراد من المجتمع، تتركز في توفير فرص أفضل للشابات العفيفات، والحد من نسب الطلاق المتزايدة»، لافتاً إلى أن عمل المشروع لا يقتصر على منطقة السنابس فقط، ومعبراً عن أمل القائمين عليه في تعاون مجتمعي من أجل نجاح المشروع، يشمل ذلك تقديم الآراء والانتقادات البناءة. يأتي ذلك، في ظل تأكيدات لاجتماعيين، تتحدث عن انتشار المشاكل الأسرية الناجمة عن جملة أسباب من بينها «سوء اختيار شريك الحياة»، والتي تنتهي في بعض الأحيان للطلاق، وأخرى لظاهرة التصدع الأسري، وسط مطالبات لوزارة التنمية الاجتماعية بالقيام بدور اجتماعي أكبر في هذا الجانب. بدورها، سعت «الوسط» لاستيضاح الجهود المبذولة من قبل وزارة التنمية الاجتماعية، تحديداً في مجال الرعاية والتأهيل الاجتماعي، دون الحصول على تعقيب على الأسئلة التي ظلت أكثر من شهر بحوزة الوزارة. وفي الحديث عن ظاهرة التصدع الأسري، تؤكد جمعية الاجتماعيين البحرينية إنجازها دراسة خاصة بذلك مع بداية العام الجاري، دون الإفصاح عن نتائجها التي شملت 400 أسرة. من جانبه، يعرف الباحث الاجتماعي نادر الملاح، مصطلح التصدع الأسري على النحو التالي «يُستخدم هذا المصطلح للإشارة إلى حالة عدم الاستقرار في الأسرة، وهو مصطلحٌ عام يشمل حالات التفكك في العلاقات الأسرية ليس فقط في حال الانفصال الشرعي بين الزوجين سواء بالطلاق أو غيره، وإنما حتى مع الاستمرار الشكلي في العلاقة الزوجية وسط غيابٍ للحالة العاطفية أو الاحترام». وفي رده على حجم انتشار الظاهرة بين البحرينيين، قال الملاح «يصعب تحديد حجم المشكلة بصورة دقيقة في أي مجتمع ليس لقصورٍ في الأدوات البحثية أو المسحية، وإنما لما يندرج تحت هذا العنوان العام من حالات مُزيفة، إن صح التعبير، حيث أن الشكل العام للأسرة قائم، لكن الروابط الأسرية والارتباط العاطفي بين أفرادها يكون غائباً أو يعاني من الخلل»، لافتاً إلى أن مشكلة التصدع الأسري، ليست كالطلاق بحيث يمكن رصد حجمها من السجلات الرسمية لدى الجهات المعنية في الدولة. وأضاف «كما لا يمكن التعويل على المسوحات سواء المكتبية أو الميدانية، حيث يتجنب الكثير من الأفراد التعبير عن حقيقة مشاعرهم وعواطفهم، لذا، فإن السبيل الوحيدة لرصد هذه المشكلة تتمثل في «دراسة الحالات» من خلال مراقبة المؤشرات ذات العلاقة كالجرائم والمخدرات والانحرافات السلوكية والتأخر الدراسي وغيرها». أما أسباب المشكلة، فيوضحها الملاح بالقول «للتصدع الأسري أسبابٌ عديدة تبدأ من سوء الاختيار مروراً بضعف الثقافة الأسرية، وتمتد لتشمل السلوكيات الفردية والمجتمعية، والوضع الاقتصادي للأسرة، وغير ذلك من الأمور. إلا أننا لو أردنا الإجمال في ذلك تحت عنوان عام، فلنا أن نقول أن السبب الرئيس يكمن في الثقافة الأسرية»، مقترحاً في هذا الصدد صياغة البرامج العملية لتصحيح هذا الخلل، وترويج وتعزيز الثقافة الأسرية السليمة. ورغم إقراره بأهمية قوانين الأحوال الشخصية، إلا أن الملاح لا يتفق مع من يصنفها كأداة من الأدوات العلاجية لحالات التصدع، وأردف «مهمة هذه التشريعات هي ضبط الجوانب الحقوقية من خلال الأدوات القانونية والجزاءات وما إلى ذلك، بينما لا تسهم في المعالجة النفسية أو الذهنية أو الثقافية لأفراد الأسرة إلا باليسير وبطريقٍ غير مباشرة. أي أن تأثير العلاج من خلال التشريعات محدودٌ جداً إن لم يكن معدوماً». بموازاة ذلك، ركز الملاح في حديثه على دور مكاتب الإرشاد الأسري، منتقداً الدور المعكوس لعدد منها والذي «يكون سبباً في المشكلة في بعض الأحيان عِوَض أن يكون مصدراً للعلاج، والسبب في ذلك هو أن معظم هذه المكاتب تُدار بطريقة تجارية ويخلو معظمها من المؤهلين والمختصين في الإرشاد الأسري والعلاقات الزوجية، الأمر الذي يوجب التشديد في الترخيص لهذه المؤسسات وإخضاعها للرقابة المستمرة».