وضعت الأمطار التي هطلت أمس مع بداية التقلبات المناخية الشتوية وزارة الشؤون البلدية والقروية، وشركات المقاولات، والاستشاريين في محل المسؤولية، وأبدى عدد من أعضاء المجالس البلدية تخوفهم من تكرار حادثة سيول جدة 2009 في عدد من مدن المملكة، الأمر الذي يشكل خطرا على حياة المواطنين، ولا يخلو عام من حوادث الوفاة أو الإصابة، نتيجة تشكل السيول، وسط مطالب بضرورة إصلاح نظام البلديات بشكل عاجل. وعلمت "الوطن" أن أمانات المناطق بدأت في وضع إجراءات جديدة لتتجنب إشكالية رفع منسوب المياه خلال هطول الأمطار، وهي إجبار المطورين العقاريين على ضرورة إنشاء شبكات تصريف سطحي والتحكم في ميول الشوارع داخل الأحياء لكي تصب على الشوارع الرئيسة التي يتوافر فيها مشروع الصرف الصحي. أمانات تجبر المطورين على شبكات التصريف السطحي عضو شورى: على المتضررين اللجوء إلى القضاء * رئيس بلدي الرياض: 70 نقطة حرجة تقع على مجاري السيول شدد مختصون على ضرورة رفع دعوى إلى القضاء ضد الجهة التي سمحت ببناء الأحياء السكنية في بطون الأودية، ما يجعلها مهددة بأخطار السيول ومجاري الأودية نتيجة لهطول الأمطار، موجهين أصابع الاتهام صوب إدارة التخطيط العمراني لدى الأمانات كونها المسؤولة عن منح التصاريح المتعلقة بالبناء في تلك الأحياء غير المؤهلة للسكن. وبعد سنوات من تجاهل خطر السيول والتغاضي عن تخصيص وبناء الأودية والشعاب، حتى قامت أحياء بكاملها في بطون الأودية وعلى مسارات السيول، وجدت أمانات مناطق المملكة بدون استثناء، نفسها عاجزة أمام الفورة الكبيرة بأعداد السكان والمساكن، والتغير اللافت في مزاج الطقس عما كان عليه خلال العقد الماضي، حيث كشفت الأمطار والسيول سوء تقدير الجهات المعنية لتهديدات السيول ومخاطرها بالشكل المطلوب. سيناريو السيول وأبدى عضو المجلس البلدي في الرياض الدكتور عبدالعزيز العمري تخوفه من أزمة سيول في الرياض حال وصلت كميات الأمطار في العاصمة إلى مثل التي هطلت على جدة، باعتبار هذه المشكلة ليست وليدة اللحظة، بل هي منذ 20 عاما دون نتيجة من المعنيين بتصريف السيول. وشدد العمري على ضرورة النظر في أنظمة البلدية والتعاطي مع مثل تلك المشاريع التي تمس أرواح البشر قبل وقوع أية أزمة للسيول. وقلل العمري من أداء الأمانات التي تفتقر إلى أبسط مقومات مستوى تولي المشاريع، لعدم وجود طاقم كبير من المهندسين الأكفاء لمراقبة المشاريع وقت تنفيذها للتأكد من جودتها، مطالبا بأن تترك مجاري السيول على مسارها وعدم تغييرها من خلال وضع مخططات جديدة للمدن. بطء التنفيذ طالب عضو المجلس البلدي السابق الدكتور عبدالرحمن يماني باستعجال تنفيذ مشاريع تصريف السيول بشكل عاجل دون استثناء للحفاظ على أرواح الناس من خلال وضع خطة برامج بشكل احترافي، مبينا أن هناك بطء في التنفيذ ولكن بأقل المستوى. واعتبر الدكتور يماني وزارة البلدية والمقاولين والاستشاريين هم وباء المشكلة، إذ لا بد من إعادة النظر في تنفيذ مشاريعهم. وأوجد الدكتور يماني حلولا بقوله "توظيف مهندسين في وزارة البلدية ذوي كفاءة عالية، واختيار شركات مقاولات ذات قدرة على تنفيذ المشاريع"، ولفت إلى أن الحل الثالث والأخير يكمن في الشركات الاستشارية ومراقبتها للمشاريع وليس تصميم المشروع وجعل المقاول يشرف على نفسه كغيرها من المشاريع الأخرى. مجاري الأودية وأكد رئيس لجنة الحج والإسكان والخدمات بمجلس الشورى، محمد المطيري لـ"الوطن"، أنه لا بد من الأخذ بالاعتبار خلال إجراءات التخطيط عدم البناء على مجاري الأودية والسيول، ولا يجوز تهيئة تلك الأماكن لغرض السكن، مؤكدا أن الإجراءات واضحة وتراعي هذه الجوانب ولا يمكن أن يعتمد مخطط إلا وفقا لتلك الإجراءات النظامية، وهذا واجب على أمانات المناطق لأنها المسؤولة عن التخطيط ولديها هذه التعليمات. وأوضح عضو مجلس الشورى أنه في حال تعرضت الأحياء للسيول بسبب وجودها في بطون الأودية فإنه لا بد من مساءلة من تثبت عليه المسؤولية، لأنها تعتمد على أركان ثلاثة تكمن في الخطأ والضرر والعلاقة السببية بين الخطأ والضرر، ومتى توافرت تلك الأركان يستطيع المتضرر سواء مواطن أو جهاز أو شركات أن يرفع دعوى أمام القضاء ضد الجهة التي اتخذت القرار الخاطئ. نقاط حرجة حذر رئيس المجلس البلدي بمنطقة الرياض المهندس طارق القصبي من وضع مشاريع تصريف السيول بالعاصمة، معتبرا بأنها تشكل خطرا يهدد المدينة وساكنيها، كاشفا في ذات الوقت عن وجود 700 نقطة تجمع لمياه الأمطار والسيول في مدينة الرياض، منها 70 نقطة حرجة، تقع على مجاري سيول الأودية، مشيرا إلى وجود أحياء بالكامل تقع في مساحة جغرافية منخفضة وأودية، مهددة بالغرق. وشدد القصبي في تصريح إلى "الوطن" على ضرورة إيجاد حلول عاجلة لنقاط تجمع الأمطار، خصوصا النقاط الـ70 الحرجة الواقعة على مجاري السيول، منتقدا طريقة تنفيذ المشاريع الخدمية، وبناء الأحياء، بما فيها المخططات المطورة المنفذة حديثا. وقدر رئيس بلدي الرياض نسبة إنجاز مشاريع تصريف مياه الأمطار والسيول القائمة في العاصمة بـ30% فقط، ومن المفترض أن تنتهي المشاريع خلال سنتين. لا حاجة لاختراع أوضح المشرف العام على مشاريع جامعة الحدود الشمالية الدكتور فارس الفرائضي أن حل مشكلة السيول واضح ولا يحتاج إلى اختراع، مستغربا في الوقت ذاته من أنه لا تزال مدن المملكة تعاني من السيول. وأوضح الدكتور الفرائضي أن حل مشكلة السيول يكمن في ميول الشوارع، مشيرا إلى أن التصريف نوعان، الأول بالجاذبية والثاني عبر المضخات.