نفت الحكومة البريطانية، أمس، عدولها عن خطة لإجراء تصويت في مجلس العموم حول توسيع نطاق الضربات الجوية التي تشنها في العراق إلى سوريا، بعدما أوصت لجنة نافذة في البرلمان بعدم الانضمام إلى هذه الحملة، وذلك عشية وصول رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية خالد خوجة إلى بريطانيا في زيارة يرافقه فيها وفد من الهيئة السياسية وممثل عن الجيش السوري الحر، لبحث الأوضاع العسكرية والسياسية في البلاد عقب التدخل العسكري الروسي. وقال المستشار القانوني للجيش السوري الحر أسامة أبو زيد الذي يشارك في الوفد، إن النقاط الرئيسية التي سيتحدث فيها بصفته ممثلا عن الجيش الحر، تتناول التطورات العسكرية والإنسانية في البلاد، مشيرًا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بعد شهر على التدخل العسكري الروسي، بات واضحًا أن الجيش الحر هو رقم صعب على الأرض»، مشددًا على أن «فشل» قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد «في محاولات الهجوم على جميع المحاور، رغم وجود الطائرات الروسية في الجو، يؤكد أيضًا أننا صمام أمان لأي حل سياسي» يجري التباحث فيه في مؤتمر فيينا. وقال أبو زيد: «سنضع البريطانيين في صورة أن تنظيم داعش يستفيد من القصف الروسي والهجوم الإيراني في البلاد على الجيش السوري الحر»، لافتًا إلى «أننا سنضعهم أمام مسؤولياتهم»، فضلاً عن أن «أزمة جديدة تنتجها الضربات الروسية، هي أزمة النازحين، حيث سجل نزوح أكثر من مائة ألف مدني من المناطق التي تتعرض للقصف الروسي، وهو ما يهدد بخلق موجات لجوء جديدة، ستشكل تحديات أمام الأوروبيين». وأشار إلى «أننا سنؤكد ضرورة أن يرفع مجلس العموم البريطاني حظر التسليح عن الجيش الحر»، مؤكدًا «أننا الضمانة بأن تصل الأسلحة إلى الجيش الحر وليس إلى متشددين، إذا كان هناك عزم على تقديم الدعم العسكري للجيش الحر». وإذ لفت إلى «أننا سنطالب البريطانيين ببذل جهود كي يتوقف القصف الروسي والقصف بالبراميل المتفجرة التي لا يزال النظام يستخدمها»، قال إن بريطانيا «قادرة مع شركائها الأوروبيين على أن يلعبوا دورًا بالضغط لإيقافها». وأشار إلى «أننا سنضيء على الضرر الناتج عن توسع نفوذ (داعش)، بوصفه ليس ضررًا على سوريا فحسب، بل على دول العالم»، كما رأى أن «الروس والنظام لا يبدو أنهما عازمان على محاربة (داعش)، بدليل المرحلة الماضية من القصف؛ حيث تركزت الهجمة على الجيش الحر فقط». وشدد أبو زيد على أنه «إذا كان المجتمع الدولي جادًا في القضاء على (داعش)، فنحن مستمرون في معركتنا، ونحن الشريك الوحيد القادر على هزيمة (داعش).. هو الجيش الحر»، معتبرًا أن معارك «الحر» المستمرة ضد تنظيم داعش «هي دافع كبير لمساعدتنا». وقال: «إذا لم يسمح لنا بالتسليح، فمعناه أن الغرب يسمح بتمدد (داعش)، علمًا بأن الضرر من التنظيم سيطال كل البلدان وليس السوريين» فقط. ويبحث الوفد «وقف التصعيد الناجم عن هجمات الطيران الروسي وميليشيات إيران ونظام الأسد، وتفعيل دور دول أصدقاء الشعب السوري في التخفيف من معاناة السوريين الإنسانية»، كما أعلن الائتلاف. وتأتي الزيارة في ظل نقاش في بريطانيا، حول توسيع الحكومة البريطانية حملاتها الجوية من العراق إلى سوريا ضد تنظيم «داعش»، ضمن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة الإرهاب. وفي حين رأت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني، أمس، أن بريطانيا يجب ألا تنضم إلى حملة الضربات الجوية في سوريا إذا لم تكن هناك استراتيجية واضحة لهزم التنظيم وإحلال السلام في هذا البلد، نفت الحكومة البريطانية، أمس، عدولها عن خطة لإجراء تصويت في مجلس العموم حول توسيع نطاق الضربات الجوية التي تشنها في العراق إلى سوريا. وأفادت تقارير إعلامية أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تخلى عن خطط لطلب موافقة البرلمان على توسيع المهمة ضد «داعش» من العراق إلى سوريا المجاورة، بعدما رأت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني أن بريطانيا يجب ألا تنضم إلى حملة الضربات الجوية في سوريا إذا لم تكن هناك استراتيجية واضحة لهزم تنظيم داعش وإحلال السلام في هذا البلد. وأضح مكتب كاميرون أن موقفه لم يتغير وأن رئيس الوزراء لن يسعى لإجراء تصويت دون الحصول على دعم واسع في مجلس العموم. وقال مصدر في رئاسة الحكومة البريطانية: «لقد قال على الدوام إنه سيطرح المسألة على مجلس العموم إذا تبين وجود توافق واضح»، مضيفًا: «في هذه الأثناء تواصل الحكومة العمل من أجل إنهاء النزاع في سوريا، وسنعمل بشكل وثيق مع حلفائنا لإعطاء زخم أكبر لجهود إيجاد حل سياسي». غير أن رغبة لندن في توسيع نطاق عمليتاها إذا حصلت على دعم سياسي في تصويت في مجلس العموم، اصطدمت بتقرير لجنة الشؤون الخارجية الجديد، وورد فيه أن تركيز كاميرون على حملة الضربات الجوية «في غير محله». وقال رئيس اللجنة كريسبن بلانت، النائب البارز عن المحافظين، الحزب الذي ينتمي إليه كاميرون: «نحن قلقون لأن الحكومة تركز على توسيع نطاق الضربات الجوية إلى سوريا دون أي توقعات بأن عملها سيترك أثرا عسكريا حاسما ودون أي خطة مترابطة بعيدة المدى لهزم التنظيم وإنهاء الحرب الأهلية». وحث بلانت الحكومة على التركيز على دعم الدبلوماسية الدولية لإنهاء النزاع الذي أوقع أكثر من 250 ألف قتيل، لا سيما بعد محادثات فيينا الأسبوع الماضي التي شاركت فيها 17 دولة. وكان كاميرون قال إنه سيطلب تصويتا حول الضربات الجوية في سوريا في مجلس العموم في حال وجود «توافق فعلي» حول الخطة فقط. وذكرت عدة صحف بريطانية أن كاميرون تخلى عن خطته لطلب تصويت بعدما أطلقت روسيا حملة الضربات لدعم نظام الأسد. وقالت صحيفتا الـ«غارديان» و«تايمز» إن كاميرون أدرك أن الضربات الجوية لن تنال دعما يكفي من النواب لتمرير الخطة نظرا للغالبية الضيقة التي يحظى بها المحافظون في مجلس العموم. وكتبت صحيفة «تايمز» نقلا عن مصادر في الحكومة أن التصويت المرتقب قبل نهاية السنة لن يتم. وقالت الـ«غارديان» من جهتها إن كاميرون أدرك أنه لم يحصل على تأييد ما يكفي من أصوات نواب المعارضة لتعويض أصوات المعارضين من حزبه المحافظين، وأقر بأن التدخل الروسي أدى إلى تعقيد الأمور. وفي رده على تقرير اللجنة، لم يأت وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند بشكل مباشر على ذكر احتمال حصول تصويت على انضمام بريطانيا إلى حملة الضربات الجوية في سوريا، لكنه أشار إلى أن الوزراء سيستخدمون «كل وسيلة ممكنة» من أجل «إنقاذ أرواح في المنطقة». وكان الائتلاف الحكومي السابق برئاسة كاميرون مني بهزيمة كبرى في مجلس العموم حين رفض النواب خطته لشن ضربات جوية في سوريا عام 2013. ويحرص الوزراء حاليا على تجنب نتيجة مماثلة. في غضون ذلك، أعلن المبعوث البريطاني إلى سوريا غاريث بايلي، أن المملكة المتحدة سوف تستمر في دعم المعارضة السورية المعتدلة، مؤكدا أن «النظام السوري اعتقل المعارضين السوريين المعتدلين فيما أطلق سراح المتطرفين الذي كانوا معتقلين في سجونه قبل عام 2011». وأضاف بايلي، في تقرير أصدره «مركز الإعلام والتواصل الإقليمي» التابع للحكومة البريطانية ومقره دبي، أن النظام السوري «ينفي وجود هذه المعارضة المعتدلة، لكنه لم يتوقف منذ سنوات عن اعتقال مفكرين وكتاب وصحافيين وسياسيين، حتى إنه اعتقل السياسيين الذين كانوا يرفضون اللجوء للسلاح، وقام بإطلاق سراح متطرفين كانوا معتقلين في سجونه قبل 2011». وأضاف معدو التقرير أن «عنف النظام ورفضه أي حل سياسي دفع كثيرا من السوريين إلى حمل السلاح، وهؤلاء هم المسلحون المعتدلون الذين نتحدث عنهم، وليست التنظيمات الإرهابية والمتطرفة مثل (داعش) و(النصرة).. وغيرها من الجماعات التي لا تؤمن بالتعددية والعيش المشترك في سوريا». وأوضح: «نحن نتحدث عن مقاتلين سوريين في مناطق كثيرة في البلاد حملوا السلاح بعد العنف والأعمال الوحشية من قبل الأسد، والتي استهدفت عائلاتهم وتدمير منازلهم واعتقال وتعذيب أفراد أسرهم».