اعتباراً من اليوم تسير دولة الإمارات وفق سياسة عليا للابتكار، وعلى نهج واضح للمستقبل وأسلوب محدد لمواجهة التحديات المقبلة، في منطقة كالتي نعيش فيها، تعاني مشكلتين أساسيتين، الأولى محدودية الثروات والموارد الطبيعية، والأخرى عدم الاستقرار السياسي والأمني والصراعات التي لا تتوقف، في مثل هذه المنطقة لا بد أن تكون الدول مستعدة للمستقبل بشكل جيد وعلمي وعملي. الإمارات اختارت الاعتماد على الإنسان، واختارت الاعتماد على الأفكار لمواجهة كل التحديات؛ لذا كان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، قد أعلن في مثل هذا الوقت العام الماضي أن عام 2015 سيكون عام الابتكار في الإمارات، وبالأمس أعلن سموه السياسة العليا لدولة الإمارات في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار التي أصبحت نافذة، وتتضمن هذه السياسة العليا 100 مبادرة وإجمالي الاستثمار يصل إلى 300 مليار درهم، والهدف من هذه السياسة الاستعداد لعالم ما بعد النفط. وبالإعلان عن هذه السياسة العليا تكون دولة الإمارات قد رسمت لنفسها طريق المستقبل لمرحلة ما بعد النفط، وبدأت التخطيط، بل والتنفيذ منذ اليوم للأجيال المقبلة، فالطفل الإماراتي الذي سيولد اليوم يعرف والداه تماماً أن هناك خطة وضعتها الحكومة لطفلهما ولغيره من أطفال الإمارات لتأمين مستقبلهم، فحكومة الإمارات تؤمن بأن أبناءنا يستحقون العيش في مستوى اجتماعي واقتصادي لا يقل عن مستوى معيشة آبائهم في زمن النفط. هذه السياسة العليا بتفاصيلها تؤكد جدّية ما أعلنه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، خلال القمة الحكومية في فبراير الماضي عندما قال: سنحتفل بعد 50 سنة بتصدير آخر برميل نفط.. فلم يكن هذا كلاماً للاستهلاك المحلي أو شعارات حالمة للفت أنظار العالم، بل كان استشرافاً للمستقبل واستعداداً عملياً له، فالعالم المتقدم يدرك اليوم أن أساس التقدم والاستدامة ليس الموارد الطبيعية، وأن محرك التنافسية ليس رأس المال فقط، وإنما الأساس هو الإنسان بما يمتلكه من مواهب وما يحققه من ابتكارات، ومنذ عام يعمل عشرة وزراء في الحكومة الاتحادية بكل صمت، وبكل جدّ، مع فريق عملهم على إنجاز السياسة العليا للابتكار حسب رؤية صاحب السمو رئيس الدولة، وتوجيهات ومتابعة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي يتابع تفاصيل عمل فريقه لحظة بلحظة. واعتباراً من اليوم يدرك كل إماراتي أنه جزءٌ من حياة الابتكار التي تعيشها الدولة وأن من مهامه الأساسية أن يفكر ويبتكر ويخترع ويتميز، وأن يضع نفسه وتفكيره خارج الصندوق، فلم يعد مقبولاً أن نستمر في إعادة تقديم الأفكار القديمة، ولم يعد مناسباً أن نقلّد الآخرين في كل شيء، بل علينا أن نستفيد من تجارب وخبرات الآخرين، وأن نبدأ من حيث انتهوا، في كل المجالات، فقد أصبحت للإنسان الإماراتي مهمة جديدة، وهي أن يبتكر ويكون مبتكراً، وكي يكون مبتكراً لا بد أن يكون مختلفاً.