×
محافظة المنطقة الشرقية

اوباما يعرب عن "صدمته العميقة" من فيديو الشرطي الذي قتل شابا اسود في شيكاغو

صورة الخبر

انطلقت صباح أمس في قصر ثقافة الشارقة، أولى جلسات الدورة السادسة من ملتقى الإمارات للإبداع الخليجي، تحت عنوان قصيدة النثر: العلاقة مع التراث تواصل أم قطيعة؟ شارك فيها الناقدة والباحثة السعودية د.ريم الفواز، الشاعر الكويتي محمد البغيلي، الناقد البحريني د.خليفة بن عربي، الشاعر العراقي يحيى البطاط، الشاعر الكويتي إبراهيم الخالدي، الشاعرة الإماراتية صالحة غابش، الناقد الإماراتي علي العبدان، وأدارها عبد الرزاق درباس. قدمت ريم الفواز ورقة بحثية بعنوان التناص بين الحضور والغياب في قصيدة النثر السعودية، مؤكدة أن قصيدة النثر في المملكة العربية السعودية وليدة الواقع الاجتماعي المتطور والمتحول، شأنها في ذلك شأن مثيلاتها في العالم العربي، والواقع أن قصيدة النثر العربية ولدت في ظل سياقي فكري وتاريخي متوتر، وفي ظل مؤثرات محلية وعالمية، وتقوم شعريتها على التكثيف الشديد للفكرة وعلى الرمز والإيحاء، والإيقاع الكيفي لا الكمي، وعلى الموسيقى التي تتولد من أسلوب توظيفها اللغة. وتناولت الورقة أنواع التناص التي تناولها شعراء النثر السعوديون، ومنها التناص الديني، حيث يعد التناص الأدبي مفتاحاً مهماً وبارزاً في الكشف عن شعرية النص، وعلاقة النصوص بعضها ببعض، ويقصد به تداخل نصوص أدبية مختارة قديمة وحديثة شعراً ونثراً مع النص الأصلي بحيث تكون منسجمة وموظفة، ودالة قدر الإمكان على الفكرة التي يقدمها أو يعلنها المؤلف أو الحالة التي يجسدها ويتحدث عنها. وختمت الورقة بالقول: إن التناص بنوعيه الداخلي والخارجي هو أحد السمات الاستراتيجية في سياق الخطاب الشعري السعودي، كما حرص الشاعر السعودي على التناص مع المضمون الديني والتاريخي والأدبي والأسطوري والشعبي، ولم يقف في تناصاته عند حد اجترار النصوص، بل اقتحم عالمها الشعري مضيفاً إليها ما يبعث الحياة فيها، ويجعلها قوة نصية في إنتاج المعنى وموازاة النص، بما يوسع من أفقها الدلالي. أما محمد البغيلي فقدم ورقة بعنوان مستقبل قصيدة النثر مع التطور التقني لوسائل الاتصال الاجتماعي متناولاً الموجة الجديدة في كتابة قصيدة النثر وغيرها من الأنواع الأدبية عبر وسائل الاتصال الحديثة. وأشار إلى غياب حقوق الملكية الفكرية لقصيدة النثر عبر الفضاء الإلكتروني ووسائل الاتصال الاجتماعي، بالإضافة إلى أن هذه الوسائل لا تصلح لأن تكون مرجعاً أو أرشيفاً يلجأ إليه الباحثون والنقاد المتخصصون في مجال الشعر نظراً لغياب عملية التوثيق والاختلاط الكبير الناشئ عن عدم إمكانية تحديد صاحب أبيات الشعر. وركز البغيلي على مسألة التقليد والتكرار في الموضوع والأسلوب، حيث أصبحت معظم الكتابات مستنسخة تشابه بعضها الآخر بشكل كبير، وبذلك يغيب عنصر الإبداع والتفرد في النص والبصمة الشعرية، وتنعدم شخصية الكاتب في تيار جارف يحاول فقط أن يراعي ويرضي الذوق العام والسائد. وتحت عنوان على أعتاب الوجع شارك د.خليفة بن عربي بشهادة حول قصيدة النثر وتجربته الشعرية، قائلاً: اللغة هي المركز الذي تبنى عليه القصيدة، والأساس الذي لا يكون للنص أي تميز بدونه، وعلى ذلك فإنه يثيرني من يحاول أن يكون نصاً ما وهو يقفز على المنجز اللغوي، ويظن أن حداثة اللغة في كسر أنظمتها وقوانينها السائدة التي لا يكون الكلام إلا بها، مهما كان هذا الكلام. واللغة تبدأ من القاعدة الأولى للنظام النحوي الذي يجب أن يكون نظاماً سليماً لا يخل بأصول اللغة، ولا يحيد عن قواعدها العامة، ثم بعد ذلك تتخذ اللغة لها مساراً إبداعياً على مستوى التعبير والمواءمة مع احتياجات النفس الحديثة، وقربها من المتلقي، بالإضافة إلى تملك ناصية اللغة الحديثة التي يتسم الشعر الحديث بها، هذه اللغة جعلت من الكلمات والعبارات ليست مجرد ألفاظ وأصوات وحسب، بل هي متداخلة مع الوجود كله، هي لا تعبر عن الحياة، بل هي الحياة برمتها، وهنا لا بد لي من وقفتين مهمتين: الأولى هي أننا حين نتحدث عن قرب اللغة من المتلقي فإن ذلك لا يعني أن يكتب الشاعر بلغة مبتذلة تقترب إلى الاستخدام العامي، أو بلغة مباشرة لا تحمل شاعرية ولا تخيلًا. والأمر الآخر وهو أشكالية في حد ذاته، هل جماهيرية النص معيار على نجاحه؟ بمعنى هل النص الناجح هو الذي تصفق له الجماهير وتصرخ؟ في الحقيقة إن هذه إشكالية عريضة، وفي ظني أن القصيدة الناجحة ليست القصيدة الجماهيرية. وقدم علي العبدان دراسة بعنوان ملاحظات على مفاهيم دائرةٍ حول قصيدة النثر، جاء فيها: بلا ريب هناك قطيعة بين قصيدة النثر والتراث، ومنشأ هذه القطيعة يعود منذ البداية إلى عدم تفهم معنى الشعر عند العرب، فالشعر العربي هو التعبير لإصابة المعاني بالكلام الموزون المقفى، وكلمة المعاني هنا عامة، فهي جمع معنى، وهو اسم مفعول من عنى يعني؛ أي: قصد يقصد، فالمعاني هي المقاصد في عمومها، من تعبير ووصف وتجميل وبوح وابتداع في مختلف الأغراض إلى ما هنالك من دواعي التعبير بالقول أو الكتابة، ولا يخفى أن هذا يحصل في الكلام كله، فلما تميز بعضه بالوزن والقافية نتيجةً لتطورٍ تاريخيٍ في الذوق الأدبي العربي أطلق عليه شعر، لأنه كلام جميل، تميز بزيادةٍ جميلةٍ بالوزن والقافية، وإلا فالكلام كله نثر، بديعه وعاديه، ولا أدل على هذا من تعريف الشعر في القاموس المحيط حيث قال: شعر به شعْراً.. علم به، وفطن له، وعقله.. والشعر غلب على منظوم القول لشرفه بالوزن والقافية، وإن كان كل علمٍ شعْراً... ومن جهته قال إبراهيم الخالدي، إن ما اصطلح على تسميته بقصيدة النثر ليس جنساً أدبياً دون جذور في أدبنا العربي وإنما هو امتداد متطور للعديد من فنون أدب النثر العربي على امتداد العصور، ربما اقتضته ظروف العصر وأمزجة كتاب زمان ضاق ذرعاً بكل قيد فني ووجد ضالته في التحرر من كل شيء فكانت قصيدة النثر فضاء رحبا للمبدعين وغير المبدعين ممن اعتبروا قصيدة النثر مجرد كتابة أي نص نثري. ولا شك أن كتابة نص إبداعي لقصيدة النثر ليس أمراً سهلاً كما يتصوره الكثير وإنما هو، فن يرتكز في الأساس على موهبة شعرية أصيلة وحصيلة ثقافية غنية وقدرات فنية متوهجة تكون قد استوعبت موسيقى الكلمة والوزن والإيقاع الشعريين، بمعنى أن الخزين المتوفر لدى المبدع بما في ذلك التراث بمجمله شاء هذا المبدع أم لم يشأ سينعكس بكل تأكيد على ما سينتج أكان قصيدة نثر أو أي عمل إبداعي آخر، ومن هنا يظل التواصل حياً وطبيعياً، ويمكن تأصيله وتطويره لإغناء العمل ومد أبعاده نثراً أو شعراً. وأضاف: لا أعلم إن كانت ضمن نصوصي الشعرية ما يمكن أن يطلق عليه قصيدة نثر أم لا، فقد كتبت نصوصي الشعرية بتنويعات وزنية وإيقاعية أرى أنها تجاوزت في حالات عديدة قصيدة التفعيلة، ولم يشغلني هذا الأمر كثيرا، إذ إنني منذ البدايات لم أكترث بالتجريب وإنما كان الهم عندي هو صلب التجربة الشعورية ومكابدة التعبير عنها بأقصى درجات الصدق الفني في معناه البعيد، كما لم يكن لدي موقف سلبي من قصيدة النثر فقد اعتبرت أن كل التجارب والأجناس الأدبية مرحب بها في أن تتجاور وأن تتحاور وتعيش والزمان كفيل بالفرز. أما يحيى البطاط فقال: إن قصيدة النثر اقتراح قديم، كان مهملاً وثانوياً على الدوام، ولم يفرض حضوره القوي إلا قبل أقل من نصف قرن تقريباً، وهو زمن قصير بالنسبة لعمر الشعر السرمدي، لكن نماذجها المعاصرة، المؤثرة والصالحة للبقاء، ما زالت نادرة، وهذا أمر متوقع، الشعر بطبيعته معدن نادر.. ورغم أن حضور النثر في الشعرية العربية جاء لوقف حالة التدهور في القصيدة العربية التقليدية، ولسد النقص المزمن في شعريتها... فإنه اقتراح مراوغ أيضا، قد يؤدي إلى إفراط واستحواذ وطمع مضاد.. أشعر أن لدينا الآن الكثير من الهذيان والصراخ، والمعلقات والبكائيات، والمناحات الناتجة عن الاستعمال المتساهل للنثر في الشعر، هذا الاستسهال أعاد إنتاج أمراض الشعرية العربية التقليدية بطريقة أكثر فجاجة ووقاحة. وتابع: قصيدة النثر اقتراح وليست حلاً، إذ لا يمكن أن نوصد الباب أمام اقتراحات أخرى لا تقل شأناً عنه، كاللوحة التشكيلية، والفيلم السينمائي، والسرد، والموسيقى، والمسرح، والرقص والغناء، هذه كلها بدائل جمالية، بعضها قديم قدم الشعر وبعضها حديث جدا،... لكنها ليست شعراً بحد ذاتها، إنها قرائن مرتبطة بنفس الحبل السري الذي يتغذى منه الشاعر. وتحدثت صالحة غابش عن تجربتها الشعرية، وميلها نحو قصيدة النثر لما تعطيه من حرية وانطلاق فكري وإبداعي، كما تحدثت عن اهتمامها بالشاعرة بثينة بنت المعتمد، تلك المرأة التي ضاعت عن ذويها وفقدت الأمان وظلمها مجتمع السوق الذي يبيع الإنسان خاصة المرأة، فكانت قصتها ملهمة لكتابة العديد من القصائد التي أصدرتها في ديوان بمن يا بثين تلوذين، وربما لأنها شاعرة مغمورة لم يلتفت إليها الأدباء المعاصرون كما التفتوا إلى ولادة بنت المستكفي وسواها.