×
محافظة مكة المكرمة

مدني جدة: وفاة طفل غرقاً بمحافظة بحرة

صورة الخبر

كل إنسان لا بد أن يشعر بالحزن العميق على أي جنون يستهدف الإنسان بغض النظر عن دينه وعرقه ومذهبه وطائفته ومعتقده وأي اعتبارات أخرى. الأديان كلها هدفها الأساسي الحفاظ على حياة البشر وسلمهم وأمنهم وكرامتهم بمواثيق أخلاقية سامية تنظم علاقاتهم حتى يرث الله الأرض وما عليها، والدين الإسلامي بالذات هو أكثر الأديان اعتناء بهذه الجوانب الأخلاقية بين أتباعه وكذلك أتباع الديانات الأخرى، ولذلك تكون جريمة شنيعة حينما تتم أي ممارسات باسمه تستهدف الأبرياء المسالمين دون أن يكونوا طرفا مباشرا في حرب أو يعتدوا على غيرهم. اللحظات التي عاشتها باريس مساء الجمعة تمثل واحدة من اسوأ الانتهاكات التي لحقت بالبشرية، ربما تكون الثانية في القسوة بعد ضحايا الحادي عشر من سبتمبر التي حصدت آلاف الأبرياء وألحقت بالمسلمين والعرب ضررا لم يتعرضوا لمثله في تأريخهم، عانى منه الأبرياء وشوهت صورة الإسلام بشكل محزن. نعرف أنه إلى الآن لم تتضح الصورة بشكل كامل، ولم تعرف بعد هوية كل المشاركين في ليلة باريس الدامية، ولكن ما رواه بعض من نجوا من تلك المذبحة يشير إلى ترديد شعارات إسلامية، والحديث عن الصراع في سوريا وما إلى ذلك، كما أن جواز السفر الذي عثر عليه بجانب أحد التفجيريين كان باسم عربي، وبغض النظر عما ستسفر عنه الحقائق لاحقا فإن الاتهام أصبح الآن يوجه بشكل تلقائي للمسلمين والعرب في أي حادث إرهابي حتى يثبت العكس، وهذا العكس لم يثبت بعد للأسف الشديد. نعم يتحمل الغرب ودوله الكبرى وزرا كبيرا في الجنون الذي يحدث في بعض ساحاتنا العربية والذي استقطب الدمويين من كل أنحاء العالم ليعيثوا قتلا وتدميرا لكل كائن حي. نعم تراخى الغرب لحسابات سياسية عن التدخل المبكر لإنهاء المأساة، وعندما قال وزير الخارجية الأمريكي إن بشار الأسد هو السبب الرئيسي لما يحدث من إرهاب لأنه لم يواجه الإرهابيين فإنه قول مضحك وسخيف لأن أمريكا بالذات هي من أحجمت عن مساعدة الآخرين لإنهاء المأساة في سوريا وغيرها، وهي التي سمحت للوضع بالتأزم ليصل إلى حد اللامعقول، وهي التي جعلت روسيا تدخل في آخر المطاف لتشعل مزيدا من الحرائق، ولكن مع كل هذا لا يوجد مسوغ إنساني ولا تبرير أخلاقي لحصد أرواح أبرياء يجلسون في مقهى أو يشاهدون مسرحية أو مباراة رياضية. إنها فترة الجنون التي لم يمر التأريخ الحديث بمثلها. فترة لعينة انسلخت من كل قيم الإنسانية وظهرت بشكل بشع لا تنتجه خيال أفظع رواية رعب. فإلى أين يسير هذا العالم، إلى أين تسير الإنسانية التي لم يبق منها سوى اسم فارغ من كل معنى.