يُتهم الشباب دوماً بالبعد عن القراءة، واكتفائهم بما تحمله مواقع التواصل الاجتماعي من أخبار وأحداث لتشكيل وعيهم، وزيادة معارفهم، إلا أن معرض الشارقة للكتاب أثبت غير ذلك، وبرهن الشباب خلاله أن القراءة لا تزال تحتل مكانة رفيعة بينهم، وما زالت هواية اقتناء الكتب على اختلاف أنواعها، الإلكترونية والورقية، هي السبيل الأكثر تأثيراً في تشكيل الوعي وتنمية المدارك الثقافية والمعرفية. القراءة سلسلة من العمليات الفكرية المترابطة والقويّة التي تشكل نافذة للتعرّف إلى كثير من الأمور المحيطة بنا التي يجهلها القارئ في بعض الأحيان، إلى جانب أنّها وسيلة أساسيّة تسهم في رقيّ المجتمع وتطوّره ونقل الأفكار بين أبنائه. فضلاً عن أنها من أهم الوسائل لملء أوقات الفراغ ومداواة سلبياته ووساوسه، فبدلاً من تضييع الوقت في أمور لا قيمة لها ولا تفيد في شيء، تأتي القراءة دواءً لمعالجة الملل والضياع. وقدم الشباب، من مختلف الأعمار، في معرض الشارقة للكتاب، مثالاً يناقض الاتهامات التي نالوها، من تدهور في الثقافة والوعي، وتراجع مستويات القراءة والكلمة مقابل الأفلام والصورة والتطور التكنولوجي، من كمبيوتر وإنترنت. فالمعرض الذي يقام سنوياً لعشاق القراءة، يقدم فرصاً لا مثيل لها تتيح للشباب اقتناء كتبهم المفضلة، ويواصل مد جذوره في أنفسهم من خلال مشاركة عشرات الكتاب والمفكرين والإعلاميين والشخصيات الثقافية، المقربين من نفوسهم، من خلال ندوات ومحاضرات وأمسيات شعرية وحفلات توقيع كتب، وعروض فنية ومسرحية، وورش تدريبية، وجلسات قرائية، وغيرها. واستطلعنا خلال تجولنا في المعرض آراء الشباب عن القراءة، وهل يفضلون الكتب الإلكترونية أم المطبوعة، وأنواع الكتب التي تستهويهم، خلال التحقيق التالي.. قال أحمد العلي: القراءة عبر الهواتف النقالة ليست ظاهرة في المستقبل، بل هي شيء يحدث اليوم، وأن مستقبلاً واعداً ينتظرها، خاصة، أن الهواتف النقالة تحولت إلى مكتبة حافلة بالكتب، نظراً لسهولة استخدامها وانتشارها الكبير، وبالنسبة لي فإني عندما آتي إلى المعرض، فإن ما يستهويني من الكتب هي الروايات باللغة العربية والإنجليزية وأنوِّع في قراءتها ما بين الإلكترونية والمطبوعة حتى لا أشعر بالملل. وتستهوي راشد عبد الله الكتب الأدبية، وفي كل سنة عندما يأتي إلى المعرض يشتري ما يفوق العشرة كتب، لمحبته الشديدة للقراءة، يقول: لا أشعر بالمتعة عندما أقرأ كتباً عبر الإنترنت أو الهاتف، فإني أحب أن أمسك الكتاب بين يدي وأقلب صفحاته لأستمتع بالقراءة أكثر، وأكثر كاتب أحب أن أقرأ كتبه باستمرار هو نجيب محفوظ، ومن أروع كتبه التي لا أشعر بالملل عند قراءتها أكثر من مرة هي: بداية ونهاية، والسراب. وقال ناصر بن طحنون النقبي: لا يوجد نوع معين من الكتب أحب أن أشتريه أو أقرأه، بل أحب قراءة جميع أنواع الكتب، لأنها أولاً من هواياتي المفضلة، وثانياً لأني أحب التنوع في القراءة، وأحضر إلى معرض الكتاب لأتصفح مختلف الكتب سواء بالإنجليزية أو العربية، ولكني أفضل الكتب العلمية أكثر من غيرها ولا أفضل إلا قراءة الكتب المطبوعة، وليس الإلكترونية. وقالت لمياء المزيني: القراءة بالنسبة لي شيء روتيني أفعله كل يوم، وأحب تصفح بعض الصفحات من أي كتاب قبل الذهاب إلى الجامعة، وإنني على اطلاع دائم بآخر الكتب، وأزور سنوياً المعرض لأرى الجديد والممكن شراؤه، ولا يوجد نوع معين للكتب التي أفضلها، بل أحب قراءة جميع أنواع الكتب المطبوعة. وتستهوي نوران عبد الله الكتب الإنجليزية أكثر من العربية، وتأتي سنوياً لمعرض الكتاب لتصفح مختلف الكتب في المعرض، وتقول: القراءة بالنسبة لي شيء أفعله قبل النوم، و أفضلها مطبوعة، لأني في حال توقفت في مكان ما من الممكن أن أضع علامة ما لمعرفة إلى أين وصلت. وقالت موزة عبد الله: القراءة شيء مهم بالنسبة لي فإني أحدد ساعات معينة للقراءة يومياً، وأحضر إلى المعرض سنوياً لتنوع الكتب الهائل، وأتصفح قدر الإمكان منها، وأقتني مختلف الأنواع، وأفضل قراءة الكتب باللغة الإنجليزية، لأنها تشدني أكثر من غيرها. وقال راشد عيسى: القراءة شيء مهم لأنها تساعدني على ابتكار أفكار جديدة، والإلمام ببعض المعلومات، وبالنسبة لي فإن القراءة من الهوايات المفضلة لدي، وعندما أزور معرض الكتاب، فإن حشد الكتب الموجودة يشدني إليها، من حيث لا أعرف من أين أبتدئ، وأنا من النوع الذي لا يحب التقيد بنوع معين من الكتب، وأفضل القراءة عن الكتب المطبوعة. أما عبد الرحمن المدرع، فيأتي للمعرض للتجول مع أصدقائه، وأكثر ما يستهويه هو الكتب القصيرة وليست الطويلة، لأن القراءة ليست من هواياته، ولا يفضلها، بل يحب تصفح المجلات والصحف، وأن يقرأها وينتهي منها في اليوم نفسه. وقال يوسف بدر: القراءة شيء مهم بالنسبة لي، أولاً لأنها تساعدني على أن أكون مثقفاً، وثانياً لأنها تدخل في تخصصي في الجامعة لغة عربية، وحضوري إلى المعرض للاطلاع على مختلف أنواع الكتب وخاصة الأدبية، لتساعدني على تطوير مهاراتي القرائية، ولا أحبذ القراءة الإلكترونية أبداً. وقالت فاطمة سيف: أحب القراءة سواء الكتب العربية أم الإنجليزية ولا يوجد نوع معين للكتب التي أفضلها، ولكن أحب الروايات أكثر من غيرها، وأول ما أبحث عنها، ثم أدخل في الكتب الأخرى، وأكثر ما يشدني للكتاب هو العنوان الذي يجعلني أشتريه وأقرأه. تأمل في الحياة والذات يقول محمد حمدان بن جرش كاتب وباحث إماراتي: للقراءة أهمية كبرى لأنها الخزان الثقافي الذي يؤدي إلى حدوث مناعة ثقافية للرد على الإشاعات الخاطئة، وتعطينا القراءة تأملاً في الحياة والذات معاً. وبخصوص الشباب ومع وجود التطور الإلكتروني فهم يقرؤون أكثر من الوجبة الغذائية، فالقراءة موجودة عندهم ولكن ماذا يقرؤون؟! هل يقرؤون للثقافة العامة؟ أم تقع أعينهم على إشاعات غير مفيدة، وتكون غذاء ساماً يؤدي إلى مخرجات سلبية؟ وأضاف ابن جرش: يجب أن يكون هناك منظومة صحيحة لبناء أجيال المستقبل للتعليم والتربية الوطنية، وإذا أردنا أن تكون هناك أجيال قارئة، يجب البدء من جذور الأسرة، أي غرس حب القراءة لديهم، ويكون هناك جيل قارئ ومثقف، ولقد لاحظت إقبالاً كبيراً لفئة الشباب في معرض الكتاب. وتابع ابن جرش: مع وجود التكنولوجيا الجديدة ووجود الكتب الرقمية مازالت هناك تداولات ثقافية بين الشباب، ومع اختلاف الزمان والمكان والأهداف عن السابق، فلدينا انفتاح أكثر، ومع هذا يوجد لدينا شعب مثقف، والمؤشرات الإيجابية نلمسها من خلال تواجد فئة الشباب في معارض الكتب والمؤسسات الثقافية. وتوجد هناك دور لكل شخص مثقف، لإثراء المشهد الثقافي، ويجب علينا إدماج فئة الشباب في المشاريع الثقافية، لأن الثقافة عنصر مهم جديد، يجعل الشباب أكثر وعياً بمتغيرات الحياة والتطور الحاصل.