حذّر مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ من الفتوى بلا علم ومن اتباع الناس للأقوال الشاذة والانسياق لها واتباع الهوى بدعوى تغير الزمان والأحوال. جاء ذلك أمس في افتتاح الندوة العالمية الدولية (الإفتاء بين التأثير والتأثر بالمتغيرات)، التي يقيمها "كرسي الشيخ محمد بن إبراهيم للفتوى وضوابطها" بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة. وطالب آل الشيخ المفتين والعلماء بـ"الرد على الأفكار الضالة المنحرفة التي تدعو إلى التفريق بين أبناء المسلمين، والتحذير من دعاة الشر، وتسجيل ما يقولون وتدارسه، وتصحيح خطئه والرد على الشبه الضالة التي طالما غيرت عقول الشباب وغررت بهم. متسلقون على أعتاب الفتوى قال مدير الجامعة الإسلامية المكلف الدكتور إبراهيم العبيد: الفتوى تحتاج إلى حزم وضبط وعناية من أصحاب العلم من العلماء الربانيين، لاسيما ما نراه اليوم من التسلق على أعتابها، ممن ليسوا من أهلها من المتعالمين ومن غير المختصين فضلوا وأضلوا، فالمسؤولية كبيرة على العلماء وعلى المجامع العلمية والجهات المتخصصة في هذا المجال. المتغيرات الحالية محك للشريعة في الوقت الذي طالب المشاركون في الندوة بتأهيل المفتين وعدم السماح للمتفيهقين وغير المتخصصين في الإفتاء، أكد الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور عبدالرحمن السديس في ورقته التي جاءت بعنوان "أزكى النفحات في الفتوى وتأثرها بالمتغيرات"، أن المتغيرات الحادثة هي المحك الذي تعرف من خلاله واقعية الشريعة الإسلامية، ومدى مراعاتها لأحوال المكلفين، ومدى انسجامها مع طبيعة البيئة الزمانية والمكانية الحادثة، وهي لذلك تحتاج إلى معرفة المناهج الممارسة في الواقع الإسلامي بغية الاستفادة منها أو توجيهها أو ترشيدها. وفي ورقة بعنوان "أثر وسائل التكنولوجيا الحديثة على الفتوى" قالت الدكتورة خالدة الناطور فيه: مع ظهور كثير من النوازل والمستجدات المستحدثة في عصرنا الحاضر، وحاجة الناس إلى معرفة الحكم الشرعي لها أخذ الناس يعتمدون على هذه الوسائل في الفتوى والاستفتاء. وعن أثر التقنية في تغير الفتوى للدكتورة أسماء الحطاب أكدت فيها على استقلال الشريعة بأصولها وفروعها، ولا يعني شمول النصوص في ظل أحكام الوقائع جميعاً، بمعنى أنه قد نص على حكم كل واقعة مما يستجد من الحوادث، وإنما يعني: شمول مبادئها العامة وقواعدها الأساسية. الفتوى قد تقود للإلحاد أكد الدكتور محمد عبدالدايم علي الجندي أن الفتوى غير الصحيحة قد تقود إلى الإلحاد. وقال في ورقة بعنوان "أثر فتاوى المتفيهقين في اعتناق مذاهب الملحدين: دراسة من واقع وسائل الإعلام": إن الفقه الإسلامي ليس مرتعا للمتفيهقين وغير المختصين، فقد آلت فتاوى المتفيهقين إلى اعتناق بعض العوام لمذاهب الملحدين. وتحت عنوان "اعتبار المآلات وأثرها في تغير الفتوى في القضايا الطبية: نقل الأعضاء أنموذجا" قال الدكتور عبدالغني يحياوي: في نازلة نقل الأعضاء البشرية، التي أفتى فيها الكثير من الفقهاء، ظهر تباين آرائهم واختلافهم في الحكم، وهذا راجع – فيما أرى والله أعلم - إلى ارتباط تغير الفتوى في هذا الموضوع بقاعدة اعتبار المآلات، وسلطة الفقيه التقديرية بعد إحاطته بجميع جزئياتها وتفاصيلها، وذلك باستشارة الأطباء في الموضوع والأخذ برأيهم قبل إصدار الفتوى. وفي ورقة بعنوان "مراعاة حال المستفتين وأثرها في الفتوى بين التشدد والتساهل والانضباط والاضطراب" أوضح الدكتور "ديارا سياك" أن الفتوى تُمثِّل إيضاح الجانب التطبيقي العملي للفقه، مما يتطلب تأهيلا خاصّا للمفتي أولاً، والتزامه ضوابط معيّنة ثانياً، يمكّنانه من مراعاة ظروف المستفتين وأحوالهم قبل أن يُحقّق مناط الحكم في القضية المطروحة؛ ليكون حكمه موافقاً لمقصد الشارع الحكيم؛ بعيداً عن الحرفية، وتنزيل النصوص مجرّدة عن معانيها على الوقائع جملة؛ وذلك لئلا يقع في الخطأ، ويوقع المستفتي في الحيرة.