أثار الأستاذ عبد الرحمن الراشد مسألة تغير المناخ في الجزيرة العربية وأخطار الطقس الحارق في المستقبل. لا تتعدى معرفتي في هذا الموضوع حبي «للماء والخضراء والشكل الحسن»، أو «حب الطيور للأغصان». لكنها قضية تشغل العامة والاختصاصيين في كل مكان. ومن لا يأخذ المضاعفات على محمل الجد، إما جاهل أو مرتكب. والصنف الثاني كثير في لبنان، حيث تعدم الأشجار ويزرع الإسمنت، أي حيث يستبدل برئات التنفس الخنق المتعمد والمتواطأ عليه من طبقات الفساد. حاول الشيخ زايد أن يجر كل شيء حتى مياه البحر. وتتنفس نيويورك الأكسجين ومتعة النزهة من «سنترال بارك»، حيث تختلط الخضرة بالشكل الحسن، وتهرب الناس من غابة الإسمنت إلى حديقة البهجة. والعرب سمَّت جنائن بغداد المعلقة «الغلب»، لما يغلب به الجمال على الوحشة، والأنس على اليباب. المؤسف أنه ما إن بدأ النفط يدر المداخيل على الخليج حتى رافقته الحروب، ولم يعد هناك ما يكفي للصرف على خفض حدّة التصحّر. ونشأت حركة زراعية واسعة أغلبها خاص، كما توسعت عمليات التحلية، لكن داهمها - كما أشار الأستاذ الراشد - زيادة كبرى في عدد السكان والاستهلاك، فلم يبق الكثير من الاستعداد للمستقبل. وكان جزء من الحلول المطروحة في الماضي مد طرقات مائية من العراق إلى الكويت والسعودية، لكن من يسلّم عنقه إلى الآخرين، كما أثبتت التجربة غير مرة؟ ومن يريد الانتقال من حرب الحدود إلى حرب المياه؟ والقسم أو الوعود في هذه الحال، ليست ضمانة، فما أكثر الوعود التي تلقاها «جابر العرب» من صدام حسين. كنت قد اقترحت منذ زمن، ببساطة وسذاجة، أن ينقل ما تبقى من مياه النيل إلى السعودية. ولا أعرف مدى صعوبة أو سهولة المشروع. لكن بدل أن يصب في البحر، يصب في الأرض المقابلة. واليوم أتقدم باقتراح آخر لا أعرف مدى جدواه العلمية والعملية: لماذا لا تقام في الصحراء غابات من الشجر الذي يعيش فيها، كالسدر مثلا؟ فبدل أن يكون السدر متفرقًا على المسافات، يكون متلاصقًا كالغابات، يلطف الأجواء والمناخ ولا يستهلك المياه بكميات مؤذية. إنه إبل الشجر. واعذروا سذاجتي.