العديد من الصحف العربية الصادرة الاثنين بالهجمات الدامية التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس يوم الجمعة 13 نوفمبر/تشرين الثاني وتبناها تنظيم الدولة الإسلامية. ودعت عدة صحف إلى تضافر الجهود الدولية في مجال مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخباراتية، بينما ألقت صحف أخرى باللوم على الدول الغربية لـتجاهلها تحذيرات عربية سابقة بأن خطر الإرهاب قد يطال أوروبا. دعوة إلى جهود عاجلة أعربت البيان الإماراتية في افتتاحيتها عن تضامنها مع فرنسا، داعية إلى جهود دولية عاجلة لمحاربة الإرهاب. قالت الصحيفة: نحن على يقين من أن فرنسا بشعبها العظيم ستصمد وتنهض وتجتاز محنتها بسرعة، لكن الإرهاب لن ينتهي من العالم، وسينتقل من بلد لبلد، الأمر الذي بات يستوجب، وبشكل عاجل، جهوداً دولية موحدة وحاسمة. في نفس السياق، دعت الأهرام المصرية دول العالم، خاصة الأوروبية منها، إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية في مجال مكافحة الإرهاب، قائلةً إن اللحظة هي لحظة التضامن مع فرنسا ومساعدتها بالمعلومات الاستخباراتية وبكل أشكال الدعم. وتساءلت الصحيفة: هل ستظل العواصم الغربية تمارس هذه السياسة الأنانية المفرطة فى حجب المعلومات الاستخباراتية عن بقية الدول التي في الخطوط الأولى فى الحرب ضد داعش والارهاب، في إشارة إلى حجب بريطانيا معلومات استخباراتية عن مصر حول تحطم طائرة ركاب روسية فوق سيناء أواخر الشهر الماضي. يأتي هذا فيما ناقش بعض الكتّاب احتمالات تغيير فرنسا والدول الأوروبية لسياساتها تجاه الشرق الأوسط بعد هجمات باريس الأخيرة، فقد كتب ماجد توبة في الغد الأردنية يقول إن تلك الهجمات قد تكون نقطة تحول رئيسية للسياسة الأوروبية. وأضاف الكاتب: أمام أوروبا أكثر من خيار، الأول هو السير على خطى بوش الابن ومحافظيه، وإطلاق روح الانتقام واعتماد ذات السلاح الذي يستخدمه الإرهاب، وهو إثارة الكراهية والتطرف الفكري والسياسي تجاه الشرق المنكوب، وملايين اللاجئين والمقيمين العرب والمسلمين في أوروبا. الخيار الثاني، وهو الأجدى لأوروبا ولنا في هذا الشرق، هو خيار الذهاب مباشرة لحل أزمات المنطقة سياسياً. في السياق ذاته، كتب مصطفى اللباد في السفير اللبنانية يقول: يبدو أن فرنسا ودولاً غربية ستعيد النظر في استراتيجياتها حيال سوريا والعراق، بحيث تحتل محاربة ’داعش‘ الأولوية الغربية وتتقدّم على ما سواها من أولويات في صراعات المشرق العربي. تحذيرات عربية تعالت مظاهر التضامن مع الفرنسيين في مناطق مختلفة من العالم أعرب أحمد الفراج في صحيفة الجزيرة السعودية عن أمله في أن تؤدي تفجيرات باريس إلى الإسراع في اتخاذ تدابير لمواجهة تنظيم الدولة. وألقى الكاتب باللوم على الدول الغربية لما وصفه بتجاهلها تحذيرات عربية سابقة في هذا الشأن، وتساءل عن سبب تساهل دول أوروبا مع من أسماهم بالمتشددين. وقال: أو ليسوا هم من تساهلت معهم دول أوروبا لفترة طويلة؟!، وصمت آذانها عن تحذيرات بعض الرؤساء العرب لهم من الإرهاب وزعمائه، والذين يحمل بعضهم جنسيات أوروبية؟! على نفس المنوال، انتقد سالم بن حمد الجهوري في صحيفة عُمان الغرب لعدم أخذه تحذيرات عربية حول تمدد الإرهاب على نحو جاد. قال الكاتب: صاحت وعلت الكثير من الأصوات لعواصم الغرب أنهم إن يؤذونا اليوم فقد يصلوكم غداً، وإن قتلوا منا فقد يقتلون منكم، لا تبعدنا الجغرافيا كثيرا... لكن صمّ الغرب آذانه لسنوات وأوغل في المناداة بحرية الرأي والتعبير. وقال الكاتب إن الإرهاب لا يعرف وطنا ولا يعترف بالحدود، داعياً دول العالم للاتحاد لمحاربة الإرهاب بكل السبل. وفي صحيفة الشروق الجزائرية، أعرب جمال لعلامي عن تخوفه من أن تُلقي تفجيرات باريس بظلالها على الجاليات العربية والإسلامية في أوروبا. وقال الكاتب: من الطبيعي أن يتسلل الفزع إلى نفوس المهاجرين العرب والمسلمين المقيمين بفرنسا وكلّ أوروبا، فطالما تعرّض هؤلاء، كردة فعل لهكذا اعتداءات، إلى عمليات انتقام وعنصرية وترويع وملاحقة وتفتيش وإهانة. وأضاف: ما حدث بشوارع باريس هي جريمة شنعاء ونكراء استهدفت مدنيين أبرياء، تتطلب ردود فعل مستنكرة وبعيدا عن التمييز والمفاضلة بين الضحايا، مهما كان دينهم وملتهم وجنسياتهم وبلدهم، ولا تستدعي أبدا اللجوء إلى ردود انتقامية وثأرية، لن تخدم في الأول والأخير سوى أعداء الحقّ في الحياة. هجمات باريس والصراع في سوريا قام بعض الكتّاب بالربط بين اعتداءات باريس الأخيرة والصراع الدائر في سوريا، فقد حمَل أحمد الحباسي في الوفاق الإيرانية نبرة شماتة ضد فرنسا، قائلاً إن سبب هجمات باريس هو تدخل فرنسا في سوريا. قال الكاتب: فرنسا كما هي شريك فاعل في العدوان فهي شريك في نزوح اللاجئين إلى خارج سوريا هروباً من الإرهاب الذي تسانده فرنسا بالمعلومات والتخطيط والتمويل. وأضاف: مساندة فرنسا للإرهاب تدمر الرغيف السوري وتضع الحكومة السورية في مشاكل يومية عويصة لمجابهة الوضع الاقتصادي المدمر، أيضا تقف فرنسا في صف الدول المنحازة للخيار العسكري ضد الشعب السوري وفي صف المنادين برحيل الرئيس الشرعي المنتخب. أما خلف الحربي فقد قال في صحيفة عكاظ السعودية إن تفجيرات باريس جاءت بمثابة الهدية الغالية لجزار دمشق بشار الأسد وحلفائه الإيرانيين والروس، فقد استهدف الإرهابيون فرنسا التي طالما وقفت ضد بقاء بشار في السلطة ودافعت عن حقوق الشعب السوري منذ الأيام الأولى للثورة السورية. وأردف الحربي قائلاً إن فرنسا قادرة دون شك على استعادة توازنها بعد صدمة التفجيرات المريعة خصوصا وأنها أكثر الدول الغربية احتضانا للإسلام والمسلمين، ولكن مأساتنا نحن المسلمين مع هذه التنظيمات الإرهابية سوف تستمر طويلا.