الإعجاب بالشخص أو التعاطف مع وضعه أو أهمية بقائه ضمن منظومة العمل ليست أسبابا منطقية تبرر ترقية الموظفين للمراكز القيادية. مهم جدا أن نتعرف على عواقب القرارات المتعلقة بشغل الوظائف الإشرافية والقيادية بطريقة محايدة وشفافة. إن رغبة الموظف في شغل الوظيفة القيادية ليست مهمة, بل قد تكون دافعا لإعادة التفكير في القرار. يشتغل القادة برؤية الأمور على مستويات عليا, ولهذا فهم يدركون كم المسؤولية, وخطورة القرارات التي سيتخذونها. وهو أمر لا يتوافر في الأشخاص الذين ينظرون إلى الأمور ببساطة. كثير من المختصين في مجال عمل المنشأة يفشلون في إدارتها والأسباب كثيرة, لكن العنصر الإنساني يأتي في مقدمة الأسباب. يقع ضمن الإشكالات التي يمكن أن تسبب فشل القائد, القناعة الداخلية بأنه أفضل الموجودين, ورفضه الاستماع للآراء المخالفة. يؤدي فقدان عنصر الثقة بين القائد ومرؤوسيه إلى تكوين هوة في الثقة يصعب ردمها. يمكن أن تصل الأمور إلى حد الإحجام عن تقديم النصائح للقائد بسبب الخوف من ردة فعله أو الرغبة في إفشال جهوده, وهذا كله يتعلق بالعنصر الأهم وهو القدرات الإنسانية للقائد. نبحث هنا - وفي عجالة - عن العناصر التي يمكن أن نعتمد عليها في اختيار قادة المستقبل بدءا من المسؤولين في الأعمال الإشرافية وانطلاقا إلى الوظائف القيادية العليا. الأكيد أن هناك قدرات معينة لكل شخص يمكن أن تطور من خلال الخبرة والتدريب لتوصله إلى المرحلة التالية. يبقى اهتمام الشخص ومجالات إبداعه ومهاراته الشخصية وتكوينه النفسي والسلوكي, أساسا في الحكم على المرحلة التي يمكن أن يصل إليها في المراتب القيادية. يبنى على هذه المهارات والقدرات والرغبات في تكوين المسارات الوظيفية التي تناسب الشخص وتحقق الفائدة الأكبر من وجوده في المنظومة. أهم عناصر الترشيح للوظائف القيادية هو: ظهور علامات منطقية بأن الشخص قادر على القيام بالمهمة بالطريقة الصحيحة. من العناصر الأساسية في هذا الشأن مراقبة الموظفين والتعرف على طريقة تعاملهم مع الزملاء والقضايا التي يعالجونها. الخبرة ليست العنصر الأهم في هذه الحالة. نحن نبحث عن المبادرين الذين يوجدون طرقا إبداعية لتنفيذ الأعمال, نبحث كذلك عن الذين يميلون إلى مساعدة زملائهم في تحقيق النتائج. باختصار، الإيجابية والقدرة على المشاركة في الفريق هما العنصران الأهمان في البحث عن قادة المستقبل ..وغدا نكمل البقية.