أعلنت موسكو أمس الخميس (26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015) أنها تستعد لاتخاذ تدابير اقتصادية ضد أنقرة، فيما حاولت هذه الأخيرة التخفيف من حجم الحادث عبر التأكيد أنها لم تعلم بأن الطائرة روسية قبل إسقاطها. في الوقت نفسه، أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان أن تركيا لن تعتذر عن إسقاط الطائرة كما طلب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. وأعرب أردوغان عن أسفه لعدم رد الرئيس الروسي على اتصالاته الهاتفية بعد أن أسقط سلاح الجو التركي طائرة روسية على الحدود السورية الثلثاء الماضي. وقال في مقابلة مع قناة «فرانس 24» الفرنسية «بعد الواقعة اتصلت ببوتين لكنه حتى الآن لم يرد». وأضاف «كنا ربما منعنا بطريقة أخرى هذا الانتهاك للمجال الجوي» لو «عرفنا أن الأمر يتعلق بطائرة روسية». وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر عن أسفه لعدم تلقي روسيا «اعتذارات واضحة من قادة تركيا ولا عروض للتعويض عن الأذى والضرر، ولا وعود بمعاقبة المجرمين المسئولين عن جرائمهم» بعد إسقاط الطائرة. وأضاف «لدينا الانطباع بأن القادة الأتراك يقودون عن وعي العلاقات الروسية التركية إلى طريق مسدود». إلا أن أردوغان رد في مقابلة مع قناة «سي إن إن» الأميركية أن «هؤلاء الذين انتهكوا مجالنا الجوي يجب أن يعتذروا، وطيارونا وقواتنا المسلحة قاموا بواجبهم فقط». وتصاعد التوتر بين موسكو وأنقرة منذ إسقاط تركيا طائرة حربية روسية كانت تقوم بعمليات قصف قرب الحدود، إذ أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس (الخميس) نشر منظومة الدفاع الجوي إس - 400 في قاعدة حميميم الجوية شمال غرب سورية. وأوضحت الوزارة على صفحتها على موقع «فيسبوك»: «وفقاً لقرار القائد الأعلى للقوات المسلحة (فلاديمير بوتين)، تم تسليم ونشر منظومة الدفاع الجوي إس - 400 ونحن على استعداد لاستخدامها بفعالية في قاعدة حميميم الجوية الروسية في سورية». ونشرت الوزارة صوراً لهذه المنظومة المتحركة والمتطورة للدفاع الجوي. ويأتي هذا الإعلان بعد يوم من طلب بوتين نشر هذه البطاريات من صواريخ الجيل الأخير من أجل «ضمان أمن وسلامة طائراتنا القتالية في سورية». ولدى انتهاء التدخل العسكري الروسي في سورية، لن يتم بيع منظومة إس - 400 إلى دمشق بحسب مستشار بوتين للتعاون العسكري والتقني، فلاديمير كوجين بحسب تصريحات نقلتها مساء الخميس وكالة «ريا نوفوستي». وأعلن الجيش الروسي أمس (الخميس) أنه «دمر» مجموعات للمسلحين كانت في منطقة تحطم طائرة السوخوي. وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشنيكوف «ما أن أصبح طيارنا في أمان حتى تعرضت المناطق المعنية لفترة طويلة لضربات مكثفة من القاذفات الروسية ومدفعية القوات الحكومية السورية». وأضاف «تم تدمير كل الإرهابيين والمجموعات الظلامية الأخرى التي تنشط في المنطقة». من جانب آخر، طلب رئيس الوزراء الروسي، ديمتري مدفيديف أمس من حكومته إعداد سلسلة إجراءات اقتصادية في غضون أسبوعين رداً على «العمل العدائي» لتركيا. والمح من دون الخوض في التفاصيل إلى إمكان تعليق مشاريع مشتركة وزيادة التعرفات الجمركية وتقييد تحركات الطائرات التركية في المجال الجوي الروسي والسفن التركية في المياه الإقليمية الروسية. كما قد يتأثر تشغيل اليد العاملة التركية في روسيا. وهذه التدابير يمكن أن تعرض للخطر استمرار بناء أول محطة للطاقة النووية في تركيا في أكويو (جنوب) والقضاء على مشروع خط أنابيب غاز توركش ستريم الذي يعاني من صعوبات والذي تريده موسكو مدخلاً للغاز الروسي إلى جنوب أوروبا. وأعلن وزير الزراعة الروسي، الكسندر تشاكيف الخميس تشديد الرقابة على المنتجات الزراعية والغذائية المستوردة من تركيا. وبمعزل عن المواد الغذائية، تشير الصحافة الروسية إلى أن الجمارك تعاين بدقة جميع البضائع التي تصل من تركيا، ما يسبب تأخيراً وعراقيل. كما دعت وزارة الخارجية الروسية الرعايا الموجودين حالياً في تركيا إلى العودة إلى بلادهم «بسبب التهديد الإرهابي القائم حالياً». وذكرت وسائل الإعلام التركية أن خمسين سائحاً تركياً أعيدوا من مطار موسكو منذ الثلثاء رغم الإعفاء من تأشيرة الدخول بين البلدين. من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية التركية أنها استدعت أمس السفير الروسي في أنقرة لإدانة أعمال العنف التي استهدفت سفارتها في موسكو. وقالت الوزارة في بيان «نشعر بالاستياء من رؤية ممثلياتنا في روسيا والمؤسسات التركية في هذا البلد تقع ضحية هجمات مادية تحت غطاء تظاهرات». ودانت الوزارة هذا الوضع «غير المقبول». وفي تطور آخر، أكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين لنظيره الفرنسي فرنسوا هولاند أمس (الخميس) في موسكو استعداد بلاده للتعاون في معركة مكافحة الإرهاب في سورية، رداً على دعوة هولاند تشكيل «ائتلاف واسع» ضد تنظيم «داعش». وقال الرئيس الفرنسي للصحافيين في بداية لقائه مع بوتين «يجب أن نشكل معاً هذا التحالف الواسع لضرب الإرهاب (...) حتى يتسنى لجميع الدول التحرك ضد الإرهاب وضد داعش». وأضاف «لذلك جئت إلى موسكو لنحدد كيف يمكننا التحرك والتنسيق للوصول إلى هذه المجموعة الإرهابية». وأكد بوتين «استعداده لهذا التعاون». وقال إن «هذا التحالف ضروري جداً وهنا تتقاطع مواقفنا»، مشيراً إلى ضرورة «توحيد الجهود في الحرب ضد الشر المشترك». وقال هولاند في موسكو «يجب أن نبادر لتكون هناك أعمال مكثفة ضد هذا الإرهاب»، مؤكداً ضرورة «البحث عن حل سياسي في سورية» أيضاً. واتهمت روسيا الغاضبة تركيا بأن لها صلات مع تنظيم «داعش»، وندد بوتين مرة أخرى الخميس بأولئك الذين «يغطون تهريب النفط والبشر والمخدرات والأعمال الفنية والأسلحة». لكن أردوغان نفى أن تكون تركيا تسمح بمرور مبيعات النفط للتنظيم المتطرف او تستفيد منها. قائلاً إن «الذين يتهموننا بشراء النفط من داعش من واجبهم إثبات اتهاماتهم وإلا فهذا افتراء». واعتبر في خطاب ألقاه في أنقرة أن التزام أنقرة مكافحة تنظيم «القاعدة»: «لا جدال فيه». وأضاف أن «داعش يبيع النفط الذي يستخرجه إلى الرئيس السوري بشار الأسد (...) تحدثوا عن ذلك مع الأسد الذي تدعمونه».