هناك اتفاق عام على أن هجوم باريس الإرهابي يعتبر ثاني أشنع عمل إرهابي بعد أحداث سبتمبر، قبل أربعة عشر عاما، بل إن هناك من اعتبره أشنع من هجمات سبتمبر، وذلك لأنه جاء بعد وقت طويل من تحصين دول العالم لنفسها من الإرهاب من جهة، ولأنه استهدف ستة مواقع في قلب واحدة من أهم عواصم العالم من جهة أخرى، ولا يمكن لهذه العمليات أن تتم إلا بتخطيط دقيق، ومسبق، وبالتأكيد لن يكون عالم ما بعد هجمات باريس مثل عالم ما قبلها، وسيكون الضحية الأكبر لذلك هم العرب والمسلمين، إذ أنه كان هناك حراك شرس ضد الأجانب قبل هذا الإرهاب الدموي، فما بالك الآن، ولك أن تتخيل ردة الفعل الشعبية في العالم الغربي ضد العرب والمسلمين، خصوصا من قبل الحركات المتطرفة، والمؤلم هو أننا لم نكد نشهد التخفيف على إجراءات منح التأشيرات، خلال السنوات الأخيرة، حتى جاء هذا العمل الإرهابي، والذي بالتأكيد لن يعيدنا إلى نقطة الصفر، بل إلى ما دون تلك النقطة. كما هو متوقع، أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن العمليات، ونتمنى أن يسرع ذلك في الجدية في مواجهة هذا التنظيم الخطر، والذي ينخر في ثلاث دول عربية هامة، سوريا والعراق وليبيا، ويتمدد في كل أرجاء العالم، وينفذ عملياته في كل مكان يستطيع الوصول إليه، بما في ذلك الدول العربية والإسلامية، ما يعني أنه عدو للإنسانية والأمن والسلام، بغض النظر عن الدين واللون والجنس، وهنا نتوقف عند تصريح الرئيس الفرنسي بأن إرهاب باريس تم التخطيط له في الخارج، ونفذه متشددون في الداخل الفرنسي، فمنهم هؤلاء المتشددون في الداخل الفرنسي؟!، أو ليسوا هم من تساهلت معهم دول أوروبا لفترة طويلة؟!، وصمت آذانها عن تحذيرات بعض الرؤساء العرب لهم من الإرهاب وزعمائه، والذين يحمل بعضهم جنسيات أوروبية؟!، أو لم يتحدث الملك عبدالله، رحمه الله، ويحذر الغرب بأنهم إن لم يتحركوا سريعا لمواجهة الإرهاب، فإنه سيصل إليهم في أمريكا وأوروبا، وهو الحديث الذي تم تداوله بشكل واسع، بعد هجمات باريس الإرهابية؟!. بين يدي الآن صور لمسلمين متشددين، وهم يتظاهرون في عواصم الغرب، التي يحملون جنسيتها، ويعيشون على رواتب الضمان فيها، ويتعالجون في مستشفياتها، ففي واحدة منها يحمل أحدهم لافتة تقرأ: «أوروبا.. سوف تدفعون الثمن.. أحداث سبتمبر أخرى في طريقها إليكم!!»، وفي مظاهرة أخرى، تقرأ لافتة كبيرة: «المسلمون يرفضون الديمقراطية!!»، والغريب أن البغل الذي يحمل اللافتة السابقة، ويتمتع بصحة جيدة، لا يعلم بأنه لولا ديمقراطية أوروبا التي يرفضها، لكان يسكن في بيت خرب في إحدى دول العالم الرابع، ويستجدي لقمة طعام تبقيه على قيد الحياة، وقبل ذلك تابعت مظاهرة لمتشددين في بروكسل، تحت حماية البوليس البلجيكي!!، وهم يحملون لوحة ضخمة، تطالب الكفار بمغادرة بلجيكا!!، وهذه ليست مزحة حشاشين، بل حقيقة، فما هذا التسامح الغريب؟!!، فهناك خيط رفيع بين التسامح والغباء، فالبعرة تدل على البعير، ومع يقيننا بأن كل هذا سيتغير، بعد إرهاب باريس الدموي، إلا أننا سنكون، نحن الأبرياء، ضحية لهمجية داعش، إذ سنشهد سنوات عجاف، شبيهة بتلك التي أعقبت أحداث سبتمبر، فلن يكون السفر للأمور الاضطرارية، مثل العلاج، يسيرا ، ناهيك عن السفر للسياحة، وربما نشهد ما هو أبعد من ذلك بكثير، فالغرب، بزعاماته وشعوبه، غاضب جدا، وبشكل غير مسبوق، فاللهم رحماك!.