عدت مؤخرا من جاكرتا بعد أن شاركت بورقة في المؤتمر العالمي الثالث للإعلام الإسلامي، عنوانها "إدارة الأزمات في عصر المعلومات الرقمية".. ورغم أن المحور الذي تحدثت فيه يحمل عنوان "الأداء الإعلامي الإسلامي المنشود في الأزمات والتقلبات السياسية"، إلا أنني آثرت أن أفتتح ورقتي بالإشارة إلى أن الأزمات التي يمر بها العالم الإسلامي اليوم ليست سياسية فحسب، ولكنها قبل ذلك أزمات اقتصادية واجتماعية وبيئية وتكنولوجية، وتعليمية أيضاَ. وأياً كان نوع الأزمة أو حجمها فإن التعامل معها لا يجب أن يأتي كردة فعل كما يحدث للأسف في معظم الأزمات التي نمر بها عربياً وإسلامياً، فمفهوم "إدارة الأزمات" يتطلب التخطيط للأزمة قبل وقوعها واتخاذ ما يلزم من استعدادات وتجهيزات لمواجهتها. هذا التخطيط الاستباقي للأزمة لا يؤدي فقط إلى توفير الوقت والجهد والموارد عند حدوثها، ولكنه يمكن أيضاَ أن يخفف من حدتها وتأثيراتها السلبية من خلال برامج التوعية والتوجيه والتحضير الاعلامي التي تتضمنها الخطة. ثورة المعلومات الرقمية أحدثت العديد من التأثيرات المتعلقة بإدارة الأزمات، ومن ذلك سرعة انتشار المعلومة، فمع شبكات التواصل الاجتماعي فان كل ما يلزم هو شخص هاوٍ موجود بجواله الذكي في موقع الحدث لكي يقوم بنشر الخبر في نفس اللحظة إلى كافة أنحاء العالم. الثورة المعلوماتية أعادت أيضا تعريف الخبر، فالناس اليوم لم تعد تريد الانتظار لمعرفة تطورات الخبر، ولكنها تريد تحديثات على مر الدقيقة، كما أنها تريد التفاعل مع المعلومة والمشاركة بها وليس فقط تلقيها من مصدرها.. كل ذلك أدى الى زيادة تعقيدات مهام إدارة الأزمات ومنها كما هو معروف "إدارة السمعة على شبكات التواصل الاجتماعي". ختاماَ، لو نظرنا بمنطق ودون تحيز فان شبكات التواصل الاجتماعي لم تكن يوماً هي السبب في حدوث أي أزمة مرت بنا، بما في ذلك أزمات "الربيع العربي" وحملات تشويه السمعة، وحتى لو صح أن تلك الشبكات ساهمت فعلاً في تسريع تفاقم أزماتنا، إلا أننا يجب ألا نغفل حقيقة أن جميع تلك الشبكات متاحة لنا نحن أيضاً بنفس القدر الذي تتاح به لغيرنا، وكوننا لم نحسن التعامل معها والاستفادة منها هو مشكلتنا نحن وحدنا.