لطخت الدماء مقاعد مسرح باتاكلان في باريس، تطايرت الجثث وتناثرت الأشلاء في إستاد دي فرانس، فتح إرهابيون أبواب الجحيم على رواد المسرح ومتفرجي الاستاد ومناطق أخرى في مدينة النور والفن والحضارة. العديد من المسلحين اقتحموا الحفل، وأطلقوا النار بطريقة عشوائية على الجمهور هكذا وصف شهود عيان تفاصيل مذبحة المسرح، ما قالوه وتطابق مع روايات آخرين عاينوا الإرهابيين لم يكن مهماً للأجهزة الأمنية والفضائيات ووكالات الأنباء بقدر رواية شاهد آخر وحيد قال إن المنفذين صرخوا الله أكبر ثم أطلقوا الرصاص بغزارة حاصدين الأرواح.. وكالعادة سارع تنظيم داعش قبل غيره إلى تبني المسؤولية عن التفجيرات، معلناً أن هذه الغزوة هي أول الغيث. المعلومات المتواترة من وسائل الإعلام عقب حادث بهذا الحجم لا تحمل مصداقية كافية لأسباب متعلقة بشهوة السبق، لكن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند حسم المسألة سريعاً في اليوم التالي للهجمات، تنظيم داعش هو الجاني، المنفذون عرب مسلمون، الردع هو الحل، حسمها هولاند معلناً حرباً فرنسية ضارية على الإرهاب ممثلاً في داعش التي لا تعرف طائرات القصف الأجنبية تحديد أماكنها، بينما يعرف سماسرة النفط الغربيون كيف يعقدون الصفقات مع قادتها بسهولة. بكى العالم كله من أقصاه إلى أقصاه الدماء الفرنسية المراقة وخرجت بيانات التضامن مع باريس، وأكثرها قوة تصريحات روسيا التي أعلنت أن طائرتها سقطت في سيناء بفعل عمل إرهابي.. وبدأت المقاتلات الأجنبية في التحليق فوق المنطقة المثالية للقصف في كوكب الأرض، الجزء الملتهب من أمتنا العربية الذي اعتاد سكانه على الغارات متعددة الجنسيات، قصفت الطائرات مواقع عراقية وسورية للنيل من داعش القاطن في مناطق تضم مدنيين أبرياء لا يعيرهم أحد اهتماماً. المذبحة صادمة وتكشف حجم الوجع الفرنسي، لكن الصدمات الكبرى تجد طريقها إلى شعوب منطقتنا ضحية النزاعات، التي تعاني من الإرهاب ومن الحرب على الإرهاب، فالقنابل لا تستهدف المسلحين وحدهم، خاصة إذا كانت النية غير جادة في القضاء عليهم لأسباب تتعلق بالتوازن والمصالح والنفوذ في منطقة تضم مذنبين وضحايا.