استضاف المقهى الثقافي ندوتين فكريتين، جاءت الأولى تحت عنوان قراءة في كتاب صنع الحضارة قدمها المؤرخ د. محمد مؤنس وأدارتها د. أمل بدر، وأشار مؤنس إلى أن مصطلح الحضارة، من أكثر المصطلحات التي اختلف فيها الباحثون فهناك أكثر من 130تعريفاً للحضارة، من ضمنها ما قاله العلامة ابن خلدون الحضارة غاية العمران البشري ونهاية لعمره ومؤذنة بفساده. أضاف مؤنس أن الحضارة تنشأ من خلال رغبة الإنسان في البقاء وتطوير نفسه وتحدي الظروف والصعوبات كي يتثبت وينمو، ومثال ذلك، أنه على طول نهر النيل لم تنشأ الحضارة إلا عند المصب وكان السبب في ذلك أن الإنسان المصري عمل على ترويض النهر بإقامة السدود والترع والقنوات، كي يستطيع أن يبقى ويتعلم الزراعة ويستمر، وتنتهي بذلك مراحل القنص والصيد وقطف الثمار، وينشأ مجتمع زراعي مستقر. وأكد مؤنس أن أول الحضارات العظيمة التي عرفها التاريخ هي التي نشأت في منطقتنا الجغرافية كالحضارة في مصر والعراق وبلاد الشام، وآخر مناطق ظهرت فيها الحضارة هي السويد والدنمارك بحكم الطبيعة الجغرافية القاسية والصقيع، وبالتالي فإن منطقتنا قد امتازت بخصوصية عظيمة، هي ميلاد الحضارات الأولى فيها. وأشار إلى أن بعض الباحثين الغربيين يرجعون الحضارة الغربية الحديثة إلى الإغريق، متناسين دور الحضارات الشرقية التي سبقت الإغريق، فكانت معارفهم وإنتاجهم الفكري والمعرفي والعلمي الأساس الذي قامت عليه حضارة أثينا، كما أن الحضارة الغربية الحديثة كان قد سبقها 8 قرون من الحضارة العربية الإسلامية التي أبدعت في كل مجالات العلم وأخرجت أفضل العلماء، فليناردو دافنشي لم يكن ليبدع الموناليزا لولا اطلاعه على كتاب المناظر للحسن بن الهيثم الذي تحدث فيه عن الخداع البصري، وكوبرنيكوس أخذ الكثير من أفكاره من الفلكي السوري ابن الشاطر، وهكذا دواليك فكل عالم من علماء عصر النهضة أخذ من الحضارة الإسلامية الشيء الكثير. واستضافت الندوة الثانية الكاتب محمد حمودة لمناقشة مؤلفه الصادر حديثاً عن دائرة الثقافة والإعلام تحت عنوان كتاب بين الكتب، وأدار الندوة آمنة أحمد، يسلط هذا الكتاب الضوء على قامات وشخصيات وأعمال ومنجزات فكرية وثقافية وإبداعية تركت بالغ الأثر في المشهد الثقافي العربي والعالمي، وهو محاولة لتقريب هذه الأعمال الأدبية الرفيعة من الناس وحثهم على قراءتها، وجاء الكتاب في أربعة فصول، تناول الأول كتب السيرة الذاتية ككتاب الأيام لطه حسين وحياة قلم لعباس محمود العقاد، أما الفصل الثاني فتحدث عن كتب الأعمال الكاملة وأهميتها في حياة أي قارئ كالأعمال الكاملة لسعدالله ونوس ويحيى الطاهر عبدالله وأمل دنقل وتشي غيفارا، ويتناول الفصل الثالث إسهامات الحضارة العربية الإسلامية في الغرب وأهم الكتب والأعمال الفكرية التي استرشد بها الغرب، وفي الفصل الرابع يوجه حمودة دعوة لقراءة بعض الأعمال النقدية والروائية والفنية، ككتاب عابرون في كلام عابر لمحمود درويش، وعصير الكتب لعلاء الديب، وكيف تبيع أمريكا أصدقاءها لمجدي كامل. كما شهد المقهى أمسية شعرية أحياها الشاعران عامر رقيبة ورعد أمان وأدارها أمين الشحات، وقرأ عامر رقيبة مجموعة قصائد منها: عازف السكين، تغريدات، مونولوج، ملك بلا صرح، حرية ويقول فيها: عوذت عشقي لها أن يدمن السبلا ولا ينال سوى استعبادها بدلا صبية من بلاد الريح قادمة قد شيبت في هواها السهل والجبلا معبأ بالخزامى ثوب غيمتها وغيم فستانها بالنور قد غزلا شفافة يرتديها عرينا وعلى أخفافها يشمخر الطين منتعلا وحشية في براري القلب سارحة لكنها بارتباك تصحب الوجلا وقدم رعد أمان مجموعة قصائد منها: تيه، عيناك، أسكرت قلبي، عدن، حبك أكبر، ويقول فيها: على حبك الروح لا تقدر فحبك من مهجتي أكبر أراقب طيفك عند المنام فيعجبني أني أسهر أحبك يا غيمة عتقت وأحلى الغرام الذي يمطر فيا من تعاتبني في الهوى ألا لو رأيت الذي أبصر ألا لو رأيت رضاب اللمى وقد راح من جنة يقطر