بالأمس كان للإمارات عيدٌ جديد، يومٌ لم يكن صباحه كباقي الصباحات ولا تاريخه مجرد رقمٍ في روزنامة، هو يوم أشرقت الشمس من جبين الأبطال العائدين من ميادين الفخر والنزال. وهبّت نسمات بواكير الشتاء مهلّلة بمن أعز الدار ونصر الجار ووسّم العاثر على علباه، يومٌ يسرّ الصديق ويحرق قلب العدو الذين أذاقوا أنصاره وأذنابه مرارات الهزيمة في طول اليمن وعرضه وأفسدوا مخططاته التآمرية برصاصات عزّةٍ لا تعرف أنصاف الحلول وسواعد من تربية زايد لا تقبل الضيم ولم تُخلَق لِتَتَبع ولكن لِتُتْبَع! عادوا امتثالاً لمنهجية قيادة عسكرية محترفة ولو تُرِك الأمر لهم لم يعودوا حتى يُنجزوا كامل المهمة وهم أهلٌ لها، ولا ضير أن يؤوبوا لديارهم ويتركوا لإخوانهم الأبطال من الدفعة الثانية الفرصة ليكون لهم نصيبٌ من فخر التحرير وشطرٌ من فضيلة نصر اخوتهم وأهلهم المستضعفين في اليمن وثقةً بهم بأنهم من سيرفع البيارق فوق أسوار صنعاء عن قريب بإذن الله ليعود اليمن سعيداً بعد أن اغتالت بسمته ثلاث عقودٍ من حُكم الفاسد عفّاش قبل أن تُكمِل فِعال السوء أذناب إيران من صعاليك صعدة! لن أقول جديداً عندما أذكر أنّ عصابات الحوثيين وصعاليك عفّاش ومن دار في فلكهم من شُذّاذ الآفاق ومتلوني الوجوه والقلوب في حالة نفسية شارفت على الانهيار بعد أن سقاهم أبطال التحالف كؤوساً مترعة من ذل الهزائم وكسر الرأس وارغام الأنف.. وحتماً سيضاعف كُربتهم أن يروا قوات الإمارات التي أثخنت فيهم براً وجواً تتجدّد دماؤها بقوات باسلةٍ كانت تنتظر على أحر من الجمر لتحمل الراية وتسطّر ببيض فِعالها وجسارة أفئدتها وإقدام خُطاها وإيمانها المتأجج بعدالة قضيتها وكرامة مهمتها ملاحم جديدة لا تقل عن فعل إخوانهم أبطال الدفعة الأولى. أبطالنا القادمون: لقد مرّ التاريخ بالمليارات من البشر ولم يلتفت لأحد ولم يُعرهم اهتماماً لأنهم كانوا كالبقية من الماشين في ظل الحيط، مرّوا خِفافاً لم يخلقوا فارقاً ولم يُغيّروا واقعاً، ولكنه سيسجل اسماءكم بأحرفٍ من نور على صفحاتٍ من طُهر، كيف لا وهبّتكم ووقفتكم قد صدّت موجة غزو تتار القرن الحديث وأفشلت مسعاه وأنقذت بلاد العرب! ستذكركم جبال اليمن ووديانها وسهولها، وسيذكركم الضعيف الذي نصرتموه، والمحتاج الذي أعنتموه، والمغبون الذي أخذتم له الحق، وستذكركم العيون الدامعة حُزناً وانكساراً بعد أن مسحتم بنُصرتكم وهبّتكم المظفرة ما بها وأبدلتموها بسمةً وأملاً بغدٍ آمن. ستذكركم اليمن بعد أن كادت أن تُباع كجاريةٍ لِسَفَلة الفُرس وعمائم الشر ونَظَرَتْ يُمنةَ ويُسرة بحثاً عن منقذ من أبطال المؤتمرات وفرسان المايكات ومن صدّعونا ردحاً من الزمن بالقومية العربية والمصير المشترك وحفّظونا رغماً عنا بلاد العرب أوطاني فلما سقطت بلدان العرب لم نسمع لهم صوتاً ولم يرفعوا رأساً، فثار لها بقيّة أفذاذ العرب الأوائل: سلمان وبو خالد، وأتيتم كالطائر الميمون تحملون البُشرى بقلوبٍ مؤمنة وسواعد لا ترتجف وبنادق تبيع الموت في كتائب العدو بيعاً لا يُبقي ولا يذر! وسيذكركم سدّ مأرب الذي أعاد بناءه والدكم زايد الخير، رحمه الله تعالى، فأقررتم عينه في قبره بتحريره من أيادي الخونة وبنادقهم الغادرة وقلوبهم السوداء ورفّت بيارقكم الميمونة فوقه كما وعد بذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، فكنتم كما ظنّ فيكم وظننا معه: خير من حمل الرهان وخير من أنجز الوعد! وستذكركم تعز وضواحيها وطرقاتها المتشابكة وقد سطّرتم فيها مع أشقائكم من قوات التحالف ملاحمَ مجدٍ تصغر أمامها بطولات الآخرين وتُطهِّروا نواحيها من آثار بائعي الموت وقتلة الأبرياء العُزّل. وستذكركم عدن وقد أبكاها صعاليك الحوثيين وعاثوا فيها فساداً مع أضرابهم من القاعدة وداعش وبقيّة تجار الدم، فأتيتم تجلون غُمّتها وتُنهون محنتها، يُدوّي بمقدمكم الرُعب وتنساق بين أياديكم العزّة وتبرق من فوق هاماتكم سحائب النصر، فدحرتموهم وطردتموهم شرّ طردة لِتَتلقّفهم عواري الطرقات وبطون الأودية الموحشة، وكأني أرى فيكم شيئاً من قوله سبحانه كسُنّة الله في الانتقام من المفسدين: فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولا. هنيئاً لنا بكم، فأمّا في الفخر فقد طاولنا بكم وببطولاتكم المجلجلة عنان السماء، وأمّا في الطمأنينة فقد نامت كل عينٍ قريرة هانئة ثقةً بحفظ الله أولاً ثم بوجودكم بين ظُهرانينا تحمون الديار وتذودون عن حياضها وتُخرسون حُلم كل وغدٍ متنمّر تُزيّن له مطامعه العبث بأمن بلادنا، وأيمُ الله قد أثمر غَرس أبيكم زايد فيكم كما قال بو خالد حفظه الله: أنتو عَلَم... يعتز فيكم حمـــاكم أنتو على سبع الإمارات حرّاس ضبّاط و جنود الوطن في ذراكم يا عيال زايد تربية راعي الباس أنتو بياض الوجــــــــــــــه للي وراكم نرجم بعزم أفعالكم كل خنّاس بالأمس خرجت لكم الإمارات ترحاباً بقدومكم، قلوب أهلها تسبق خُطاها، لم تُسعفها الكلمات لتعبر عمّا تكنّه الأفئدة لكم ولكن كانت بسمات الشفاه ودموع المآقي تختصر كل أحاديث الفخر وتعابير الحب، فهنيئاً لدارٍ أنتم أبناؤها وموضع رهانها، وهنيئاً لكم كل هذا الحب وهذا الاستقبال الذي يليق بكم وتليقون له.. وهنيئاً لليمن بمقدم دفعةٍ جديدة من اخوان شمّا لتُكمِل مسيرة من سبقهم من اخوانهم الابطال، يُحركّهم الايمان ويحدوهم حب الخير وتدفعهم نصرة الضعيف، لم يخلف الرجال إلا رجالٌ مثلهم ولن تنتقل الراية الخفاقة ذات الألوان الأربعة من كفّ جدير إلا إلى كف مستحق قادر على حملها بما تستحقه كما قال السمؤال وكأنه يعنيهم: إذا سيّدٌ منّا خلا قام سيّدٌ قـؤولٌ لِـما قال الكرامِ فعولُ