انشغلت الصحف الإسرائيلية بصورة مكثفة بالقرار الذي أصدرته حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمس الثلاثاء بإعلان حظر الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر، وبحثت تبعاته المتوقعة، وكشفت النقاب عن خلافات داخلية لدى اتخاذ القرار. فقد ذكرت صحيفة هآرتس أن قرار حظر الحركة الإسلامية برئاسة الشيخ رائد صلاح صدر عقب ضغوط مارستها الشرطة الإسرائيلية خلال الاجتماعات الأخيرة للمجلس الوزاري الأمني المصغر. وقدرت الشرطة أن هذا القرار في حال صدوره لن يؤدي إلى تصعيد الوضع الميداني بين الفلسطينيين والإسرائيليين، في حين أكدت أوساط جهاز الأمن العام (شاباك) أنه قد تكون له تبعات أمنية ميدانية غير مريحة لإسرائيل. وأضافت الصحيفة أنه "منذ اندلاع الأحداث الفلسطينية أوائل أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عقد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر خمسة اجتماعات مطولة على الأقل بحثت جميعها في إمكانية إصدار قرار بحظر الحركة الإسلامية واعتبارها خارجة عن القانون. وقد شهدت تلك الاجتماعات -بحسب هآرتس- خلافات واضحة في الرأي بين الشرطة التي أيدت إصدار القرار، والشاباك الذي أبدى تحفظه عليه. " مستشرق إسرائيلي: مخطئ من يظن في إسرائيل أننا بهذا القرار نجحنا في حل مشكلة الحركة الإسلامية، لأن صراعنا معها طويل زمنيا، وإذا أغلقنا 13 مؤسسة تابعة لها، فإنها ستقيم لاحقا مؤسسات ومنظمات أخرى بديلة، ويجب على إسرائيل النظر إلى نموذج التعامل المصري مع الإخوان المسلمين " تبعات صعبة وكتبت مراسلة صحيفة يديعوت أحرونوت توفا تسيموكي أن قرار الحظر اتخذه نتنياهو قبل أسبوعين من إعلانه، وتم الاحتفاظ به بصورة سرية إلى حين إعلانه بشكل رسمي. واستطردت قائلة إن "جهاز الشاباكجمع الأدلة والشواهد الأمنية ضد الحركة الإسلامية، ومنها أن مصادر تمويلها كانت تأتي من جماعة الإخوان المسلمين وحركةحماس، رغم معارضة رجال الجهاز لقرار الحظر خشية أن يتسبب في إشعال الوضع الأمني من جديد، وقيام موجة من التحريض ضد إسرائيل. كما أن هذا القرار ستكون له تبعات صعبة على باقي العرب الفلسطينيين داخل إسرائيل". الصحيفة أوردت كذلك ردود فعل الأوساط السياسية الإسرائيلية على القرار، حيث أعلنت وزيرة القضاء آيليت شكيد أن طواقم الوزارة التي كانت مشغولة في الفترة الماضية باستصدار مثل هذا القرار، تعتقد أن تصريحات الشيخ رائد صلاح بأن إسرائيل تنوي السيطرة على المسجد الأقصى، كان لها دور كبير في تحريض غير مسبوق ضدها، وأدت في النهاية إلى تنفيذ أعمال قتل ضد اليهود. وأضافت الوزيرة الإسرائيلية أن الحركة الإسلامية تعارض من الأساس قيام إسرائيل كدولة يهودية، وتحاول بث هذه المفاهيم للأجيال الصاعدة في مؤسساتها التعليمية، وقد تم اتخاذ القرار بمشاركة جميع الجهات الأمنية والقانونية والقضائية في الدولة. وحذرت من أن الحركة قد تُنشئ كيانا أو تنظيما آخر باسم جديد للالتفاف على قرار الحظر، "لكن إسرائيل ستتابع وتفحص مصادر تمويلها، فإن وجدته من الإخوان المسلمين أو حماس فسيتم اعتقال أعضائها". صراع طويل من جهتها أفادت مراسلة صحيفة معاريف سيريت أفيتان أنها علمت بأن وزير التعليم وزعيم حزب البيت اليهودي نفتالي بينيت سيعمل على ملاحقة الأجنحة الطلابية التابعة للحركة الإسلامية في الجامعات الإسرائيلية، في أعقاب رسالة وجهتها منظمة "أم ترتسو" اليهودية المتطرفة، وطالبته بوقف أنشطة تلك الأجنحة، ومنها الكتلة الطلابية المعروفة باسم "اقرأ". وأشارتالكاتبة إلى أنه طالما اعتُبرت الحركة خارجة عن القانون بصورة كاملة، فلن يكون لها تمثيل في المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، ولن يتم دعوة الشيخصلاح لإلقاء محاضرات فيها كما جرت العادة في السابق. الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر(الأوروبية) المراسل الإسرائيلي آساف غولان من صحيفة معاريف، حاول الإجابة عن التبعات المتوقعة لهذا القرار على علاقة الفلسطينيين مع دولة إسرائيل، وما إن كان القرار صحيحا في ظل التوتر السائد بين العرب واليهود، وذلك من خلال إجرائه لقاءات مع عدد من الخبراء الإسرائيليين في شؤون الحركات الإسلامية. فالمستشرق الإسرائيليد. مردخاي كيدار توقع أن تكون نتائج القرار مرهونة بالتطورات على الأرض، "لكن من الواضح أن القرار وضع خطاً أحمر أمام تكرار عبارة أن القدسعاصمة الخلافة الإسلامية، وأن الأقصى في خطر، كما كان يردد أنصار الحركة الإسلامية وقادتها". وتابع كيدار "مخطئ من يظن في إسرائيل أننا بهذا القرار نجحنا في حل مشكلة الحركة الإسلامية لأن صراعنا معها طويل زمنيا، وإذاأغلقنا 13 مؤسسة تابعة لها فإنها ستقيم لاحقا مؤسسات ومنظمات أخرى بديلة، ويجب على إسرائيل النظر إلى نموذج التعامل المصري مع الإخوان المسلمين، فقد حظرتها الأنظمة السياسية منذ عهد (الرئيس الأسبق حسني) مبارك، لكنها بقيت قوية وكبيرة في أوساط المصريين، وفور تهاوي نظامه اتضح للجميع كم أن هذه الجماعة قوية ومنتشرة". شكوك ومخاوف من جهته أبدى الخبير في الحركات الإسلامية البروفيسور يتسحاق فايتسمانشكوكه في نجاح القرار الإسرائيلي في إضعاف الحركة الإسلامية، بل إنه سيعمل على تقويتها، ولن يساعدها على اتخاذ مواقف معتدلة، "ولذلك أجد نفسي مؤيدا لمواقف جهاز الشاباك المعارض لقرار الحظر الذي سيضر بإسرائيل كثيرا، لأنه كان يجب التعامل مع مخالفات الحركة الإسلامية للقانونكلّ مخالفة على حدة". وتساءل "هناك منظمات يهودية في إسرائيل تخالف القانون، وتتجاوز كثيرا من الخطوط الحمراء، فلم لا يتم حظرها إذا كانت إسرائيل تتحدث عن دولة ديمقراطية فعلا؟"، مشيرا إلى أن قرار الحظر سيؤدي إلى انضمام العديد من عرب إسرائيل إلى صفوفها، "لأنهم سيدركون أخيرا أن للعرب قانونا، ولليهود قانونا آخر". أما الوزير وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق البروفيسور أمنون روبنشتاين فقد هاجم القرار واعتبره عقابا جماعيا خاطئا، حيث أثبتت العقوبات الجماعية أنها خاطئة في جميع الحالات على حد تعبيره.