شدد رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام على ان «ملف النفايات محل متابعة ولن يتوقف العمل به حتى إيجاد الحل له»، مؤكداً ان «الحكومة ستعمل ما في وسعها لتقديم المساعدة للنازحين السوريين والسعي الى توفير الوقاية لهم في فصل الشتاء». وكان سلام التقى في السراي الكبيرة رئيسة وزراء النروج أيرنا سولبرغ والوفد المرافق، وبحث معها في العلاقات بين البلدين وفي أزمة النازحين السوريين في لبنان. بعد ذلك عقدا مؤتمراً صحافياً مشتركاً، قال خلاله سلام: «عرضنا الدور الذي يمكن ان تلعبه النروج للدفع في اتجاه إيجاد الحلول الممكنة لكل أزمات المنطقة. فالنروج، بما نعرفه عنها من نية صادقة للمساعدة على نشر الاستقرار، والابتعاد عن اي غرضية سياسية خاصة، قادرة على الإفادة من مكانتها، ومن وجودها على مسافة واحدة من جميع الأطراف، من أجل لعب دور بناء في البحث عن حلول ملموسة لمشاكل منطقتنا». وأعرب عن «امتنانه للدعم الذي تقدمه النروج الى لبنان في إطار المشاريع التي تمولها وتشرف على تنفيذها»، منوهاً «بأن النروج كانت من أوائل المساهمين في الصندوق الائتماني المتعدد المانحين، الذي أنشأته مجموعة الدعم الدولية للبنان بالاشتراك مع البنك الدولي. وتمنيت عليها ان تنقل الى الملك هارولد الخامس والى حكومة النروج وشعبها، والرغبة في تمتين العلاقات وتوسيع التعاون بين البلدين». بدورها نقلت سولبرغ تنويه القيادة النروجية بـ «الدور الهام الذي يضطلع به لبنان على صعيد إيواء اللاجئين السوريين»، مؤكدة على «الدعم الذي تقدمه حكومتها للبنان من أجل إيجاد الحلول للنزوح السوري». وشددت على اهتمام بلادها بـ «لبنان المستقر»، مشيرة الى ان «هناك أكثر من عشرين ألف نروجي شاركوا في قوات حفظ السلام العاملة في لبنان خلال ثلاثين عاماً، وهؤلاء يحملون مشاعر عميقة تجاه لبنان ويحاولون العمل للمساهمة في استقرار الأمن والسلم فيه». وأكدت ان «لبنان المستقر هو أمر بالغ الأهمية بالنسبة الى كل المنطقة ويلعب دوراً مهماً ايضاً في استقرار الأوضاع في سورية». وأشارت الى ان بلادها تعتبر ان «الدعم المقدم للبنان هو أمر مهم لمعالجة موضوع اللاجئين السوريين، بالاضافة الى الدول المجاورة لسورية التي تتحمل العبء الأكبر بالنسبة الى اللجوء السوري»، لافتة الى ان «هذه الأمور ستبحث في مؤتمر المانحين الذي سيعقد بداية السنة المقبلة من أجل دعم النازحين داخل سورية وفي البلدان المحيطة، خصوصاً لبنان والأردن اللذين يتحملان عبء اللجوء السوري». وأثنى سلام على «الدور الذي لعبته النروج من خلال المشاركة في قوات «يونيفيل» وفي حفظ السلام في منطقة مهمة في لبنان. فلبنان يدين لهم بالكثير». وشدد على «أهمية الدور الذي تقوم به اوروبا في موضوع استقبال النازحين السوريين»، آملاً «في أن تجد اوروبا الحلول اللازمة لموضوع اللاجئين السوريين وان تقوم بمساعدة البلدان التي تؤوي النازحين بالإضافة لإيجاد الحلول اللازمة للأزمة السورية». وأكد «ان لبنان حصل على دعم كبير من النروج، لا يزال مستمراً، في موضوع اللاجئين. ان النروج لم تبخل في هذا الملف وهي تقدمت الصفوف منذ البداية وساهمت مع لبنان في شكل ملحوظ». وزارت سولبرغ بعد الظهر رئيس المجلس النيابي نبيه بري، في حضور المستشار الاعلامي علي حمدان، وتناولت معه التطورات الراهنة وتداعيات الأزمة السورية، لا سيما قضية النازحين في لبنان. وكان سلام التقى بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للسريان الارثوذكس مار اغناطيوس أفرام الثاني، الذي شكر سلام على «المسؤولية التي يتحمّلها في ظل الوضع المتفاقم في المنطقة أمنياً وسياسياً وغياب رئيس للجمهورية». وتمنى على سلام بأن «يستمر في حمل المسؤولية إلى أن تُفرج ويجمع المسؤولين على عقد جلسة انتخابية وانتخاب رئيس الذي هو مطلب الشعب اللبناني». وكان أفرام الثاني زار نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن. وشدد على «مسؤوليتنا بالعمل معاً من أجل العيش المشترك». - مخاوف من تجدد التجاذبات مع طرح ترحيل النفايات أوضحت مصادر لبنانية رسمية لـ «الحياة» أن خيار ترحيل النفايات المتراكمة في بيروت وجبل لبنان ما زال يدرس بعناية استناداً الى عروض تقدم بها متعهدون لبنانيون على صلة بشركات أجنبية متخصصة بالأمر. وذكرت المصادر نفسها رداً على سؤال على صحة الأنباء عن أن خيار ترحيل هذه النفايات الى سورية لطمرها فيها، أنه منذ بداية الأزمة تقدم 3 متعهدين بعروض من أجل نقل النفايات الى سورية. وأضافت أن البحث مع هؤلاء المتعهدين جرى بصفتهم التجارية كممثلين لشركات تعرض نقل النفايات، لا سيما أن لبعضهم صلات وثيقة بالسلطات السورية. وأشارت الى أن بعضهم أخذ على عاتقه التواصل مع السلطات السورية لتأمين موافقتها على العملية، لكنه عاد بعد مدة ليبلغ الجانب اللبناني أن المعني في هذا الخيار يتطلب اتصالاً بين السلطة اللبنانية والسلطة السورية المعنية، وأقله بالمحافظ المعني بالمنطقة التي يمكن أن تنقل إليها النفايات ثم جرى الحديث عن ضرورة التواصل بين بيروت ودمشق على مستوى مختلف. وقالت المصادر الرسمية إن لبنان ماضٍ في سياسة النأي بالنفس عن الاتصال بالفرقاء السوريين سواء كانوا من السلطة أو من المعارضة ولا يستطيع تغيير هذه السياسة الآن لأسباب سياسية تتعلق بالخلافات الداخلية حول مبدأ التواصل مع المسؤولين السوريين. وأضافت: «الوضع غير واضح في سورية في ظل الحديث المستمر عن مساعٍ للحل السياسي وبالتالي هذا يفرض على لبنان التمسك بسياسة النأي بالنفس». وعلى كل حال فإن الجانب اللبناني يجري اتصالاته حول خيار ترحيل النفايات الى الخارج حتى الى دول غربية، مع شركات وليس مع حكومات هذه الدول، التي يتولى القطاع الخاص فيها موضوع معالجة النفايات. وتخشى أوساط سياسية متابعة لملف النفايات أن يخضع خيار ترحيلها الى الخارج للتجاذبات السياسية مثلما خضع تنفيذ الخطوات التي تتضمنها خطة وزير الزراعة أكرم شهيب، لا سيما تحديد مطامر في المناطق لهذا النوع من التجاذبات السياسية والطائفية التي أدت في نهاية المطاف الى إفشال المباشرة العملية لتطبيق هذه الإجراءات على رغم موافقة الفرقاء جميعاً على الخطة. وتترقب هذه الأوساط ما إذا كان خيار ترحيل النفايات سيخضع للتجاذبات بدوره، من باب المفاضلة بين أسعار الترحيل الى دول أجنبية وبين أسعار الترحيل الى سورية، لوضع الحكومة أمام مشكلة الاتصال بالحكومة السورية، مع ما يعنيه ذلك من انعكاس الخلاف الداخلي في هذا الصدد على الحلول الممكنة للأزمة التي يغرق فيها لبنان منذ 17 تموز (يوليو) الماضي والتي تفاقمت وباتت ضاغطة على المواطنين والمسؤولين نظراً الى تراكم عشرات آلاف الأطنان من النفايات في مكبات عشوائية وفي الشوارع. الى ذلك، عقد «تيار المستقبل»، في قصر القنطاري، اجتماعاً لمنسقيات عكار، شارك فيه وزير الداخلية نهاد المشنوق، الأمين العام للتيار أحمد الحريري، النائب هادي حبيش. وبعد التداول في الأوضاع السياسية والاجتماعية والبيئية في عكار، أصدر المجتمعون بياناً اكدوا فيه «موقفهم السابق الرافض لأن تكون عكار المنطقة الوحيدة في لبنان التي تستقبل نفايات مناطق أخرى، أو أن يُفرض عليها أي قرار بالقوة، أسوة بالمناطق التي رفضت اعتمادها لإنشاء مطامر صحية فيها». وشدد «التيار» على أنه «لن يقبل بأي ظلم يلحق بمنطقة عكار على صعيد الحلول المقترحة لحل أزمة النفايات، ويؤكد موقفه الحازم بأن تأمين الحلول هو مسؤولية وطنية مشتركة بين جميع اللبنانيين في كل المناطق». وذكر المجتمعون بمطالبتهم الدائمة الحكومة «بتحويل مكب سرار إلى مطمر صحي وبيئي يستعمل لنفايات أهل عكار تحديداً، وبإنهاء كل المكبات العشوائية في المنطقة، بمعزل عن قرار الحكومة بترحيل نفايات بعض المناطق إلى الخارج، لأن استمرار معالجة نفايات عكار، كما هو حاصل اليوم، يشكل أكبر ضرر صحي على أهل عكار عموماً، وعلى أهالي القرى المجاورة للمكب خصوصاً». وأكدوا «ضرورة تكثيف التواصل بين قيادات «تيار المستقبل» وجمهوره لما فيه مصلحة عكار السياسية والإنمائية والاجتماعية، في سبيل توحيد الموقف، وتحقيق كل المشاريع الإنمائية التي تحتاجها المنطقة».