تضاربت التصريحات والتكهنات حول أسباب سقوط الطائرة الروسية في شبه جزيرة سيناء المصرية وتحطمها؛ سواء من جانب المسؤولين الحكوميين في مصر وروسيا أو من جانب الشركة المالكة للطائرة، أو من جانب بعض الدول مثل بريطانيا والولايات المتحدة، وأيضًا لجنة التحقيق الدولية التي تولت البحث في القضية. في الساعات الأولى لسقوط الطائرة الروسية المنكوبة، استبعدت كلّ من روسيا ومصر فرضية أي عمل خارجي إرهابي، كما لم تفد المؤشرات الأولية بأنها تعرض لهذا النوع من الهجوم. ونأت روسيا عن التكهن، إذ أعلن سيرغي كيربتشنكو سفيرها لدى مصر، أن تحليل محتويات الصندوقين الأسودين والتحقيق في أسباب سقوط الطائرة المنكوبة سيستغرق عدّة أسابيع، وحذّر في حديثه للصحافيين بالقاهرة، من استباق النتائج. وفي أول تعليق له على سقوط الطائرة، شدّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على إجراء تحقيقات جادة وسريعة بشأن الحادث. ومنذ الساعات الأولى للحادث المأساوي، أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن إسقاط الطائرة وتحطمها، موضحًا أنّ هدفه من ذلك ردّ الضربة لروسيا بسبب تدخّلها في النزاع السوري ومساندتها لنظام الرئيس بشار الأسد، واستهدافها لمواقع التنظيم. ولكنّ إعلان «داعش» هذا لم يُقنع المسؤولين الروس كما لم يقنع نظراءهم المصريين، فالتنظيم لا يمتلك منظومة صواريخ متطورة تستطيع إسقاط طائرة على ارتفاع تسعة آلاف متر. وفي حديث لـ«الشرق الوسط»، علّق حسام القاويش، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب المصري، على تبني «داعش» للعملية، قائلاً: «هناك جهات تحاول الاستفادة ممّا حدث، علينا أن ننتظر أولاً نتائج التحقيقات». ولليوم الثاني على التوالي لم يتغيّر الموقف الروسي أو المصري من حادثة الطائرة المنكوبة. ونقلت وكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية الرسمية عن ماكسيم سوكولوف، وزير النقل الروسي، الذي سافر مباشرة إلى القاهرة لمتابعة سير التحقيقات، تصريحاته، بأنّ لا دليل على وجود عمل إرهابي خلف سقوط الطائرة، موضحًا أنّ تبني «داعش» عملية إسقاطها «لا يمكن اعتباره دقيقًا». وبقي عدد من خبراء الطيران في موسكو، يرجحون فرضية حالة تقنية للطائرة بما في ذلك فرضية الخطأ البشري. وفي اليوم الثالث، لم تستبعد مصادر الكرملين أي فرضيات في مرحلة لاحقة من التحقيق، بما في ذلك فرضية العمل الإرهابي. وفي اليوم الرابع عاد تنظيم داعش ليعلن من جديد مسؤوليته عن إسقاط الطائرة، ونشر على حسابات مؤيدة له على «تويتر»، تسجيلاً مصورًا يظهر طائرة تسقط بعد أن اشتعلت فيها النيران. وردًا على مزاعم التنظيم التي تناولتها وسائل إعلام عدة، قال الرئيس السيسي إنّها «محض دعاية تهدف إلى الإضرار بسمعة مصر». وفي بريطانيا أفاد رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، في بيان، أنّه، وبينما التحقيقات جارية، لا يمكن لحكومته القطع بالسبب وراء تحطم الطائرة الروسية، ومع تكشف المزيد من المعلومات يتنامى قلق من أنّها قد تكون قد أسقطت بعبوة ناسفة. فقررت الحكومة البريطانية في إجراء احترازي تأخير الطائرات التي من المتوقع أن تقلع من شرم الشيخ، إلى أن يجري فريق خبراء بريطانيين تقييماتهم بشأن التدابير الأمنية المطبقة في المطار. وفي اليوم الخامس، صرّح فيليب هامون وزير الخارجية البريطاني، قائلاً إنّه هناك احتمال كبير أن تكون جماعة ولاية سيناء التي بايعت تنظيم داعش، وراء إسقاط الطائرة بقنبلة. فردّ بيسكوف المتحدث باسم الرئيس الروسي معلقًا على تصريحات هاموند، أنّ الكرملين يرى في أي نظريات عن سبب تحطم الطائرة محض تكهنات وتبقى كذلك والتحقيق وحده سيحدّد ما حدث. وفي مصر أبدى مسؤولون استياءهم من هذه التكهنات التي تضر بسمعة بلادهم والسياحة فيها، وأنّه من غير المنطقي التكهن والاشتباه بقنبلة على الطائرة تكون قد أدت إلى سقوطها وتحطمها من دون أن توضح حقيقة هذا التفجير، إن كان سببه قنبلة ذُرعت بواسطة جماعة إرهابية، أم انفجار خزان الوقود لسبب فنيّ. أمّا «كوغاليم أفايم» الشركة المالكة للطائرة التي اتخذت اسمًا تجاريًا جديدًا هو «مترو غيت»، فسارعت بتبرئة ساحتها، موضحة أنّ الطائرة لا يتجاوز عمرها 18 سنة ونصف السنة، ومؤكدة سلامتها وقدرتها على الطيران، كما استبعدت أي عطل فني يكون قد أصابها، متكهنة أن تحطّمها على الأرجح سببه عامل خارجي؛ ودحضت منذ اليوم الأول ما قيل بشأن نوعية الوقود المستخدم في الطائرة بآخر رحلة لها إلى شرم الشيخ. ولكنّها لم تتحدث أو تُشر إلى أي عمل إرهابي. وبعد ستة أيام على الطائرة الروسية المنكوبة، بدأت شركات الطيران البريطانية، تنظيم رحلات إجلاء السياح البريطانيين من مطار شرم الشيخ. وكانت بريطانيا قد حذّرت مواطنيها من السفر إلى سيناء. ساهم انشطار الطائرة في السماء قبل سقوطها، على تأكيد فرضية عمل إرهابي تعرضت له قبل أن تلتطم باليابسة، خصوصًا وأنّ أشلاءها تناثرت في على مساحة واسعة في شبه الجزيرة، مما يرجح فرضية تفككها في الهواء. وعلى الرغم من اقتناع مسؤولين روس بأنّ الطائرة انشطرت قبل أن تطأ اليابسة، فإنهم أصرّوا على أن التصريحات تبقى تكهنات بانتظار نتائج التحقيقات في الصندوقين الأسودين. وتحدّث مسؤولون أميركيون في اليوم السادس على الحادث، عن رصدهم حديثا غير رسمي يدعم نظرية أن قنبلة أسقطت الطائرة الروسية. لكن مسؤولون في الولايات المتحدة وأوروبا حذروا من أنه لا يتوفر حتى الآن دليل جنائي قاطع بأن قنبلة أسقطت الطائرة، وأنّهم لم يستبعدوا حتى الآن احتمال حدوث خلل فني. وذكر أحد المصادر، أنّ هناك تقارير مخابراتية متضاربة بشأن المكان الذي ربما وضعت فيه القنبلة على متن الطائرة. وبناء على معلومات من الاستخبارات الروسية، أوصى بوتين، ألكسندر بورتنيكوف، رئيس جهاز الاستخبارات الروسي، بتعليق رحلات شركات الطيران الروسية إلى مصر بعد تحطم طائرة الإيرباص التابعة لشركة «متروجت». وذكرت وكالة «إنترفاكس» أن بوتين أعطى توجيهات بإرساء التعاون مع مصر لضمان سلامة الرحلات الجوية. كما أنه أمر الحكومة بوضع آلية لإعادة الروس من مصر. وكانت طائرة السياح الروس قد سقطت وتحطمت فوق جزيرة سيناء يوم السبت الماضي، وأودت بحياة ركابها الـ224، بعد 23 دقيقة من إقلاعها من مطار شرم الشيخ متجهة إلى سان بطرسبرغ.