تباينت آراء السياسيين والخبراء الأمنيين إزاء حزمة الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات التونسية عقب تفجير حافلة تقل عناصر من الحرس الرئاسي بين من اعتبرها هامة لمحاربة "الإرهاب" وبين من قال إنها غير كافية. وكان الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي أعلن بعيد مقتل 12 عنصرا من الحرس الرئاسي الثلاثاء في تفجير انتحاري، فرض حالة الطوارئ لمدة ثلاثين يوما قابلة للتجديد وفرض حظر التجول فيالعاصمة تونس. ويجيز قانون الطوارئ حظر التجول ومنع الإضرابات ووضع المتشبه فيهم تحت الإقامة الجبرية وحظر الاجتماعات العامة والمسيرات والعروض الثقافية، ويتيح أيضا مراقبة الإعلام والصحافة وتفتيش الأماكن دون إذن قضائي. طوارئ وإجراءات من جهتهأعلن رئيس الحكومة الحبيب الصيد عن تطبيق حالة الطوارئ بصرامة وتفعيل قانون "الإرهاب" الجديد وإعلان حالة التأهب القصوى وتعزيز الانتشار العسكري والأمني بالمدن وتكثيف المداهمات والتسريع في محاكمة المشتبه بهم. كما تم إعلان إجراءات أخرى عقب انعقاد مجلس الأمن القومي أمس الأربعاء، من ضمنها إغلاق الحدود مع ليبيا طيلة 15 يوما، وملاحقة العائدين من سوريا، وتكثيف حجب المواقع "الجهادية"، وانتدابستة آلاف عنصر بالتساوي بين الأمن والجيش. وليس هذا فحسب، إذ تم الإعلان عن إجراءات ذات طابع اجتماعي تتمثل في إقرار برنامج خاص لتشغيل الشباب في المناطق الحدودية الفقيرة وخاصة في المناطق الجبلية المحاذية للحدود مع الجزائر والتي تتحصن بها جماعات مسلحة. الهمامي: حالة الطوارئ قد تستخدم للتضييق على الحريات(الجزيرة) تخوف واتنقاد عنهذه الإجراءات يقول النائب عن الجبهة الشعبية اليسارية جيلاني الهمامي إنها ليست كافية لمحاصرة المجموعات "الإرهابية" التي قال إنه "يبقى دوما بإمكانها أن تتأقلم مع الظروف الجديدة لممارسة إرهابها". ولم يستسغ الهمامي فرض حالة الطوارئ التي قال إنها قد تستخدم للتضييق على الحريات، مذكرا بأنها فرضت لأول مرة في فترة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة لمجابهة إضراب اتحاد الشغل يوم 26 يناير/كانون الثاني 1978. ويقول للجزيرة نت إنه كانعلى الحكومة التسريع في عقد مؤتمر وطني للإرهاب لبلورة إستراتيجية شاملة تشمل إجراءات ذات أبعاد متعددة: دينية وثقافية واجتماعية واقتصادية وتنموية واستخباراتية وأمنية وعسكرية وقضائية. ولا يختلف معه القيادي في حركة النهضة الإسلامية عجمي الوريمي الذي يقول للجزيرة نت إنه أصبح من الضروري التسريع بعقد مؤتمر حول الإرهاب الذي سيكون فرصة للتفكير في ضبط إستراتيجية وطنية متعددة الأبعاد. ومع أنه يرى أن الإجراءات الحكومية الأخيرة من شأنها أن تمثل جزءا من الحل، فإنه دعاإلى مراجعة جذرية للخطط المعتمدة في محاربة الإرهاب لتكون فاعليتها أكبر، موضحا أن الإرهاب ظاهرة معقدة تتطور بتطور الأوضاع. من جهة أخرى عبر الوريمي عن رفضه لما أسماه بالتوظيف السياسي للأحداث "الإرهابية" باستهداف أطراف شريكة في الحكم أو في المعارضة لأن ذلك يمس من الوحدة الوطنية. كما رفض تقييد الحريات العامة ولاسيما الدينية. بن نصر: الإجراءات الحكومية الأخيرة هامة (الجزيرة-أرشيف) وحدة وطنية على صعيد متصل، يقول الخبير الأمني فيصل الشريف للجزيرة نت إن محاربة الإرهاب في البلاد تتطلب وحدة وطنية مقدسة بين مختلف مكونات المجتمع المدني، مشيرا إلى أن الهجمات الإرهابية تسعى إلى بث الخوف والفتنة والتفرقة داخل المجتمع. وحول رأيه في الإجراءات المتخذة يقول إنها تمثل حلولا وقتية تحاول على الأقل تضييق الخناق على الجماعات "الإرهابية"، مشددا على أن تلك الإجراءات الأمنية لوحدها لن تكون مجدية وأن الوضع يتطلب إرساء إستراتيجية شاملة. ويرى الشريف أنالحلول المناسبة لمحاربة الإرهاب تبدأ من تفكيك الحاضنة الاجتماعية التي تستقطب الناشئة وشباب الجامعات وزرع ثقافة وقيم معتدلة في المجتمع ودفع عجلة التنمية لمقاومة البطالة والفقر ومقاومة التهريب وغيرها. أما العميد المتقاعد من الجيش التونسي مختار بن نصر فيقول للجزيرة نت إن الإجراءات الحكومية الأخيرة هامة وقادرة على محاصرة "الإرهابيين"، لافتا إلى أنها تعكس وجود إرادة لشن حرب شاملة ضد "الإرهاب" المتغلغل في البلاد. لكنه دعا لتفعيل جميع القرارات التيتم اتخاذها بما في ذلك تفعيل قانون "الإرهاب" الجديد الذي تم التصديق عليه في يوليو/تموز الماضي، مطالبا بإصدار أحكام صارمة في حق الإرهابيين الذين ثبتت ضدهم الإدانة.