لا يكاد يخلو أي تصريحٍ لمسؤولٍ من الإشادة بمشاريع مؤسسته، ومدح مخرجاتها والتبشير بجودتها، وتميز خدماتها، بل والمراهنة على تفردها واكتمالها، وطمأنة المواطن المستفيد من تلك الخدمات على حاضره ومستقبله الذي ترعاه -بعد رعاية الله- أعين وقلوب المسؤولين! لكن المفاجأة التي تحدث للمواطن بعد أن (تُسكره) التطمينات، و(تُخدره) التصريحات؛ ما يشاهده ويلمسه في الواقع من التناقض بين أقوال المسؤولين وأفعالهم؛ ففي الوقت الذي يؤكد فيه كل مسؤولٍ على جودة ما يقدمه للمواطن من خدماتٍ على (أرقى المستويات)؛ جديرة باحتفاء المواطن وثقته؛ يجد أنّ ذلك المسؤول هو أول من لا يثق بما صنعته يداه، فإن مرض (أحد المسؤولين)؛ لم يتعالج في أحد المستشفيات الحكومية، بل يهرع إلى خارج حدود الوطن طلباً للشفاء، وإن أراد (الآخر) تعليم أحد أبنائه؛ لم يُلحقه بالتعليم (العام)، بل يختار له تعليماً (خاصاً ونوعياً) في داخل البلاد أو خارجها، وإن عزم (ثالثٌ) على السفر الداخلي؛ سافر جواً ولم يستخدم الطرق البرية التي يسلكها المواطنون، وإن قرر (رابعٌ) السياحة؛ لم يتجول في المصايف الداخلية، بل لا يقضي إجازته إلا في عواصم العالم البعيد، وهكذا الحال مع معظم المسؤولين؛ ليشعر المواطن أن كل ما يروِّج له المسؤول الكريم فيما يخص الخدمات التي يُشرف عليها لا يعدو كونه كلاماً شعاراتياً للاستهلاك الإعلامي؛ تُباع فيه الوعود على البسطاء والحالمين! ختاماً؛ كم نتمنى أن يُلزم كل مسؤولٍ (بمشاركة) المواطنين فيما يقدمه لهم من خدماتٍ (بلا استثناء)، وليأكل المسؤولون مما يطبخون؛ حتى لا تصبح لدينا خدماتٍ (عامة) للمواطنين، وأخرى (خاصة) للمسؤولين!