نعود بالذاكرة لنهاية العام الماضي خلال شهر ديسمبر، لقصة بطل شاب وهب حياته فداء للوطن، نسرد تفاصيلها.. قبل استشهاده بـ15 يوماً قرر الشهيد الملازم أول الطيار سيف خلف سيف الزعابي زيارة عائلته التي تقطن مدينة كلباء، بعد أن أنجبت زوجته مولودته الأولى التي كان ينتظرها بفارغ الصبر.. استأذن مسؤوليه في العمل في إجازة قصيرة، قبل العودة لإكمال تدريباته العسكرية في جمهورية مصر العربية الشقيقة.. استعد للسفر والابتسامة تعلو وجهه البشوش لأنه سيرى طفلته التي أصر على أن تحمل اسم والدته شيخة نبع العطاء والحنان، ليكون ذكرها على لسانه طوال الوقت، كما هي موجودة في قلبه وتفكيره. طريق العودة في طريق العودة إلى الوطن؛ تملّكه شعور بالفرحة وغمرته السعادة، إذ إنه سيشاهد طفلته للمرة الأولى وقد أكملت يومها الـ25، وصل للمنزل واستقبلته عائلته بالأحضان وهنأه الجميع بـشيخة. وحين وقعت عينا الشهيد على طفلته الصغيرة انهمك في تقبيلها وحملها بشوق ولهفة واحتضنها بقوة، ولم يكد يفارقها خلال جلوسه مع عائلته، وظل يحاول أن يقضي معها أطول وقت. زيارة خاطفة للوطن لم تتعد ثلاثة أيام كانت للشهيد الملازم أول الطيار سيف الزعابي بعد ولادة طفلته، إذ توسط فيها أسرته جالسا وهو مبتسم يوصي والدته ببناء مسجد له يحمل اسمه، وقد عُرف عنه شغفه وحبه لأعمال الخير.. رسالة كبيرة في مضمونها شاركها الفقيد مع عائلته قبل رحيله، كان يعبر عنها بكلمات وإشارات رغب أن تبقى محفورة في ذاكرتهم، ورغم أن بعضها أثار الحزن والتساؤل لدى بعضهم من توصيات وطلبات وكأنها تحكي وداعا من غير رجعة، الا انهم تماسكوا ووجدوا ان الفقيد اعتاد دوما ان يكون خيرا ومحبا للجميع.. سافر مودعا عائلته بابتسامة ورضا بان حب الوطن واجب على كل مواطن. حلم الطفولة عاد الفقيد إلى مصر لاستكمال باقي تدريباته العسكرية في الطيران، فالحلم بأن يصبح طياراً ظل يساوره منذ صغره وهو يشاهد الطائرات الحربية تحلق عالياً تخترق السحب، التي وجد فيها تعبيراً عن شخصيته المحلّقة في الأعالي، حلم كبر معه منذ الابتدائية والاعدادية حتى الثانوية التي انهاها في مدرسة المحمود للبنين في كلباء، لتبدأ مرحلة جديدة في حياته عام 2006 وهو تحقيق حلم الالتحاق بصفوف القوات المسلحة في كلية الطيران، فهو هدف سامٍ زرع بداخل الفقيد الذي تربى وسط عائلة عسكرية عرف عنها الاخلاص والتفاني لخدمة الوطن. تدريبات عسكرية يوم الأربعاء 17 ديسمبر 2014 عمّ الامارات نبأ حزين باستشهاد اثنين من جنودها الابطال اثناء تدريبات عسكرية في مصر، كان الملازم اول الطيار سيف خلف سيف الزعابي احدهما الذي استشهد في ساحة الواجب والشرف خلال تمرين عسكري بين القوات المسلحة الإماراتية والمصرية، لتفقد الإمارات احد ابنائها الابرار. تلقى اهالي كلباء نبأ الاستشهاد بالأسى والفخر في آن، انتابتهم مشاعر حزن على فراق الشهيد سيف الزعابي تخللتها مشاعر من العزة والفخر، الأمر الذي كان بمثابة بلسم واسى عائلته في مصابها الجلل، التي استقبلت خبر الاستشهاد بثبات وصبر واحتساب لنيله اعظم المنازل واستشهاده اثناء اداء واجبه الوطني. ويوم 19 ديسمبر من العام الماضي تسلم ذوو الشهيد سيف الزعابي جثمان ابنهم وأدوا صلاة الجنازة على روحه الطاهرة، بمشاركة الشيخ هيثم بن صقر القاسمي نائب رئيس مكتب صاحب السمو الحاكم في كلباء، وعدد من أهالي المدينة، وقد انطلق موكب التشييع المهيب من أمام المسجد يتقدمه حشد غفير من المشيعين الى مقبرة خور كلباء. العطور والدخون تاريخ فاحت فيه العطور وروائح الدخون غطت المكان، وتلألأت المصابيح وازدانت قاعة العرس بالزهور، وتزين أهالي كلباء وارتدوا افضل ما لديهم، يشاركون ابن منطقتهم فرحة عمره الشهادة.. بعد يوم وتحديداً في 20 ديسمبر 2014، كان الرحيل وبه غاب الشهيد البطل عن ذكرى جميلة في حياته الزواج، ليسجل في سجل البطولة الخالد شهيداًَ عند ربه حي يرزق إن شاء الله.