كالرؤى، كابتهالات المساء، كدعاء، يتسلل إلى الروح فيهبها السلام والصفاء، كقلب أم، كانتباه المدى وارتواء الصدى النابت حولك باندهاش، كقصيدة حروفها الوجد، وفعلها السحر الممتد منك إليك. هكذا يأتون ليزرعوا الفرحة في أرواحنا، ويبذروا الأمل في أحلامنا المكتظة بهم، بالغزير من الغيم الساهر، والقليل من الماء الماطر في جوف سماء. يأتون مثل سحابة، ويغيمون ككتاب، تتصفح نبضه ليذهب بك نحو العمق السادر أطراف الكلمات، ذاك المخبوء بين أروقة اللغة، يتماهى، يتدلل، يخبو، ليبرق من وريد، يرسم على جدران الصمت حكايات الحب الأُوَل، نهايات الشوق الأمل، يتداعى مثلما جسد أنهكه الإعياء، وراح يهذي أن لا طريق، لا قلب، لا هواء، لا ارتواء. على سواحل العمر الغائر، الطالع من شباك النجوم، العابر نحو ميناء الكلام، السلام، يصير أن يسقط قلب، وأن يُغلق درب، وأن يتحول مصيرٌ ليصير حاجة أخرى ما عنّت عليك، ولا مدّت إليك الهوى، والجوى، وارتجافات البرد الحائر بين الفصول، المارق باتجاه الأيام ينسج للقلب سجادة من وفاء، وبريق الطيوف عابرة الشواطئ الرفقة الأجمل من أن تُقال رغم الارتحال. للشوق حنينٌ حين يستنطق قلبك تشعر بأنك داخلك بركان من المشاعر التي تنطوي فيك، لتطير بك إلى حيث تهوى، وحين يهوي بك الحلم البِكرُ تصير قلباً ناضحاً بالمسافات الطويلة، الأثيرة، الطالعة من ضي الوقت، الماضية نحو الأزرق من الحلم، والأخضر من النهارات الماطرة حيث القلب الذي تحب، حيث الجوى، حيث الليل، حيث الاشتياق إليك، إليه، إليهم، يا أيها الصوت الأبيض في روح محب. الذي يصير منك أشياء كثيرة، تنمو من حولك لتشعرك بالأمان، بأن النور الساقط في روحك هو محض وفاء، تنتظره، تحمله معك، تأخذه إلى حيث يصير جزءاً منك، من حلمك، من وجعك، من حاجتك، من روحك التي كلما اشتقت إليها صارت جناحاً، ورِواقاً، ومدارات، وقصائد، وقلائد من وجدٍ شفيف. يا أيها الروح، العابر بي، بنا، بهم، نحو الغيب، خذنا إلى أعماقنا، كلّنا نحتاج، نأمة من فرح، لحظة من حنّو، طريقاً محفوفاً بالود، والورد، وبالقلوب ناصعة الضياء. Qasaed21@gmail.com