هكذا يقول لي كل من أبي وأمي عندما أكتب! ولا قدرة لي على تخريج "لغوتي ولغوتهم"، فلست مؤهلة لهذا لا بالشهادة ولا بالقدرات.. وفي سنة 1435 شهر مايو، كتب الشاعر أحمد عسيري مقالة هنا في وطننا بعنوان "بي عنش" وكان بين الأقواس معلومات دقيقة عن اللهجة العسيرية، مستشهدا بقول الأديب عبدالله بن خميس "إن الكثير من لهجة عسير فصيحة تماما، أي لها جذور ثابتة في تربة الفصحى". نحن نرى اﻷمم الأخرى كالصين وتركيا، وغالبية دول العالم تعتز بلغتها، كرمز لقوتها وهويتها ورسوخها، ننقض نحن ونبدد لغتنا ولهجاتنا، بل ندمجها بطريقة مضحكة.. نحن أبناء المملكة العربية السعودية، نجد والحجاز والجنوب والشمال لنا لهجات متعددة موثقة في كتب التاريخ، ومعروفة لدى قبائل الجزيرة العربية.. يعرف كل قادم من أي جهة من خلال لهجته، ويحدد موقعه من خلال نطقه الكلمات، إن كان يمانيا وضحت اللغة الحميرية، وإن كان نجديا تبينت لغة الصحراء وهكذا.. اﻵن ونحن في زمن التخلي عن الهوية الحقيقية، لن تعرف أن المتحدث معك هو أحد أبناء الجبال من ذوي اللهجة العربية الصافية.. تراه يترفع عنها، ويجدها عارا عليه، ونوعا من التخلف والرجعية.. فيبدلها عشوائيا بكلمة من الحجاز، وأخرى من نجد، ولا أجد لهذا تفسيرا سوى تأثير الأدوار السيئة والتهريجية التي قام بها بعض الدراميين مثل: عبدالله عسيري، وحسن عسيري والقصبي، ممن امتهنوا الدراما لمجرد اﻷدوار والجدوى دون ملك حقيقي لما وراءها من اﻷبعاد الثقافية والتاريخية واحترامهما.. أثرت هذه اﻷدوار سلبا ربما دون علم أصحابها وفهمهم أو بقصد غير مكترث، بحيث جعلت لهجاتنا أضحوكة، مما جعل الذين يحملون الشعور بالنقص من الناس يرون أنها نقص لا فخر لنا.. إن عراقة الإنسان ترتبط بلغته وبأرضه.. وكم أستغرب من أكثر المتعلمين والمهتمين بتاريخ أسرهم وقبائلهم ومناطقهم ويسعون لتعليم أبنائهم اللغات الأجنبية مهملين لغتهم وأساس انتمائهم.. جميل أن يكون الجيل على مستوى عال من العلم باللغات العالمية، لكن له أن يرى أصحاب تلك اللغات هل أهملوها على حساب تعلم لغتنا؟ سيرى كيف الاعتزاز باللغة حاضر عندهم رغم انفتاحهم على الثقافات اﻷخرى.. هنا - بموت هوية اللغة وسواها - تبدأ الهوية تتجه نحو الزيف، سواء من خلال الشكل أو اللغة أو الموروث والتاريخ.. نحن بأنفسنا نسوق تاريخنا إلى الهاوية.