×
محافظة المنطقة الشرقية

«فورد» تواجه الملاحقة القضائية في أمريكا

صورة الخبر

سلسلة الهجمات الإرهابية البشعة التي قام بها تنظيم داعش الإرهابي المتوحش في العاصمة الفرنسية باريس، مساء الجمعة وفجر السبت، تمثل تذكيراً جديداً للعالم كله، ومن ضمنه العالمان العربي والإسلامي، بأن الإرهاب وخطره بلغا مرحلة لم يعد من المقبول معها الاستمرار في نفس الأساليب السابقة في التصدي لهذا الوباء ومكافحته. فمن يرسل قتلة محترفين لقتل الأبرياء في المطاعم وملاعب كرة القدم والمسارح العائلية، ينقل المعركة معه، وباختياره هو، إلى مرحلة جديدة، لا يجوز أن يبقى العالم فيها مجرد محارب انتقائي للإرهاب، بل يجب اليوم أن تكون الرسالة واضحة للجميع: نحن جميعاً ضد الإرهاب، وفي حرب معه، ولا يجوز أن يبقى أحد متفرجاً، فلا مكان لا للتبرير ولا للاختباء ولا للتردد. والواقع أن وصول مستوى الإجرام لدى هؤلاء، إنما يؤكد سلامة موقف دولة الإمارات العربية المتحدة، بأن السبيل الوحيد للتعامل مع الإرهاب، يجب أن يكون أسلوباً واحداً، وهو الاستئصال. فالاستئصال هو الطريق الوحيد لقطع شأفة هذا السرطان.. والتخلص منه. ومن لديه شك في صحة هذا النهج، أذكره أن هذا ما فعله المسلمون الأوائل مع الخوارج الذين خرجوا على صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، الخليفتين الراشدين عثمان وعلي رضي الله عنهما وأرضاهما، وهذا ما فعله المسلمون في كل عصر مع الخوارج، كما فعلوا مع الحشاشين ومع القرامطة، ومع غيرهم من أصناف الخوارج ومقلديهم. وقد يقول قائل: ماذا عن المناصحة والمراجعات الفكرية، وأقول إن هؤلاء قوم تتم تهيئتهم نفسياً وفكرياً، وتغسل أدمغتهم بحيث يقاومون التحقيق وأساليبه، والمناصحة ومضامينها، ولكنهم قد يتظاهرون بالتجاوب للخروج من السجن، كي يعودوا بعد ذلك إلى سيرتهم الأولى. وقد رأينا من ذلك الكثير في الدول التي طبقت تجربة المناصحة. أحدهم في دولة شقيقة، تظاهر بالتناصح، فصدر العفو عنه، وتم تزويجه، ومنحته الحكومة بيتاً، وأنشأت له مصنعاً للتمور، وقدمت له بعض المال، وإذا به بعد عدة شهور، يفجر نفسه في مركز للشرطة. كيف بالله عليك يمكن الثقة في مثل هؤلاء؟! لسنا دمويين، ولا نؤيد القتل لمجرد القتل، ولكن المبدأ الرباني معروف: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة 179)، ولاحظوا معي نهاية الآية: لعلكم تتقون. يقول المفسرون فيها: وختمت الآية بهذه الجملة التعليلية (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون)، زيادة في إقناع نفوسهم بأمر القصاص، أي: شرعنا لكم هذه الأحكام الحكيمة، لتتقوا القتل حذراً من القصاص، ولتعيشوا آمنين مطمئنين.. ومتوادّين متحابين. وبهذا البيان الحكيم، تكون الآيتان الكريمتان (178 و179 من البقرة)، قد أرشدتا إلى ما يحمى النفوس، ويحقن الدماء، ويردع المعتدين عن الاعتداء، ويغرس بين الناس معاني التسامح والإخاء، ويقيم حياتهم على أساس من الرحمة والعدالة وحسن القضاء. (طنطاوي في الوسيط). وقد قالت العرب قديماً: قتل البعض إحياء للجميع، وهذا في حالات القتل الفردي، فكيف بمن يعتقدون أنهم يتقربون إلى الله بقتل العشرات، بل والمئات، لا يردعهم أن يكون القتلى مصلين في مسجد. كما رأينا في نجران وغيرها، أو أطفالاً، أو نساء، أو مسلمين أو غير مسلمين. لم يعودوا يقيمون إلّاً ولا ذمة لشيء، كأنما لا دين لهم إلا القتل، والقتل فقط. فبأي لغة يمكن التفاهم مع هؤلاء، إن لم تكن بالقتل نفسه، ولا يفل الحديد إلا الحديد. ولعل هذا الموقف الحازم، هو الذي دفع بالسلطات القضائية في الدولة، إلى التنفيذ الفوري لحكم الإعدام بالمجرمة التي اعتنقت الفكر الإرهابي الضال، وارتكبت جريمتها المعروفة في جزيرة الريم العام الماضي، وهو الموقف الذي يفترض أن يحصل مع كل من تسول له نفسه المساس بأمن هذه الدولة الآمنة بإذن ربها سبحانه وتعالى، وكل من يريد إرهاب مواطنيها أو المقيمين فيها. إن الحزم في مواجهة الإرهاب، لم يعد خياراً، بل واجباً وطريقاً لا رجعة فيه، حماية لأنفسنا ولأبنائنا ومستقبل شعبنا وأمتنا وإنسانيتنا المشتركة. والمطلوب هنا، أن نقف جميعاً كمواطنين وكمقيمين صفاً واحداً خلف قيادتنا الرشيدة، في التصدي لهذا السرطان على جميع المستويات، لأننا في حالة دفاع شرعي عن أنفسنا وعن ديننا .. وعن وطننا وعن وجودنا. والإرهاب الذي استباح باريس بالأمس، وغيرها من مدن وعواصم قبل ذلك، لن يتردد في استهداف أي مكان، سواء مباشرة، أو عبر الأنفس المضللة، ولا بد لنا من الحذر والوعي والانتباه. وأعتقد هنا أن بيان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، حول أحداث باريس، لخص موقف الإمارات الحازم والجازم والحاسم ضد الإرهاب، حيث دعا سموه، المجتمع الدولي إلى التكاتف بقوة في مواجهة التطرف فكراً ودعماً وإجراماً، محذراً سموه من أية محاولة للخلط وتبرير الإرهاب تحت أي ذريعة. وأضاف سموه أننا في هذا اليوم، نؤكد قيمنا الدينية وموقعنا الإنساني في الرفض المطلق للتطرف والإرهاب، والجرائم التي يرتكبها في حق المدنيين والأبرياء، وموقعنا مع العالم المتحضر، الذي يرى في الإنسانية والسلم مبدأ غالباً شاملاً يجمعنا. ولعل أبرز ما جاء في بيان صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، تأكيد سموه أن الإرهاب لا دين ولا وطن له، فهو ينتهج إيديولوجيات تغذي دوامة العنف والعصبية والكراهية والانتقام والقمع، مبيناً سموه أن الإرهاب الذي استهدف زعزعة أمن واستقرار فرنسا، يمثل تهديداً لكل القيم الإنسانية والأخلاقية والقوانين والأعراف الدولية، فهو عمل وحشي لا إنساني، يمثل التطرف والإرهاب في أبشع صوره. حمى الله الإمارات، وطناً وقيادة وشعباً، وقاتل الله الإرهاب والإرهابيين ومن وراءهم من قوى الشر.