شكلت وثيقة «نوسترا إيتاتى» مرحلة تاريخية جديدة منذ صدورها في العام 1965، وعلى مدى طوال نصف قرن ساهمت هذه الوثيقة في تعزيز الحوار وتوطيد العلاقات والفهم المتبادل بين أتباع الأديان، بهذه المناسبة أقام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا لقاء حول وثيقة «نوستراايتاتي « التي عالجت العلاقات بين أتباع الأديان. جاء ذلك في كلمة ألقاها معالي الأمين العام للمركز الأستاذ فيصل بن معمر تاريخ الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، مؤكدا أن الوثيقة إنجاز يستحق الاعتراف، في فتح صفحة تاريخية للعلاقة مع الأديان الأخرى ، وأنها ساهمت في تعزيز الحوار بين أتباع الأديان لمواجهة بعض التحديات التي يعاني منها عالمنا اليوم. وركز معاليه على أهمية الحوار بين أتباع الأديان والثقافات ، وداعيا إلى أهمية الإسراع في تطبيقه على أرض الواقع قائلا: « من خلال اجتهاداتنا وأعمالنا نجتمع اليوم لأننا نؤمن جميعاً بأهمية التنوع الديني والثقافي في المجتمعات ، والاتفاق على أن الدين عنصر جوهري في حياة البشرية ، ويساعد المجتمعات على مواجهة مختلف التحديات خصوصاً ما يواجه العالم بصفة عامة والعالم الإسلامي بصفة خاصة اليوم من تطرف وإرهاب ونزاعات واحتلال وظلم وتشريد وشدد معاليه على أهمية إيقاف المحاولات السياسية والإعلامية لربط الإرهاب والتطرف بالدين أي دين كان ، والحذر من تأجيج الصراع بين الحضارات تحت غطاء الكراهية للدين وأتباعه. وأكد في كلمته على أهمية مبادرة الحوار بين أتباع الأديان والثقافات التي انطلقت من المملكة العربية السعودية وأنها حظيت بدعم الدول الإسلامية وعلماء المسلمين ومشاركة الفاتيكان ودعم الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وأنها بدعم المملكة العربية السعودية والنمسا وإسبانيا الدول المؤسسة وعضوية الفاتيكان العضو المراقب تساهم في تعزيز المشتركات الإنسانية وترسيخ التفاهم والتعاون بين المجتمعات الإنسانية عن طريق الحوار واحترام التنوع ومكافحة التطرف والإرهاب وتعزيز دور القيادات الدينية في نشر الوسطية والاعتدال . من جانبه ، أعرب الكاردينال كريستوف شونبورن رئيس أساقفة الكنيسة الكاثوليكية في النمسا خلال الكلمة الافتتاحية لجلسة الحوار «نوسترا إيتاتى» عن سعادته بالمشاركة في نقاشات المركز ، مشيداً بالحوار بين أتباع الأديان والثقافات خصوصاً بعد مرور نصف قرن على إصدار هذه الوثيقة ، وقدم الكاردينال عرضاً شاملاً عن أهداف الوثيقة وتأثيرها في فتح صفحات جديدة في العلاقات مع أتباع الأديان والثقافات . وقد جمع الحوار ممثلين من القيادات الدينية المتنوعة في النمسا، وأعضاء مجلس إدارة مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات. وخلال الحوار أثنى الكاردينال على عمل المركز الذي يعزز قيم الحوار والمشتركات الإنسانية بين أتباع الأديان، ومبادراته المتنوعة في مناطق الصراعات. وخلال الجلسات الثلاث، ناقش المشاركون في اللقاء مفهوم الوثيقة وتأثيرها على العلاقة مع أتباع الأديان والثقافات ومستقبل الحوار بين أتباع الأديان. وضم الحوار ممثلين عن الديانات المتنوعة منهم أعضاء مجلس إدارة المركز ، من المسلمين واليهود والمسيحيين والبوذيين والهندوس بالإضافة إلى ممثل من السيخ وخبراء من جامعة فيينا و معهد اللاهوت والدراسات النفسية الدينية. وقد ركز المتحدثون في اللقاء على محتويات وثيقة ’نوسترا إيتاتى‘، التي تعد خطوة رائدة في تعزيز الحوار بين أتباع الأديان، وأكدوا على ضرورة مواصلة نشر ثقافة الحوار والتعاون بين أتباع الأديان والثقافات بهدف التصدي لتحديات العصر الحديث الذي يشهد تنوعًا وتغيرًا متسارعا، خاصة في ظل العنف المتزايد باسم الدين. وقد أكدت المداخلات على خطورة نشر الكراهية واستهداف المجموعات الدينية وأهمية عدم ربط الإرهاب والتطرف بأي دين كان ، وضرورة تعزيز الحوارات بما يحقق التعاون والتفاهم حول المشتركات الإنسانية ، وتوجيه نداءات خاصة لوسائل الإعلام وللقيادات السياسية بضرورة احترام التنوع وعدم الإساءة للأديان وتعميق الحوار والتعاون لترسيخ الأمن والسلام .