أظهر حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا حزما لافتا في كافة الملفات التي يخوضها، بعد ضمانه الاستمرار في الحكم نتيجة الفوز الكبير الذي حققه في الانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت الأحد الماضي، فقد فتح النار في اتجاه حزب العمال الكردستاني المحظور، كما شن حملة اعتقالات واسعة بحق مؤيدي خصمه اللدود الداعية فتح الله غولن، كما أبدى حزما لافتا حيال الانتقادات التي وجهتها له صحف المعارضة باعتقال صحافيين من جريدة وصفت فوزه بالانتخابات بأنه «بداية لحرب أهلية». وبعد يومين على الانتخابات أعلنت رئاسة أركان الجيش التركي أن طائراتها شنت سلسلة غارات ضد أهداف حزب العمال الكردستاني في محافظة هكاري التركية الحدودية (جنوب شرق) والجبال في شمال العراق. وقالت القيادة العسكرية على موقعها الإلكتروني «إن مخابئ الأسلحة التابعة للمنظمة الإرهابية دمرت»، فيما قتل ثلاثة ناشطين أكراد الثلاثاء في مواجهات مع قوات الأمن في محافظتي هكاري ودياربكر جنوب شرقي، كما أفادت أجهزة الأمن. وتعهد نائب رئيس الوزراء يالجين أكدوغان بمواصلة مكافحة المنظمات الإرهابية التي تهدد أمن وسلامة الأراضي التركية، وقال: «سنواصل مكافحة منظمة بي كا كا التي تسببت في تجميد عملية السلام الداخلي من خلال ممارساتها الإرهابية في مناطق مختلفة من البلاد وإننا لن نتابع مسيرة السلام مع الأطراف التي سعت إلى عرقلة تقدّم هذه العملية». وفي بيان نقلته وكالة أنباء «فرات نيوز» الكردية وصف حزب العمال فوز حزب العدالة والتنمية بـ«الانقلاب السياسي». وقال إن «الحكومة الجديدة لها برنامج سياسي يشمل إجراء واحدا: الحرب». وفجر أمس نفذت الشرطة التركية مداهمة جديدة في أوساط مؤيدي غولن، فأوقفت 44 شخصا على الأقل في إطار تحقيق قضائي فتح في أزمير بحق الداعية فتح الله غولن. وجرت المداهمات في 18 محافظة في البلاد وأتاحت توقيف شرطيين وموظفين رسميين رفيعين بشبهة «امتلاك وثائق عسكرية ووثائق سرية» كما أفادت وكالة دوغان للأنباء. وأصدر مدعون مذكرات توقيف بحق 57 شخصا بالإجمال بحسب الوكالة. ومن المقرر أن يمثل الموقوفون ومن بينهم ثلاثة رؤساء محافظات وقائد سابق لشرطة أزمير (غرب) أمام محكمة قد تقرر توجيه الاتهامات إليهم. وأعلن الرئيس التركي الحرب على الداعية غولن في نهاية 2013 إثر فضيحة فساد مدوية استهدفت عدة مقربين منه. ويتهم إردوغان حليفه السابق الذي يدير من الولايات المتحدة شبكة مدارس ومنظمات غير حكومية ومؤسسات بأنه أقام «دولة موازية» بهدف الإطاحة به. ومنذ نحو سنتين، كثف إردوغان الملاحقات القضائية وحملات التطهير بحق أنصار غولن في سلكي القضاء والشرطة. والأسبوع الماضي اقتحمت الشرطة التركية مقري محطتي تلفزيون تنتميان إلى المجموعة القابضة التي يملكها غولن بعد قرار قضائي بفرض الوصاية عليهما. ومذاك قام المديرون الجدد المعينون بفصل 58 صحافيا في المجموعة بحسب الإعلام المحلي. وتبدأ محكمة تركية في مطلع يناير (كانون الثاني) محاكمة غولن غيابيا بتهمة محاولة الانقلاب. واتهمت محكمة في إسطنبول أمس مسؤولين في مجلة «نقطة» المعارضة وأودعتهما السجن كما أفادت مصدر من المجلة. وأوضح صحافي في «نقطة» لوكالة الصحافة الفرنسية «إن رئيس التحرير جوهري غوفن ومدير النشر مراد تشابان اتهما وحبسا بتهمة محاولة القيام بانقلاب». وأوقفت الشرطة الصحافيين في إسطنبول الاثنين بعد صدور العدد الأخير من المجلة وعلى غلافه عنوان اعتبر انتصار العدالة والتنمية «بداية الحرب الأهلية في تركيا». وكان عنوان عدد المجلة الصادر هذا الأسبوع المرفق بصورة الرئيس رجب طيب إردوغان «الاثنين 2 نوفمبر (تشرين الثاني) بداية الحرب الأهلية في تركيا»، ولهذا طلب المدعي العام أوموت تبه مصادرة عدد الصحيفة وفتح تحقيق مع المجلة بدعوى تحريض الشعب على ارتكاب أعمال عنف.