على خلاف مصير بطل قصة أنطون تشيخوف العطسة، الذي انتهى به الأمر ميتاً، حين أخفق في الاطمئنان إلى أن الجنرال الذي كان يجلس أمامه، وهو يتابع عرضاً مسرحياً، فتناثر على صلعته رذاذ العطسة التي اندفعت منه على غير إرادته قبل اعتذاره، فإن بطل قصة عزيز نيسين لا تنزعج، لم يمت ولكنه نال توبيخاً قد لاينساه. كان حكمت النحات، وهذا هو اسم بطل القصة رجلاً طيباً، لكن عيبه الكبير أنه مهذب جداً لا ينادي أحداً إلا ب سيادتكم،و شخصكم الكريم. وبحسه الساخر الذي نعرف، يحكي نيسين قصة صديق للنحات زاره في بيته، فبادره الأخير بالقول: أهلاً بشخصكم الكريم، فرَّد عليه: لا تقل لي شخصكم الكريم، ولما أراد حكمت تصحيح الأمر، ردَّ: على رأسي يا أفندي. دعك من هذه أيضاً قال الصديق، فأجاب حكمت: حاضر ياسيدي.جلس الضيف على الكرسي فبادره حكمت: هل تشعرون بالراحة على الكرسي؟يبدو أنك غير مرتاح، وأخذه إلى كرسي آخر، وهرع ليحضر وسادتين أو ثلاثاً، ووضعها تحت يد الضيف ووراء ظهره قائلاً: خذوا راحتكم. بعد هنيهة قال حكمت: أشعر أنكم غير مرتاحين. أتزعجكم الرياح؟ هل أغلق النافذة، وبعد قليل: أتضايقكم الشمس؟ هل أسدل الستارة؟، مكرراً بين الفينة والأخرى: لا تؤاخذوني والضيف يرد بعبارات من نوع: لست منزعجاً، إنني مرتاح، لا يوجد أمر يستحق المؤاخذة. وأخيراً جاء الطعام، فقال حكمت لضيفه: يبدو أنكم غير مرتاحين على هذا الكرسي. غيّروه وعندما همَّ الضيف بوضع ملعقة الشوربة في فمه كرَّر حكمت: لا يا بيك، إنكم غير مرتاحين. سأجلب أريكة لتجلسوا عليها. تفضلوا. لماذا لاتأكلون من السلطة؟ هل ملحها قليل. وسط إلحاح حكمت على الضيف بالأكل امتلأ بطنه، ولكنه كان يصر عليه: كرامة لوجه الله.. كلوا. لم يعد هناك متسع في المعدة للأكل، مع ذلك فإن حكمت ردد: لم يعجبك الأكل. لماذا لا تذوقوا البيتزا بعد يوم من الزيارة قرع باب الصديق. كان حكمت هو الزائر وهو يتمتم: إعذروني على إزعاجكم. جئت فقط للاطمئنان إلى أنكم بخير، أريد التأكد: هل كنتم مرتاحين من زيارتنا؟. كما زمجر الجنرال في قصة تشيخوف بوجه صاحب العطسة الذي أتاه معتذراً، استجمع صديق حكمت كل ما في نفسه من غضب، وصرخ بعبارة ترجمها مترجم القصة إلى العربية هكذا: دخيلك حل عني. ولاك! العمى!. madanbahrain@gmail.com