ناقش عدد من علماء السعودية ومصر وفلسطين عوائق تجديد الخطاب الديني وضرورة إعمال العقل في التجديد والتركيز على وسطية وسماحة الدين الإسلامي وذلك خلال الجلسة العلمية الثالثة بمؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمصر تحت عنوان (رؤية الأئمة والدعاة لجديد الخطاب الديني وتفكيك الفكر المتطرف) برعاية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وأكدوا على ضرورة الجمع بين الأصالة والمعاصرة في تجديد الخطاب الديني والتعامل مع التراث بأسلوب علمي وتشجيع الاجتهاد والفتاوى الجماعية لا الفردية، منوهين بضرورة إحياء قيم حب الوطن والعمل والتسامح في المجتمع الإسلامي، مشيدين بتجارب المملكة في مواجهة الفكر الضال وجهودها الحثيثة المبذولة لمحاربة الإرهاب والفكر المنحرف على المستوى الوطني والعربي والإسلامي والدولي. ومن جانبه شدد الدكتور محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بالمملكة على سماحة الدين الإسلامي ووسطيته ودعوته للتسامح والرحمة والرفق بالإنسان والحيوان، وهي القيم التي يحتاجها المجتمع.. ولابد أن يعكسها الخطاب الديني لدحر التشدد، موضحاً أن الإسلام جاء لتصحيح العقيدة وترسيخها من الشوائب، فديننا دين الرحمة لكل من على وجه الأرض؛ مؤكداً أن براعة المسلمين في الشريعة تأبى الظلم والتعدي على الغير وتدعو إلى اللين والرحمة.. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (من سقى كلباً دخل الجنة).. ووصف الجماعات المتشددة والمتطرفة بأنهم حدثاء وسفهاء الأفكار يعتقدون أنهم هم أهل الجنة دون سواهم، لذا أباحوا لأنفسهم سفك الدماء وإزهاق الأرواح، والإسلام منهم براء.. وطالب الدكتور جمال سيد بيه، نائب رئيس جامعة قناة السويس، بضرورة الأخذ من التراث بما يتفق مع تجديد الخطاب الديني المعاصر وإعمال العقل كمناط للتفكير وأساس الإبداع، وعليه يجب عدم رفض التراث على علاته أو الأخذ به، بل بنظرة عقلية مع مراعاة المصدرين الأساسيين «القرآن الكريم» و»السنة النبوية المطهرة». كما نقل الدكتور يوسف دعيس وزير الأوقاف بفلسطين للمشاركين بالمؤتمر التحية من المسجد الأقصى مطالباً بشد الرحال إليه لتفكيك الفكر الصهيوني المتطرف ومحاولة إسرائيل إقامة الهيكل المزعوم على المسجد، وتمكين المستوطنين من دخوله، وتقسيمه مكانياً.. مشيراً إلى إساءة المستوطنين للإسلام والمسلمين وللرسول -صلى الله عليه وسلم- داخل المسجد الأقصى، رابطاً بين إرهاب إسرائيل ضد الفلسطينيين والإرهاب ضد الأبرياء. وبدوره أكد الدكتور محمد سالم أبو عاصي عميد كلية الدراسات العليا بالأزهر السابق وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ضرورة إعادة الدين إلى مفهومه الصحيح السمح وإلى رونقه في السلوك والمنهج والاهتمام بمقاصد الأحكام لا مجرد لفظها وترك الغلو والتشدد في الدين. وفي كلمته أكد الدكتور السيد محمد الديب أستاذ اللغة العربية بجامعة الأزهر أن تجديد الخطاب الديني لا يعني تنحية القرآن والسنة، ولن يتجدد الفكر الديني في يوم وليلة، فيوصي بعضنا بعضًا بالصبر ولا نتعجل نتائج التجديد، ونحتاج إلى عقل وفكر الشباب.. موضحًا أنه يجب العمل على حماية الإسلام مما يسيء إليه ويشوه شخصية المسلم، فليس من المقبول أن يؤخذ التراث بالجملة أو يطرح بالجملة، فهذا الميراث يحتاج إلى تكاتف الجهود وبيان وجه الحق والصواب في كبريات القضايا مثل العلاقة بين العلم والدين، وفقه الأولويات، وعلم الأجنة، والاستنساخ، والتركيز على القضايا ذات الأهمية الكبرى للحرص على الوقت، كما يجب أن يتسلح المسلمون بالعلم والمعارف العصرية والمتنوعة.. وأشاد الدكتور الديب بتجارب المملكة في مواجهه الفكر الضال وجهودها الحثيثة المبذولة لمحاربة الإرهاب والفكر المنحرف على المستوى الوطني والعربي والإسلامي والدولي وما تقدمه في محاربت هذا الفكر والذي يعصف بالشباب المسلمين وذلك من خلال تأصيل منهج الوسطية ومعالجة الغلو والتطرف والتعصب الديني وتنمية الوازع الديني لدى أفراد المجتمع.