يؤمن «بين كارسون»، المنافس على ترشيح الحزب الجمهوري في الرئاسة الأميركية بدستور بلاده، ويريد الأميركيون أن يعرفوا ذلك. ويركز المرشح على ذلك من خلال الكتاب الذي شارك في تأليفه مع زوجته «كاندي» بعنوان «اتحاد أكثر كمالاً.. ما يمكن أن يفعله الشعب لاستعادة حرياتنا الدستورية». وجاء نشر الكتاب مع اكتساب الحملة الرئاسية لجراح الأعصاب زخماً كبيراً بعد أربع مناظرات لمرشحي الحزب الجمهوري تصدر خلالها المشهد إلى جانب رجل الأعمال المثير للجدل «دونالد ترامب». ويبدو أن الكتاب، أحدث مؤلفات كارسون الذي يسلط الضوء على التاريخ ومحتوى دستور الولايات المتحدة، يمثل إعلاناً سياسياً على نحوٍ واسع النطاق، إذ يسمح للمرشح الرئاسي بإظهار درايته بأكثر نقاط الحديث قداسة لدى المحافظين، لاسيما الأباء المؤسسين، بينما يعرض في الوقت ذاته إشارات قوية للطريقة التي سيدير بها أميركا من المكتب البيضاوي. ومن جوانب شتى، صاغ المؤلفان الكتاب مثل نص أكاديمي، فهو يبدأ بأحد دروس التاريخ، يناقش فيه كارسون خلفيات عدد من الوفود الذين حضروا مؤتمر إعلان الدستور، ثم يتابع مباشرة بتقديم رؤى مختصرة حول الدستور وقانون الحقوق والتعديلات الأخرى. ويشير كارسون في بداية كتابه إلى أن الشعب الأميركي ينبغي أن يطلع على الوثائق التي تحكم الولايات المتحدة بموجبها. وبعيداً عن الصياغة، يعتبر الكتاب بشكل كبير مثل مدونة وليس دراسة أكاديمية، إذ لا يشير كارسون إلى مصادره إلا عندما ينقل أرقاماً تاريخية، وهو ما يقوض مصداقيته كمؤلف، ويعتمد بصورة كبيرة على الحكايات وليس البيانات لإثبات أن إدارة أوباما تخلت عن الخطوط الدستورية. وفي جوهره، لا يعاني «اتحاد أكثر كمالاً» من الافتقار إلى «العاطفة»، التي يبرع فيها كارسون، وإنما من أزمة هوية، ذلك أن المؤلف لا يدرك متى ينبغي أن يقدم شهادة شخصية، أو تحليلاً موضوعياً أو معلومات أساسية تعليمية. وعلى الرغم من هذه الإخفاقات الكبيرة، إلا أن «اتحاد أكثر كمالاً» نجح في تحقيق غايته الأساسية، وهي رسم صورة متعاطفة نسبياً لبين كارسون المدافع التقليدي عن الدستور، والذي سئم مشاهدة السياسيين من طرفي الطيف السياسي الأميركي يبتعدون عن المبادئ الأساسية التي أرساها الآباء المؤسسون للولايات المتحدة. ويوضح كارسون الجمهور الذي يستهدفه الكتاب في فرضيته الأساسية بأن «السلطة تفسد عادة هؤلاء الذين يمسكون بزمامها»، ويغازل المرشح الجمهوري قراءه المحافظين ليس فقط بكيل الاتهامات للسياسيين من جناح اليسار، ولكن أيضاً بالإشارة إلى استيائه الشديد من النظام الذي يصر على أنه مكسور. ... المزيد