×
محافظة الرياض

ثقافي / وزير الثقافة والإعلام يتفقد المكتبة العامة بحي النسيم // للصحف //

صورة الخبر

الشارقة ــ الخليج الثقافي: منشورات القاسمي هي مؤسسة تقوم بإصدار وتوزيع كتب صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حيث تزيد إصدارات سموه على ثلاثين كتاباً، تنوعت ما بين الكتب التاريخية والأدبية، الروائية والمسرحية، إضافة إلى كتب السيرة الذاتية، وتسعى الدار لنشر فكر سموه والكتب المرتبطة بالمشروع الثقافي الذي اختطه لإمارة الشارقة، وذلك لإنارة القارئ العربي بمميزات فكر وأدب سموه وما ينطوي عليه تفكيره من رؤى مستقبلية، وكذلك تنويره بالعمل الميداني المنجز تنفيذاً لذلك المشروع، وما تجنيه الثقافة العربية والمثقف العربي من ورائه. في إطار ذلك المسعى أصدرت المنشورات حديثاً ثلاثة كتب ترتبط بالمشروع الثقافي للشارقة، وهي كتاب فضاءات العروض بين التشكيل والمضمون الفني: مسرح جزيرة المجاز نموذجاً لمحمد عبد الرحمن الياسي، وكتاب الحملات البريطانية ضد قبيلة بني بو علي لأمينة علي الخاطري، وكتاب ابن ماجد المعلم الأريب في إفهام اللبيب لمحمد نجيب قدورة. يدرس الباحث محمد عبد الرحمن الياسي في كتابه البنية الهندسية لمسرح جزيرة المجاز وجمالياتها رابطاً إياها بوظيفتها الفنية التي تؤديها باعتبارها فضاء للعروض المسرحية في سياق تاريخ طويل من الفضاءات التي احتضنت عروض المسرح عربياً وعالمياً، وما استطاعت تلك الفضاءات أن تسهم به في توصيل دلالات تلك العروض، ويضم الكتاب مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة، وهو في الأصل رسالة لنيل الماجستير في العلوم الثقافية في جامعة تونس، المعهد العالي للتنشيط الشبابي والثقافي، عام 2014. في مقدمته يشير الياسي إلى أن مشهد الفرجة العربي مثّل مشغلا بحثيا للمؤرخين ومنظري المسرح ومحترفيه والباحثين الاجتماعيين على مر تاريخنا الحديث، وتمحورت بعض الدراسات حول بدايات هذا الفن وطرق ترسيخه في الثقافة العربية باعتباره نتاج مثاقفة وكذلك آليات تنظيمه وأنساق تقبله وفترات ازدهاره وانحداره، ومدى علاقته بالواقع المعاش واللحظة التاريخية الراهنة وانخراطه في قضايا مجتمعاتنا العربية لتصبح هذه الأسئلة جوهرية ومركزية اليوم أمام الثقافة التي تسعى لأن تكون عنصراً فعالاً في التنمية الشاملة، فالتعامل اليوم مع تلك الفنون، ومدى تقديمها بشكل ملائم يجذب المتفرجين ويسهم في صناعة مضمون العروض، وهو أحد المظاهر الإبداعية المهمة في عالم المسرح إن لم يكن أهمها، وانطلاقاً من الوعي بهذه الأهمية جاء توجه الياسي إلى تقديم دراسة عن مسرح جزيرة الياس، وذلك بعد ما هزه العرض الباهر الذي دشن به هذا المسرح عام 2014 في افتتاح احتفالية الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية، وهو أوبريت عناقيد الضياء الذي استلهم موضوعاته من التاريخ العربي الإسلامي، فتكاملت صورة العرض مع المكان الذي احتضنه، واكتمل المشهد ليصنع الجمالية التي يبحث عنها المتفرج. ويقول الياسي إن بناء مسرح جزيرة المجاز لم يكن اعتباطاً، ولكنه حدث عن تخطيط محكم ونظر ثاقب يستلهم رؤية صاحب السمو حاكم الشارقة، في التثاقف والمراكمة الحضارية التي تستعيد جماليات الهندسة الإسلامية، مازجة إياها بأساليب الهندسة الإغريقية والرومانية في بناء المسارح، ونجحت تلك الطريقة في تقديم نموذج حديث لالتقاء الثقافات، وامتزاج الأساليب الفنية. في الفصل الأول من الكتاب يقدم الباحث الإطار المفاهيمي والمنهجي لموضوعه مستعيداً التعريفات المختلفة للمسرح وأنواعه خاصة المسرح الدرامي والملحمي، ثم عرف مصطلحات مثل المهرجان، الثقافة، السياسة الثقافية، وفي الإطار المنهجي، اختار الباحث أن يمزج بين المنهج الوصفي والتحليلي لتقديم الظاهرة المدروسة في وضعها الخارجي ثم في مكوناتها العميقة، وصولاً إلى الاستنتاجات المطلوبة. وفي الفصل الثاني تناول فضاءات العروض وتطورها مقرراً في البداية أن المسرح ابن المدينة، وهي فضاؤه الأول الذي تأسس فيه، وقد أفرزت عدة أنواع من فضاءات الفرجة منها المسارح التي تبنى خصيصا للعروض، ومنها الساحات المفتوحة التي تقام فيها المهرجانات والعروض في الهواء الطلق، ومنها القاعات الرياضية والأسواق والمستودعات التي تتحول إلى فضاء للفرجة، ومنها الشارع، وعن هندسة مكان الفرجة تناول خصوصيات كل فضاء على حدة فعند اليونان كان المسرح يتكوّن من منصة لتقديم العرض، ومدرجات لجلوس الجمهور، ولم يبتعد المسرح الروماني عن ذلك كثيراً، وفي الغرب في عصر النهضة جرى استلهام النموذج الروماني، فيما يعرف بالعلبة الإيطالية التي تفترض خشبة للتمثيل وستائر للفصل وقاعة للجمهور، وتوقف الباحث أيضاً عند نزعات الحداثة في صناعة فضاء العرض التي حاول أصحابها تجاوز العلبة الإيطالية، وتحويل أماكن غير مخصصة للعروض إلى أماكن للعرض، مثل المستودعات وصالات المنازل، واستخدام قاعات متعددة الاختصاصات كالقاعات الرياضية، وعدم الفصل الصارم بين الجمهور والممثلين، وذلك استجابة لحاجات الجمهور، ولكي لا يظل المسرح حكرا على طبقة واحدة هي تلك الطبقة القادرة على دفع أثمان التذاكر الغالية، وحتى يكون كل فضاء شعبي قابلاً للمسرحة. وفي الفصل الثالث مسرح جزيرة المجاز بين دواعي التأسيس وقيام التجربة واستهله باستشهادات ومقتطفات من أقوال صاحب السمو حاكم الشارقة تدل على حبه للمسرح واقتناعه به وسيلة لصناعة الوعي، وأداة لهزيمة الجهل والظلام في العالم، وسعيه الدائم إلى البحث عن وسيلة جذابة لهذا المسرح قادرة على استقطاب الجمهور وبث الوعي فيه، ويورد المؤلف الأسباب التي دعت إلى إنشاء مسرح جزيرة المجاز، مؤكداً أنه جاء في إطار التغييرات التي شهدها المكان، والتحضيرات التي أنجزت لاستقبال ذلك الحدث الكبير والاحتفاء به، وهو احتفالية الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية 2014، وكان التفكير منصباً على إنشاء مسرح في الهواء الطلق يجمع بين الجمال الهندسي والوظيفة الفنية، ويتتبع الكاتب مراحل التخطيط والتنفيذ التي تشير كلها إلى الأهمية التي كانت تعطى لهذا الفضاء المسرحي حتى يكون معلماً من معالم مدينة الشارقة، خصوصاً أنه داخل بحيرة المجاز على الواجهة المائية لقلب المدينة. ارتبطت انطلاقة مسرح جزيرة المجاز بعرض عناقيد الضياء الذي افتتح الاحتفالية، وهو سيرة بصرية موسيقية تسرد سيرة الرسول ، صلى الله عليه وسلم، وتجمع بين المسرح والموسيقى والسينما، وحاولت استحضار ذلك الزمان بالاعتماد على الديكورات والسينوغرافيا، واعتمدت على نص شعري مقسم إلى تسع لوحات، وقد أفردت اللوحة الأولى لمدينة الشارقة، وسبع لوحات أخرى عن حياة الرسول هي (مولد الهدى، الإسراء والمعراج، الهجرة، المدينة، معركة بدر، مكة يوم الفتح، وفاة الرسول)، ولوحة الختام وهي تفتح آفاق تلك المسيرة نحو مدينة الشارقة عاصمة الثقافة الإسلامية، ويسعى العرض لإبراز سماحة الإسلام ودوره في ترسيخ السلم والتفاهم بين الشعوب، وتوجيه الجمهور إلى الاعتزاز بقيمه والافتخار بالانتماء لحضارة عظيمة أثرت إيجاباً في مسيرة الإنسانية، وغرست فضائل لا تحصى ولا تعد. الحملات البريطانية وتتوقف الكاتبة أمينة عبد الله علي الخاطري في كتابها الصادر حديثاً تحت عنوان الحملات البريطانية ضد قبيلة بني بو علي، عند مرحلة مفصلية في تاريخ الخليج العربي، تطل من خلالها على تاريخ وضع السياسات البريطانية في الخليج العربي، والمخططات التي نفذتها، وما أسفر عنها. وتعالج الخاطري كتابها الصادر في 194 صفحة من القطع المتوسط، في أربعة فصول هي: قبيلة بني بوعلي وعلاقتها بالقوى المحلية المحاورة، والحملة البريطانية الأولى على قبيلة بني بوعلي 1820، والحملة البريطانية الثانية على قبيلة بني بوعلي 1821، والآثار العامة للقمع البريطاني لقبيلة بني بوعلي، مضيفة إلى ذلك ملحقاً يتضمن عدداً من الوثائق التاريخية، والخرائط، والرسائل، وغيرها من المواد التي تدعم توثيقها. وتتبع الكاتبة في طرحها المنهج التاريخي التوثيقي الذي يمضي في سرده وفق التاريخ الزمني وتسلسل الأحداث في سياق كرونولوجي، مثيرة في ذلك عدداً من التفصيلات الجزئية الغائبة في تاريخ الخليج، ومطلة على مجمل المرحلة الممتدة على ثلاثة أعوام متعاقبة، والتي تشكلت على أثرها ملامح الوجود والدور البريطاني في المنطقة. وتختار الخاطري مشروع كتابها في ظل غياب الأبحاث والدراسات التي توثق لهذه التجربة والمرحلة من تاريخ المنطقة، إذ تقول في تمهيدها للكتاب: إن الدراسات والأبحاث التي تناولت هذا الموضوع لم تعالجه إلا بسطور متناثرة أو مقتطفات قصيرة، وجاء هذا البحث ليغطي هذا النقص، فيعرض سير الحملات البريطانية ضد قبيلة بني بوعلي من خلال معالجة أسبابها، وأحداثها، ونتائجها على المنطقة. وتوثق الكاتبة تلك المرحلة بصورة تفصيلية حيث تكتب في الفصل الأول عن أوضاع قبيلة بني بو علي بشكل خاص، فتعرف بمواطنها، ونسبها، وعلاقتها في القوى المحلية المجاورة، حيث تتوقف عند جغرافيا عمان، وتستعرض الآراء المختلفة للمؤرخين حول نسب هذه القبيلة، وتعرض للعلاقات التي جمعت بين القبيلة والسلطة في السعودية، وموقف السلطة في عمان من حضور القبيلة في المنطقة. فتقول: قبيلة بني بو علي من القبائل العمانية التي كان لها دور تاريخي في عمان خلال القرن التاسع عشر الميلادي..، واختلفت المصادر في تحديد أصل قبيلة بني بوعلي، فيرجع المؤرخ العماني سالم بن حمود السابي أصلها إلى اليمن ويعدها بطناً من طيء، ويذكر في كتابه (إسعاف الأعيان في أنساب أهل عمان) قائلاً إن بني تمام هم عمود قبيلة بني بوعلي، وهم عند علماء الأنساب من جذيمة جرم بطن من طيء ويرأسهم الآن آل حمودة بن سلطان. ابن ماجد أما كتاب (ابن ماجد.. المعلم الأريب في إفهام اللبيب) للباحث محمد نجيب قدورة وجاء في 178 صفحة من القطع الكبير، فيقع في مقدمة وخمسة فصول هي: (الوعي الشخصي) و(الوعي الديني)، و(الوعي العلمي)، و(الوعي الأدبي)، و(الوعي السلوكي). كتب المؤلف على غلاف الكتاب (أورد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في كتابه بيان للمؤرخين الأماجد في براءة ابن ماجد في صفحة 20 ترجمة من يوميات فاسكو دا جاما عن مرشده إلى شواطئ الهند، فكتب على لسان دا جاما: في يوم الأحد التالي والذي صادف 22 إبريل/نيسان، صعد أمين سر الملك من السفينة ظافرة إلى ظهر السفينة، ولأنه لم يكن أحد قد اقترب من سفننا خلال اليومين السابقين، فقد قام القائد باعتقاله، وأرسل إلى الملك طالباً منه إرسال المرشدين الذين وعد بإرسالهم إليه. وفور تسلم الملك للرسالة أرسل له مرشداً مسيحياً، فأطلق القائد بعدئذ سراح الرجل النبيل الذي كان قد احتجزه في سفينته. ولقد سررنا كثيراً بالمرشد المسيحي الذي أرسله الملك لنا. ثم أوجز صاحب السمو حاكم الشارقة معلنا براءة ابن ماجد قائلاً: (وبذلك يكون مرشد فاسكو دا جاما في رحلته من الساحل الإفريقي إلى الهند، مسيحياً). وابن ماجد هو العبقرية العصامية الرائدة، الذي تعود أن يعطي أكثر مما يأخذ، اكتشف علماً لم يسبق لمثله، اخترع البوصلة، فحدد قبلة المسلمين، وأسس علم البحر والهيئة الملاحية، وأسس مدرسة سلوكية في التربية لينهج نهجه الأحفاد، فكان شهاباً عربياً خالد الذكر، عالماً عاملاً، همه الهداية لناس، ينمي عقلاً ويهذب سلوكاً، ويقدم الرأي الواعي السديد الطموح المتفائل، عازفاً على نبض القلوب في قريحة شعرية تستحق التقدير. الكتاب بحسب مؤلفه مجرد محاولة للتعرف إلى أحمد بن ماجد المعلم والمربي من خلال مؤلفاته، يطرحها للقارئ العربي بأسلوب تحرى فيه الحقيقة الواعية، واضعاً نصب عينه أن الحاجة أم الاختراع، متوخياً التوفيق بين المنهج التاريخي والمنهج الفني، حيث رصد المؤلف السيرة الذاتية لأحمد بن ماجد في ثنيات رصده لشعره. ويدرس المؤلف في مقدمة كتابه ماهية الوعي، ومسائل في منظار الوعي التربوي ويتوقف عند مسألة كتاب التاريخ ، مستشهداً بما قاله ابن خلدون في مقدمته الشهيرة كثيرا ما وقع للمؤرخين والمفسرين وأئمة النقل من المغالط في الحكايات والوقائع لاعتمادهم فيها على مجرد النقل غثاً كان أو سميناً، ولم يعرضوها على أصولها ولا قاسوها بأشباهها، ولا سبروها بمعيار الحكمة والوقوف على طبائع الكائنات وتحكيم النظر والبصيرة في الأخبار، فضلوا عن الحق، وتاهوا في بيداء الوهم والغلط. يناقش محمد قدورة في الفصل الأول مسألة الوعي الشخصي عند ابن ماجد من خلال أربعة محاور هي: النشأة والتعريف، وملامح شخصية ابن ماجد، ومظاهر الوعي الشخصي، والرؤية الواعية لشخصية ابن ماجد. ومن ملامح شخصية ابن ماجد يرد أنه الأسد الطموح وهو وصف نفسه بأنه رابع الليوث أو أسد البحر إلى آخر ما هنالك من ألقاب مثيرة للإعجاب فإنما كانت الأوصاف لأنه أدرك حقيقة نفسه ، فهو عالم طموح مخترع لم يكن مقلداً أو راوية أو ناقلاً بل طامحاً مجدداً على دراية ووعي بما ينصح ويجرب. وفي الفصل الثالث يناقش محمد قدورة محاور عدة من الوعي العلمي عند ابن ماجد مثل: ألقابه العلمية، والمنهج العلمي التجريبي الموضوعي عنده، والتفكير الواعي، وروحه النقدية، وأيضاً وصاياه وتعاليمه، وتصانيف ابن ماجد واختراعاته. في الفصل الرابع يجيء مؤلف الكتاب على عناوين تتصل بالوعي الأدبي عند ابن ماجد، فهو شاعر العلماء، ويتصف بعلامات ودلائل شاعرية واضحة، كما يتصف بأسلوبه العلمي المتأدب. ومن علامات شاعريته أن أهل زمانه ومن خلفهم أطلقوا عليه لقباً فريداً من نوع (ناظم القبلتين) مكة والقدس ، والألقاب لا تأتي من فراغ لأنها مبايعة بإمارة الشعر في عصره مع تميزه أنه عالم عبقري والحقيقة أن ابن ماجد شاعر رغم اعترافه هو نفسه بالتقصير في حق الشعر من حيث الأداء الشعري أو إهمال التفنن والإمتاع بجريه وراء أفكاره. في الفصل الخامس يدرس محمد قدورة ملامح الوعي السلوكي عند ابن ماجد، ويرى المؤلف أن ابن ماجد تميز في تكوينه العلمي والوجداني ووضع نصب عينيه أهدافاً سلوكية دعا إلى التمسك بها بشدة لتدل على عمق إيمانه وأصالته بما يقول ويفعل وتنبه إلى وعيه العقلي في أسمى معاني علمه النفيس الذي أرسى مبادئ وشروحات يتوخى منها أهدافاً قابلة للتحقيق.