يحتل جهاز الأمن الرئاسي أهمية كبرى بين الأجهزة الأمنية التونسية، واكتنفت أنشطته الكثير من الغموض، خاصة في عهد بن علي، وتطغى عليه صورة السلطة والقوة. وأعادت عملية استهداف الأمن الرئاسي بهجوم إرهابي الأسئلة حول هذا الفرع من القوات الأمنية، وطرحت تساؤلات حول مدى محافظتها على نفس مستوى التدريب والتسليح، كما كان الأمر عليه في العقود الماضية. وللتأكيد على الأهمية التي تحظى بها قوات الأمن الرئاسي، فقد كان هذا الجهاز الأمني قبل سنة 1988، أي بعد سنة من وصول الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي إلى السلطة، تابعا لوزارة الداخلية، إلا أن بن علي ألحقه برئاسة الجمهورية وأبعده عن بقية الأسلاك الأمنية. والمعروف عن هذا السلك الأمني أن عناصره تخوض اختبارات ذهنية وجسدية قاسية قبل الانضمام إليه، وتتم عملية الانتقاء بشكل صعب، خاصة لأصحاب الإمكانيات المتوسطة على المستوى البدني، وغيره. كما يخوض أغلب عناصرها تدريبات في الولايات المتحدة وفي بعض دول الاتحاد الأوروبي، على أحدث الأسلحة والتقنيات الأمنية. ويكلف الأمن الرئاسي بحماية رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان، وكبار ضيوف تونس الرسميين. ومن مهامه كذلك، حماية القصر الرئاسي بقرطاج، وقصر الحكومة والبرلمان وجل المقرات السيادية. وعلى وجه العموم، توكل للأمن الرئاسي مهمة «إبادة المهاجمين وتأمين الجهات المستهدفة». ويذكر أن الجنرال علي السرياطي، المعروف بالرجل القوي في نظام بن علي، قد تحمل مسؤولية المدير العام للأمن الرئاسي خلال السنوات التي سبقت الإطاحة بالنظام التونسي السابق، وحملته جمعيات حقوقية تونسية المسؤولية عن عمليات القمع والقتل التي حصلت في تلك السنوات، خاصة خلال الحرب المفتوحة التي قادها نظام بن علي ضد خصومه السياسيين وخصوصا من التيار الإسلامي. ويتولى توفيق القاسمي محافظ شرطة عام صنف واحد، ومستشار لدى رئيس جمهورية، مهام المدير العام السابق للأمن الرئاسي. وهو قيادي أمني التحق بالسلك الأمني منذ 22 سنة، وتقلد كل الرتب في الإدارة العامة للأمن الرئاسي إلى أن أصبح مديرا عاما لهذا السلك الحساس. كما كان من المنتظر أن يتم تعيين محافظ شرطة عام صنف أول توفيق القاسمي في خطة قنصل عام لدى ألمانيا، ولكن تجربته الأمنية جعلت رئيس الجمهورية يقرر تعيينه خلال بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في ليبيا التي تعرف أحداثا أمنية خطيرة، غير أنه رفض هذا التعيين.