كان جالساً يستمع إلى ذلك الجدال، والنقاش، حول انتصار فريق على آخر.. إذ سمعهما يتجادلان، بصوت مرتفع ولهجة لا تخلو من تشنج وحدة... كان احدهما يدافع عن فريقه المهزوم، ويدعي بأنه الأكثر إجادة ومقدرة بينما الآخر يسخر منه ومن فريقه المتردي الضعيف.. ثم احتدم النقاش واحتد، وقال صاحب الفريق المهزوم إنه لولا تدخل الحكم لما آلت النتيجة إلى ما آلت إليه.. فصاح الآخر أفٍ لك.. هذا حكم أجنبي محايد، ليس له علاقة بفريق دون آخر، ولكنكم انتم وبسبب ضعفكم، وعدم قدرتكم على اللعب، الراقي والمهارات العالية ترمون هزائمكم على الحكام..! واحتد النقاش وارتفعت وتيرة التوتر وكان احد الحضور جالساً يصغي، وربما يتألم من هذا الجدل العقيم.. فقال: يا جماعة المسألة ليست هكذا فاللعب، انتصار وهزيمة، وليس شرطا أن يكون الفريق المغلوب ضعيفاً، والمنتصر هو القوي الذي لا يهزم.. ألم تسمعوا بقصة ذلك السائح في "اسبانيا"..؟ فهدأت النفوس قليلاً، والتفتوا إليه جميعاً وقالوا.. لا.. هاتها دعنا نسمعها.. فقال: يحكى أن أحد السياح في اسبانيا رأى ذات يوم في أحد المطاعم طبقاً عليه قلب ضخم كالكرة.. وقد تحلق حول الطبق مجموعة من الأصدقاء، قد اشتركوا في تناول هذه الوجبة الغريبة..! وقد أعجب السائح بهذا الطبق، وطلب من نادل المطعم أن يوفره له غداً لأنه سيعزم بعض أصدقائه عليه.. غير أن النادل اعتذر بلطف وقال يا سيدي: هذا لا يتوفر دوماً، وإنما في مناسبات قليلة هي مناسبات مصارعة الثيران!! ولكن بإمكانك يا سيدي أن تحجز مثل هذا الطبق.. وعندما يتوفر لدينا فسوف نشعرك.. وفعلا قام بالحجز ودفع الثمن مقدماً... وبعد أيام اتصل صاحب المطعم ليخبره بأن الطبق سيكون جاهزا بعد ليلتين.. قام السائح بالاتصال بأصدقائه ورتب معهم، وحدد لهم الزمان والمكان ليتناولوا الوجبة العجيبة، أو الطبق العجيب.. والذي شوقهم إليه ولم يحدد لهم شكله ونوعه، وإنما قال: انه طبق عجيب، وغريب ونادر، فظلوا متشوقين متلهفين على هذا الطبق الذي حدثهم عنه صاحبهم، وقد راحوا يتخيلون، ويتكهنون، ويتصورون شكله، ونوعه.. ووصلوا إلى المطعم جميعاً في الوقت المحدد، وظلوا ينتظرون المفاجأة الشهية... وفعلا كانت مفاجأة ولكنها من نوع آخر..! فقد قدم الطبق وعليه قلب صغير بحجم كرة اليد.. فاندهش الرجل، وراح المدعوون ينظر بعضهم إلى بعض، في استنكار واستغراب، وظنوا أن صديقهم أراد أن يعبث بهم بخبث ولؤم.. ثم إن الداعي نادى النادل وقال مستغرباً: ما هذا؟! أنا طلبت ذلك الطبق الذي عليه القلب الضخم الفخم الهائل، لذا جمعت أصدقائي..! انحنى النادل في هدوء وقال: صدقت يا سيدي ولكن ليس دائماً في مصارعة الثيران ينتصر البطل..!