كأن كل أيامنا أيام وطنية، وكأن كل يوم نعيشه هو يوم شهيد. هذا شعور إماراتي خالص يطغى على كل ما عداه في هذا الأسبوع الإماراتي الخالص، الأسبوع الإماراتي بامتياز. لقد عشنا شهوراً لا يمكن أبداً أن تدرج في الحساب الاعتيادي للأيام والأعوام والزمان، وفي شهور قليلة كبرت تجربتنا بما لا يقاس، ودخلنا، بتاريخنا الحضاري والتنموي والمعنوي، تاريخاً جديداً من المحبة والإنجاز والتضحية، ومع تكريس قيمة التضحية تكريس قيمة العمل، فتلك لا تكون من دون هذه، ومسار الإمارات إلى مستقبلها الكبير، هو بالدرجة الأولى، أخلاقي ومستمد من الإرث والإسلام الصحيح والهوية. بهذا كله نحتفل، نحن شعب الإمارات دائماً، ونحتفل، خصوصاً، في هذا الأسبوع، هذا الأسبوع الإماراتي بامتياز. نركز على هذه الصفة لأن هذا هو واقع حال يتجاوز، أو يجب أن يتجاوز كل معنى للاحتفال في الشكل أو الأسلوب الظاهرين، نحو الوصول إلى أبلغ وأعمق المعاني والأفكار. هذا التجاور القدري بين يوم الشهيد واليوم الوطني في بلادنا له دلالته الأكيدة، فهذا الوطن إنما يحتفي، في الأصل، بإنسانه الذي كبر مع الاتحاد وأسهم في تقوية مؤسسات الاتحاد وتعزيز قدراته ومكتسباته، والذي ضحى بدمه وعمره وروحه في سبيل رفعة وكرامة الإمارات، والمحافظة على أمن واستقرار الإمارات والمنطقة. إنما هو الوطن يحتفي بإنسان الوطن، وإنما هو إنسان الإمارات يحتفي بالإمارات أرضاً ووطناً وفكرة ومشروعاً تنموياً وسياسياً وحضارياً وثقافياً. وفي احتفالنا، داخل أسبوعنا الإماراتي بامتياز، علينا جميعاً المشاركة والمبادرة في الفعاليات المقررة، وعلينا وعي كل تلك الخيوط، نحو نسج عبارات مخلصة مطوقة بالفعل المخلص، ونسج ألوية ترفعها، في الأعالي وكأنها الأعالي، أجيال متتالية من الأولاد والأحفاد. التركيز على هذه المعاني للجميع خصوصاً للطلاب والشباب، وفي الأيام الماضية احتفلت مدارس وجامعات باليوم الوطني ويوم الشهيد، وفي الأيام المقبلة تحتفل مدارس وجامعات، والمراد أن يكون الاحتفال، في كل حالاته، حقيقياً ومعبراً لا عن الفرح فقط، أو عن الحزن الذي غمره نداء الفرح والفخر، لكن، مع ذلك وبالإضافة إليه، عن وعي التجربة الجديدة التي أضافها جيش الإمارات القوي الباسل إلى سجل مجدنا الوطني الخالد، مع الإدراك التام، وهذا يجب أن يستقر في يقين العقول والقلوب، بأن تكريس قيمة التضحية متصل حتماً بتكريس قيمة العمل، وعلينا، كل في موقعه ودوره، تلبية ذلك النداء العظيم الذي تردد في بلادنا منذ زايد الخير والآباء المؤسسين، طيب الله ثراهم، إلى العهد الزاهر لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله وأركان قيادته. وهو نفسه النداء العظيم، هو نفسه في المضمون وإن اختلف شكلاً، الذي أطلقه أبطالنا الأحرار، يوم هبوا هبة رجل واحد، لنجدة أشقائنا في اليمن، وتحرير هذا البلد العربي العريق من براثن الحوثي والمخلوع. هكذا، في هذا الإطار البهي بل الفضاء الواسع الجميل، نحتفي، في هذا الأسبوع الإماراتي بامتياز، بالوطن، وبإنسان وطن استطاع تحقيق المنجز المعجز، على كل الصعد، خصوصاً صعيد المعنى العميق. ebn-aldeera@alkhaleej.ae