هناك مفردات في حياة البدوي لا يمكن تجاهلها، أو أن تغيب عن الذاكرة، إذ تشكل تراث شعوب المنطقة، وتعبر عن خصائص المكان وخصوصية الحياة البدوية. التاريخ هو الهوية الحقيقية للأمم والشعوب، وهناك علامات فارقة في تاريخ الشعوب والدول لا يتشابه ما قبلها مع ما بعدها، كما في تاريخ الثاني من ديسمبر 1971، الذي يمثل في حقيقته جوهر تاريخ دولة الإمارات، واللبنة الأساسية التي بنيت عليها أسس قيام الدولة وتطورها ونموها، واستناداً إلى أهمية هذا التاريخ، وإلى حقيقة أن تاريخ الإمارات المشرق لا يقل أهمية عن حاضرها الزاهي، جاءت مبادرة 1971، التي أطلقها سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، بهدف الإسهام في توثيق تاريخ الدولة في جميع المجالات. واستلهاماً لهذه المبادرة المهمة، تأتي هذه الصفحة الأسبوعية التي تقدمها الإمارات اليوم، بالتعاون مع الأرشيف الوطني، التابع لوزارة شؤون الرئاسة، للتعريف بشكل الحياة في الإمارات قبل الاتحاد، وخلال بداياته الأولى، والجهد الكبير الذي بذله الآباء المؤسسون للدولة من أجل قيامها. أرقام وأحداث 9 | يراوح عدد الأعمدة التي تقوم عليها الخيمة أو بيت الشعر بين اثنين وتسعة أعمدة. 4 | يوضع بعض بيوت الشعر على أربعة قوائم منعاً للتعرض للريح، وبعضها مغلق وبعضها مفتوح من الجانبين. 2 | غالباً ما تشترك اثنتان أو أربع نساء في غزل نسيج بيت الشعر ويثبتن في الأرض أربعة أعمدة على زوايا مستطيل. 30 % | في الوقت الحاضر، يشهد سوق الخيام إقبالاً كبيراً من محبي التخييم ورحلات البر، ما يسهم في ارتفاع الأسعار من 30% إلى 40%. مصطلحات هناك مصطلحات ارتبطت في التراث العربي بالخيمة أو بيت الشعر مثل: الشقاق ويعني به سقف الخيمة، والخدرة وهو الحاجز الذي يفصل بين قسم الحريم وقسم الرجال، والربعة وهو قسم الرجال في الخيمة. وكذلك العواميد ويقصد بها أعمدة الخيمة، ولكل خيمة ثلاثة صفوف من الأعمدة باتجاه الطول هي التي ترفع سقف الخيمة. والطناب ويقصد بها حبل الخيمة. الخيمة.. واحدة من أبرز مفردات الحياة البدوية القديمة، والحديثة أيضاً، فهي حتى الآن، مع الفرق في الشكل والإمكانات والإعدادات، حاضنة المجالس ورفيقة جلسات السمر في البر. عرفت الخيمة بـبيت الشَعر الذي كان بيت البدو الذي يقيمون فيه، ويحملونه معهم في ترحالهم، وهو الأنسب لطريقة حياة سكان المنطقة التي لم تكن تعرف الاستقرار في مكان واحد، وكان يصنع من شعر الماعز الذي يخلط بصوف الضأن، لأنه يتماسك عند نزول المطر عليه، بينما يكسبه خلطه بالصوف قوة تجعله يقاوم حرارة الشمس والرياح والرمال. وتختلف أشكال بيوت الشعر، وبعضها لا يأخذ شكل خيمة، إذ يتم وضعها على قوائم مربعة منعاً للتعرّض للريح، وبعضها مغلق وبعضها مفتوح من الجانبين. في كتابها وين الطروش الذي تروي فيه الشيخة صبحة محمد جابر الخييلي، ذكرياتها عن بادية أبوظبي خلال الثلاثينات إلى الستينات من القرن الـ20، تتحدث عن بيت الشعر، موضحة: في الشتاء كنا نسكن (بيوت الشعر) المصنوعة من شعر الماعز والخراف، ومن صفات تلك البيوت أنها تبعث الدفء وتحمي من البرد الشديد، وتقي من تسرّب مياه الأمطار، وهكذا كنا نقاوم الظروف الجوية شديدة التغيير في مواسمها، فمن المعروف أن المناخ في الصحراء يختلف عنه في السواحل والمدن، إذ إن البدوي لا يجد ما يقيه من تقلّبات المناخ هو وأسرته إلا بما يصنعه بنفسه من أدوات يمكن ان تساعده على البقاء، وتعينه في التنقل والترحال من مكان إلى آخر. وأشارت إلى أن صناعة بيوت الشعر كانت تشتهر بها النساء، إذ إن الفتاة تتعلم كل الصناعات التي يمكن أن تؤهلها لتصبح ربة منزل ماهرة في المستقبل، وتستطيع مساندة زوجها في عمله وسعيه نحو تدبير الرزق وموارد الحياة المختلفة واحتياجاتها. وتضيف: لما كان بيت الشعر ثقيل الوزن كان أهل الفريج يتعاونون في ما بينهم لرفع عمدان الواسط بمستوى أعلى مما كان عليه حتى لا يتجمع ماء المطر في وسط سقف بيوتهم، وكانوا يحيطونها من الخارج (بالسناح) أو (الحياب) الذي يستخدم لتجميل الجدران، وهو مصنوع من الصوف ومزخرف بالقطن الأبيض، ثم يفرد (الطربال) لتجميع ماء المطر فيه وإعادة استخدامه في أغراض أخرى، لافتة إلى أن البدو كانوا يعانون كثيراً في شهور الصيف من الحر الشديد، لذا كانوا يقطنون عند الآبار، ويبنون بيوتاً مصنوعة من خوص النخيل. تفاصيل أكثر عن الخيمة يذكرها الرحالة الألماني ماكس فون اوبنهايم في كتابه رحلة ماكس فون اوبنهايم من البحر الأبيض المتوسط إلى الخليج، مشيراً إلى أن الخيمة لم تكن قطعة واحدة مستطيلة بل تتركب من عدد من القطع العريضة المنسوجة من شعر الماعز ووبر الإبل، بينما يراوح عدد الأعمدة بين اثنين وتسعة أعمدة. وعادة ما توثق الخيمة عرضاً بحبال قصيرة قريبة من الأرض، في حين يبقى جانب الطول مفتوحاً عن طريق شده إلى حبال طويلة إذ يبلغ علو المدخل طول قامة الرجل أو أطــــــــــــــول حـــــــسب طــــــــــول العـــــــمــــــــــــــود. ويوجه الجانب المفتوح من الخيمة عكس اتجاه الريح، وفي فترة الصيف يتم فتح الخيمة من جانبين متقابلين لخلق تيار هوائي. كما يضيف اوبنهايم أن خيمة شيخ القبيلة تختلف عن خيمة بقية أفراد القبيلة، فهي أكبر حجماً، وتتكون من أقسام عدة (شقق) عرض الواحدة منها ثلاثة أرباع المتر تقريباً، تخاط هذه الشقق إلى بعضها بطريقة غير محكمة، وتفك عند الترحال، إذ إن الخيمة كاملة تمثل عبئاً ثقيلاً لا يتحمله جمل واحد. وتقسم الخيام الكبيرة دائماً إلى غرفتين يفصل بينهما جدار يسمى المعند. وتسمى الغرفة الكبرى المقعد، وتخصص عادة لاستقبال الرجال والضيوف وعقد الاجتماعات. أما الصغرى فهي المحرم فتخصص لإقامة النساء. وتفرش غرفة الرجال عادة بمفارش وأغطية وسجاد ووسائد حسب إمكانات صاحب الخيمة وثرائه، كما يتم تغطية الجدار الداخلي الفاصل وجوانب الخيمة بهذه المفارش. وتبدأ عملية صناعة بيت الشعر بغزل الصوف خيوطاً طويلة لنسجها على هيئة قطع صوفية طويلة، إذ تتجمع اثنتان أو أربع نساء ويثبتن في الأرض أربعة أعمدة على زوايا مستطيل ثم يربطن خيوط الصوف الطويلة بين هذه الأعمدة، ثم يبدأن الانتقال بخفة بين الخيوط، بحسب ما ورد في موسوعة التراث الشعبي لدولة الإمارات العربية المتحدة، ليعملن نسيجاً عن طريق مخالفة الخيوط من أسفل إلى أعلى في اتجاه أضلاع المستطيل، وبعد أن تتحول الخيوط إلى قطع صوف طويلة تلصق هذه القطع متجاورة عن طريق الخيوط المتينة، وتتحول إلى غطاء متين، ثم تبدأ عملية تشكيله ليصبح منزلاً محكم الإغلاق. بيوت صيفية كانت بيوت الشعر تستخدم في فصل الشتاء لأنها تبعث الدفء وتقي من البرد والأمطار والرياح. وفي شهور الصيف، كان البدو يقيمون بالقرب من الآبار، بعد أن يبنوا بيوتاً من خوص النخيل كانت تسمى سميم ومفردها سمه، لحمايتهم من الحر، وكانوا يرشونها بالماء من الخارج، كما ورد في كتاب وين الطروش، لتلطيف البيت من الداخل. فرش كانت بيوت الشعر تفرش من الداخل بصوف الأغنام الذي كان يستخدم في صناعة الفراش، بينما تصنع المطارح من القطن والقماش. كما كان مجلس الرجال يضم أدوات صنع القهوة مثل التاوة والدلال والمحماس، وكذلك المندبان الذي يشبه السرير المرتفع وكان يصنع عادة من الحطب ويوضع عليه الزاد. ويعلق رب البيت بندقيته بواسطة كلاّب موصل بعمود الخيمة. بين فصلين في فصل الشتاء يُنصب بيت الشعر في المنحدرات الشرقية وليس بعيداً عن شفا واد قريب، وذلك لحماية البيت من الرياح الشديدة التي قد تسقط البيت أحياناً. كما أن البدو اختاروا نصب خيامهم مرتفعة عن مجرى الوادي كيلا يتم جرف الخيمة ومحتوياتها في مياه الفيضانات التي تضرب تلك المناطق في فصل الشتاء. في فصل الصيف تبنى الخيام بشكل متناثر في مناطق مستوية ومرتفعة، حتى لا يكون هناك تزاحم وكذلك من أجل الاستمتاع بالرياح اللطيفة. لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.