ليس الأمر مُحبطًا بالمُطلق، فهناك مكاسب وخسائر، والعكس حاضر دائمًا.. حين تذهب صباحًا لفرع بنك أو شركة اتصالات؛ تمشي على الرخام، وتنعم ببرودة الهواء، وتشاهد مُوظَّفًا مُبتسمًا يقول لك: (أستاذي)، ومِن فرط تأنّقه تتذكَّر إعلانات أمواس الحلاقة! ولو انتظرت فأمامك شاشة بلازما، ونادل آسيوي مُبتسم ببذلة مُضيف جوّي، يسألك: ماذا تشرب؟! وتنسى من شدّة اللطف، أن خدمات ما بعد السلعة لا نادل فيها ولا برودة. ولو فازوا بكل ما في جيبك، لحظتها، فقد كسبتَ ماديًا بمعنوياتٍ مرتفعة.. وتخرج سعيدًا، لتراجع معاملة لك بفرع إحدى الدوائر الخدمية.. ربما ضمان اجتماعي أو بلدية أو.. أو..، تمشي على مُربّعات البلاط الشطرنجي، بممر طويل وحار، وتدخل مكتبًا واسعًا ثلاثي الأفراد، تجد اثنين منهما فقط على الأرض يغمسان التميس في علبتي الفول والعدس. يدعوانك فتعتذر.. وتنتظر على كراسي الانتظار الثلاثية بالمكتب! تشاهد جوّالك، ونادل النظافة الآسيوي بزيّه البرتقالي على بلاط الشطرنج يتضوّر جوعًا، وينتظر بقايا العلب التي جاء بها! تتأمل ماصة صغيرة عليها سخّان ماء كهربائي، وأكواب أجبان فارغة لامعة، وعلب سكر وشاي، وطفاية سجائر مكتظة، وكومبيوترين على شاشتيهما مُربَّعات لعبة الكوتشينة. لحظات والموظفان على مكتبيهما.. وتنسى إعلانات أمواس الحلاقة وأنت تشاهدهما. ولا يُفاجئك حين يُفاجئك أحدهما أن معاملتك بمكتب الموظف الثالث الغائب. لا تهتم.. فمتسامح أنت، حيث إن مكسبك المعنوي والمادي أولًا رسالة من البنك بإيداع قرضك، ونكتة قوية قالها الموظَّف لزميله الآخر وسمعتها أنت، وذلك بعد أن جاءته من رسالة جوّال، ومن شدة الضحك تُعطي الموظف -راعي النكتة- رقمك، ليس ليتصل عليك إذا جاء الموظف الغائب، إنما ليُرسل لك النكتة! Twitter:@9abdullah1418 Asalgrni@gmail.com