استمع يوسف أبولوز على ضفة نهر بييدرا لم يجلس ولم يبك، بل كانت أمطار وأسراب من الصبايا القليلات الحجم. المرأة في طول شتلة الأرز بالمعنى المجازي للكلمة على ضفة نهر أسطوري يجري في قلب بينوم بينيه كل امرأة هي مطبخ لعائلتها. هي حقل وعود حراثة وكمنجة وقصيدة معطّرة عند المساء. الأنهار، والقصائد، والنساء، عمل سينمائي طويل، وأجمل السينمات تلك التي تقوم على اللباقة في اللغة، اللباقة في الأفكار. على ضفة فيلم inside man، وإن صحّت الترجمة أعماق رجل، تقاربت، وليس تباعدت هذه الأفكار. في الفيلم الذي يبدو ظاهره سطواً على مصرف ثمة ما هو أبعد من السطو. إليك هذه الجمل التي تبدو مثل شتلات الأرز: عضّتي أسوأ بكثير من نباحي. المال لا يشتري الحب. النزاهة هي العمل الأثمن. عندما يكون هناك دم على الشوارع.. اشتر العقارات. بعت روحي، ومنذ ذلك الوقت وأنا أحاول استعادتها. هل تعلّم السينما الحكمة.. وكذلك الأنهار؟ لم يعتمد فن السينما على الروايات الكلاسيكية منها والرمزية والحديثة، بمعنى المعقول واللّا معقول، بالكامل. نعم السينما فن الرواية، أو فن تدوير الرواية إلى شريط صوت وصورة وإضاءة، ولكن الخيال السينمائي يفوق أحياناً الخيال الروائي، وإذا جاز القول يدجّن الخيال السينمائي الخيال الروائي ويحوّله إلى مادة ثالثة، وبالنزاهة المهنية، ثم النزاهة هي العمل الأثمن. الأنهار، أيضاً، لم تكن تعمل في وظيفة الماء لو لم تكن وُلدت من النزاهة. تعلّمنا السينما الفرجة والسكوت والتأمل، وتعلّمنا الأنهار الجريان، والنظافة، والشعر. شعر كثير في النهر. شعر بلا بحر، والنهر نفسه بلا بحر. بحور الشعر؟؟ وَلِمَ لا أنهار الشعر؟ نهر طويل، ونهر كامل، ونهر بسيط، ونهر خفيف، ونهر الرمل، وما أجمل نهر الرمل. أتحدث إليك عن السينما وعن الأنهار، وعندما تجفّ السينما تتحول إلى تصوير، وجفاف الأنهار أسوأ من التصوير. ولكن أين تلك المرأة التي على صورة شتلة أرز؟ أهي، فعلاً، كمنجة؟ لا، المجازات الشعرية كاذبة والخيال أحياناً يكذب. إن عضّتها أسوأ من نباحها. سينما وأنهار والجريان واحد، والمياه واحدة. اجلس دائماً على الضفاف: ضفاف الأنهار، وضفاف النساء، بعيداً عن الغرق في نهر الفلسفة، والمال لا يشتري الحب. وحاول استعادة روحك بعدما بعتها إلى الكثير من الرجال والنساء وأشباه الرجال وشبيهات النساء، فلم يبق إلّا العضّة.. الأسوأ من النباح. yosflooz@gmail.com