×
محافظة المنطقة الشرقية

الجماهير النصراوية تبدي غضبها تجاه إعلان الرابطة

صورة الخبر

«اليوم أثلجت صدورنا، وتجمدت أصابعنا، واتبلت هدومنا». كلمات رصينة معبرة كتبها أحمد أمس حين طلب أستاذ اللغة العربية من جموع تلاميذ الشهادة الابتدائية المحتشدين برداً بفعل الطقس المتجمد وتعليماً بسبب التعليم المتردي في المركز التجاري التعليمي للدروس الخصوصية أن يكتبوا موضوع تعبير عن «أبرد يوم في مصر». لم يكن يوم أمس الأبرد في 2013، بل منذ العام 1891 الذي شهد في مثل ذلك اليوم افتتاح حدائق الحيوان. أحمد الذي لم يعرف معنى للصدور المثلجة إلا يوم أمس حين ثلج صدره برداً وليس فخراً رأى للمرة الأولى في سنوات عمره الـ12 ثلجاً على أرض القاهرة. ورغم أن القاهرة والثلج لا يمتزجان لسببين أولهما جغرافي وثانيهما تعليمي تم تلقينه لملايين متعاقبة من المصريين تعلمت أن «جو مصر حار جاف صيفاً معتدل ممطر شتاءً»، إلا أن جموع الملَقَنين ومجموعات الملَقِنين لم تتصور أن يعكر تغير المناخ والاحتباس الحراري صفو كتاب الجغرافيا ويشكك في صدقية منهج الدراسات الاجتماعية المتحجر منذ عشرات السنوات. عشرات السنوات مضت من دون أن ترى أجيال متعاقبة من المصريين الثلج بأم أعينها، باستثناء ذلك المتكون في براد الثلاجات أو في أكواب العصائر الصيفية المنعشة، وربما هذا ما دعا هيئة الأرصاد الجوية المصرية إلى إصدار بيان حداثي على غير نهجها الكلاسيكي في التحذير من التقلبات والتنبيه إلى الموجات الحار منها والبارد. فالمنخفض الجوي القطبي الذي وقعت مصر في قبضته تنخفض معه درجات الحرارة، بحسب الهيئة، إلى 13 درجة مئوية نهاراً (بلغت فعلياً ست درجات) و10 درجات ليلاً (لم تزد على أربع)، وهو ما يعني أمطاراً غزيرة وعواصف رعدية وبرودة غير مسبوقة منذ زهاء قرن من الزمن وثلوج في بعض المناطق. ولما كانت تلك الظواهر غير معتادة لكثيرين، ارتأت الهيئة أن تنبه إلى الفرق بين درجة الحرارة والإحساس بها، ودعت الى ارتداء الملابس الثقيلة والحذر في القيادة وتجنب «الشغف وحب الاستطلاع بالنظر إلى العواصف الرعدية الصادرة عن البرق والرعد خوفاً من مغبة ذلك، مع التحذير من عدم استخدام الهواتف المحمولة أثناء تلك العواصف». غير أن هذه التنبيهات وجدت حائطً ثقافياً منيعاً من الرفض وجداراً خرسانياً عازلاً من التجاهل، فإذا كانت القوانين تسن لخرقها، فإن التنبيهات تصدر للتفكه عليها وضرب عرض الحائط بها إلى حين وقوع الكارثة أو مرور الظرف الطارئ بسلام. جلاليب مرفوعة، وجرائد مقرطسة، وأكياس بلاستيكية ممدودة، ونيران بدائية مشتعلة، وبطاطا مشوية رائجة، وشوارع قاهرية غارقة، وأخرى معطلة وفرحة طفولية غمرت الجميع بلون أبيض كسا شوارع واعتلى بنايات وتحول عرائس ثلج خلال دقائق. وبين مطالبات بانضمام مصر إلى منطقة «شنغن» وتغيير قواعد التأشيرات، ومقترحات بالانفصال عن أفريقيا الحارة والانتساب إلى أوروبا الباردة، عاش المصريون يوماً من الإثارة مشوباً بالترقب الحذر لطقس شتوي غير معتاد في شتاء تأخر حتى شك بعضهم في مجيئه. جاء الشتاء قارساً عاتياً فارضاً وجوده عنوة على مصر أمس ولمدة أسبوع كامل يتوقع أن يزدهر خلاله على شبكات التواصل الاجتماعي هاشتاق «الثلج وصل مصر»، وتدوينات مشدوهة من مصر الباردة وأخرى منددة بالصقيع المنقلب على حرارة مصر الشرعية وثالثة مؤيدة لكل ما يصدر عن الحكم الحالي حتى وإن كان برداً عظيماً وصقيعاً هائلاً. ولم يكن غريباً أن يلقي الاستقطاب بظلاله الوارفة على انقلاب الطقس في مصر، فاعتبر فقهاء «الإخوان المسلمين» الثلوج مباركة سماوية لتظاهرات الجماعة تحت شعار «الطلاب يشعلون الثورة»، ورسالة إلهية بأن النصر قادم ومرسي عائد. ورد المصريون كعادتهم من تحت أغطيتهم باتهام ساخر لـ «الإخوان» بالمسؤولية عن الطقس البارد، مستشهدين بتهديد شهير للقيادي في الجماعة محمد البلتاجي بأن العنف في سيناء «سيتوقف في الدقيقة التي يعود فيها مرسي»، لكن بعد تعديله إلى تلويح بأن «البرد سينتهي بمجرد أن يتراجع (وزير الدفاع عبدالفتاح) السيسي عن الانقلاب ويرجع مرسي». ولم يمر منبع العاصفة «أليكسا» القطبية التي حملت الثلوج إلى مصر من شمال روسيا مرور الكرام، بل خضع لتنظير وتحليل، إذ رأت جموع البردانين أن التقارب المصري - الروسي بعد إسقاط نظام «الإخوان» ربما يكون زاد على الحد، مطالبين بتمصير «أليكسا» حفاظاً على سيادة مصر على أرضها وطقسها.