أكد مختصون في شؤون القضايا الأمنية والإرهاب، حرص الأجهزة الأمنية السعودية على إجهاض المشاريع والأنشطة الإرهابية، بما فيها الصادرة من أفراد وجماعات، مشيرين إلى اكتساب هذه الأجهزة خبرات كبيرة في مواجهة الجماعات الإرهابية، ومحاصرتها تمويلاً ولوجستياً، بعد أن أعلنت وزارة الداخلية السعودية أمس، عقوبات على قياديين ومسؤولين من «حزب الله» اللبناني، على خلفية مسؤولياتهم عن عمليات لمصلحة الجماعات الإرهابية في مناطق مختلفة من الشرق الأوسط. بدوره، أكد رئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور عبدالعزيز بن صقر، خطورة جماعة «حزب الله» على المملكة. وقال لـ«الحياة»: «حزب الله اللبناني، وأفرعه التي تستخدم الاسم ذاته المعروفة في العراق والكويت، لا تقل خطراً وتهديداً عن أي تنظيم إرهابي محترف آخر»، مؤكداً أنها تُشكل «تهديداً للأمن الوطني السعودي والأمن القومي العربي». وأضاف ابن صقر: «على رغم أن الأضواء مسلطة على جرائم «داعش»، والجهود مركزة على محاربته، فإن إغفال حقيقة حزب الله ودوره التخريبي لمصلحة إيران هو خطأ أمني كبير»، مستشهداً في علي موسى دقدوق، الذي ورد اسمه في قائمة وزارة الداخلية السعودية أمس. وقال: «هذا الشخص يُعتبر أحد رؤوس الإرهاب الإيراني الذي مورس ضد الشعب العراقي. وهو مسؤول عن عمليات تصفية عدد كبير من ضباط الجيش العراقي الذي قاتل إيران، وخصوصاً طياري سلاح الجو العراقي السابق، كذلك تصفية علماء العراق في جميع المجالات العلمية. واعتقلته القوات الأميركية بالجرم المشهود داخل العراق. ولكن حكومة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي أطلقت سراحه، ليعود إلى لبنان، ويعمل بخدمة المخابرات الإيرانية». من جانبه، قال الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية أحمد موكلي لـ«الحياة»: «إن المملكة لا تفرق بين إرهاب جماعة وأخرى، فالإرهاب عقيدة واحدة، والمملكة لديها معايير ومحددات لتصنيف الإرهاب والإرهابيين. تطبقها على الجميع، سواء أكانوا منظمات أم أفراداً، ولديها نظام جرائم الإرهاب وتمويله»، مؤكداً أن أنشطة حزب الله الإرهابية توسعت، وخصوصاً بعد قيام الثورة السورية، وتدخله عسكرياً فيها، إلى جانب النظام بدعم من إيران». وأضاف موكلي: «اتخذت المملكة موقفاً صارماً وحازماً تجاه النظام في سورية، ومن يقف خلفه». وتابع: «إن النظام السوري وخلفه النظام الإيراني يستخدمون حزب الله أداة وذراعاً رئيسة في تنفيذ أعمال إرهابية في داخل سورية وخارجها، ويستهدفون الدول التي تقف إلى جانب الشعب السوري. ومن هنا فإننا لا نستغرب أن يقوم هذا الحزب وقادته بأي نشاط واستهداف لمصالح المملكة في الداخل والخارج، بل واستهداف الحلفاء». ورأى الباحث الموكلي أن بيان وزارة الداخلية أمس يؤكد «سعي المملكة لإجهاض كل مشاريع الحزب وأنشطته، ومن يقف خلفه في كل مكان، بمشاركة أصدقائها في أنحاء العالم»، لافتاً إلى أن نشر الأجهزة الأمنية السعودية هذا البيان، الذي يتضمن أسماء قيادات الحزب يؤكد «خبرة هذه الأجهزة وقوتها الاستخبارية، التي اكتسبت خبرات كبيرة خلال محاربتها الإرهاب بأشكاله وصوره كافة». من جهته، أوضح الباحث في الشؤون الأمنية والقضايا الفكرية ومكافحة الإرهاب والأمن الإلكتروني الدكتور محمد الهدلاء أن بيان وزارة الداخلية الأخير حول تصنيف أفراد وكيانات إرهابيين؛ لارتباطهم بتنظيم حزب الله «يؤكد أن المملكة ستواصل مكافحتها الأنشطة الإرهابية لحزب الله بالأدوات المتاحة كافة. كما ستستمر في العمل مع الشركاء في أنحاء العالم بشكل ينبئ عن أنه لا ينبغي السكوت من أي دولة على مليشيات حزب الله وأنشطته المتطرفة، تثبت بما لا يدع أي مجال للشك بأن المملكة صاحبة رسالة متعددة المعاني، في مقدمها أنها دولة تقف بصلابة ضد الإرهاب، وتضع نفسها في مقدم الدول التي تعهدت بكل شجاعة وإصرار على محاربته، وأن سياستها تعتبر ترجمة حقيقية لما تؤمن به من قيم ومبادئ إنسانية وأخلاقية تستمدها من الدين الإسلامي». وتابع الهدلاء: «يُعبِّر البيان عن رؤية استشرافية تقيس بدقة حجم المخاطر التي يحملها هذا الحزب والأجندة الدولية التي تقف خلف تمويله، حتى أصبح هذا الحزب بندقية مأجورة لمن يدفع له هذا الحزب الذي ثبت بما لا يدع مجالاً لشك أنه سبب الفراغ السياسي الحاصل في لبنان، وثبت للعالم تلطخ أيدي قادته بدم الشعب السوري، كما ثبت لنا من خلال أجهزتنا الأمنية أنه يقف خلف كثير من الحوادث الإرهابية، ويقف خلف تهريب الأسلحة والمخدرات إلى دول الخليج العربي». وأضاف الباحث الأمني: «استند قرار المملكة بتصنيف الأسماء وفرض عقوبات عليها، إلى نظام جرائم الإرهاب وتمويله، الذي يستهدف الإرهابيين وداعميهم، ومن يعمل معهم، أو نيابة عنهم، إذ يتم تجميد أي أصول تابعة لتلك الأسماء المصنفة، وفقاً للأنظمة في المملكة، ويحظر على المواطنين السعوديين القيام بأي تعاملات معهم»، مؤكداً أن «المملكة ستواصل مكافحة الأنشطة الإرهابية لحزب الله بالأدوات المتاحة كافة، والتي تخطت حدود لبنان». وأشار الهدلاء إلى أن قرار المملكة الأخير حول قيادات حزب الله، «لم يكن الأول، إذ شاركت دول مجلس التعاون الخليجي في قرار تجريم الحزب، ووضعته على قائمة الإرهاب من قبلُ. ثم إن المملكة تدين الإرهاب أياً كان مصدره، وتدعو إلى إزالة أسبابه، وتنقية البيئة التي ينشأ فيها، ومعاقبة مرتكبيه، وتتعاون مع المجتمع الدولي لاجتثاثه»، معتبراً حزب الله «من أخطر التنظيمات الإرهابية الموجودة في العالم اليوم، لذلك كان قرار المملكة الذي يعتبر ضربة قوية وموجعة لقادة الحزب، ومن يقف خلفه، مثل النظامين الإيراني والسوري».