×
محافظة المنطقة الشرقية

مركز لاحتواء مشكلات الرسوب والتسرب

صورة الخبر

قبل أن أناقش حزب الله وأزماته الأخيرة لابد من الإشارة إلى حقيقة تاريخية تقول إن كل التكوينات التي تقوم على الايديولوجيا مهما كان نوعها الفكري سواء عقدية أو فكرية أو طائفية تنتهي نهاية مأساوية لأن النصوص الايديولوجية تكتب دائماً بحبر موقت دون أن يشعر بذلك أتباعها كما أن النصوص المؤدلجة الداعية إلى تكون المجموعات تكتب في مبادئها الأساسية العمل العسكري والحروب والدمار لذلك هي تبدأ أولاً بنفس الأدوات التي تكتب نهايتها. حزب الله وصرخاته وتوزيعه التهم واستجداؤه الوفاء بالدعم من جانب إيران والنظام السوري أدرك بكل وضوح ان مقصلة نهاية الحزب منصوبة له في دمشق، لأن التاريخ يشير إلى أن مثل هذا الحزب أصبح قريباً من خط نهايته عبر التاريخ فإن الأحزاب المؤدلجة والجماعات الفكرية ذات المسار المليء بالأفكار الأحادية لا يمكن تشكليها إلا من خلال تراتبية وطبقية مفروضة على جميع الأعضاء ولكي تكون الصورة أوضح فإن حالة حزب الله تشهد سيطرة (الأكليروس الطائفي) فما يمثله قائد حزب الله (السيد نصرالله)هو الايديولوجيا الطائفية ثم يليه طبقة من الطامحين في خلافته من نبلاء الأكليروسية الطائفية، ثم ثالثاً طبقة يتم استغلالها بلا إنسانية لتنفيذ ما تمليه هذه التراتبية تحت وعود عقدية ووعود (ايديولوجية سياسية-ايديوسياسية). مهما كان العمر المتوقع لهذا الحزب فلا يمكن للبنان أن يبقى أسيراً لهذا الحزب كما ان إيران مهما دعمت فلا يمكن لها ان تبقى مستمرة في دعم هذا الحزب إذا ما انتهى دوره، كما أن أنصار المذهب البسطاء سيكتشفون انهم يقدمون أرواحهم لهذا الحزب دون تحقيق أي هدف أو نتيجة، كما أن الفكر الطائفي لن يستمر طويلاً دون أن يكتشف عورة هذا التنظيم. تاريخ حزب الله منذ إنشائه على يد الحرس الجمهوري في أوائل الثمانينات الميلادية لم يحقق أي انتصار يمكن البناء عليه فلم يحقق انتصاراً لطائفته ولم يحقق انتصاراً للإسلام ولم يحقق انتصاراً لنفسه، كل ما حققه حزب الله هو المساهمة في احتلال لبنان على يد النظام السوري ومشاركة مشبوهة في الكثير من عمليات التصفيات الدموية. حزب الله الذي عمل جاهداً خلال عقوده الماضية على صناعة مجتمع ضد الدولة اللبنانية وضد الإسلام والمسلمين بكل مذاهبهم عبر مسار سياسي واجتماعي يدرك أن نهايته أصبحت قريبة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى وخاصة أن الغرب الذي لا يمكن فصل مصالحه عن مصالح إسرائيل قد يجد طريقاً لتوقيع اتفاقية دائمة مع إيران ومن المؤكد أن إسرائيل وأمنها سيكون في القائمة الرئيسة من اتفاقات الغرب وإيران مما يعني نهاية الحزب. بعيداً عن كل التكهنات فإن حزب الله هو الخاسر الأكبر سواء صدقت التنبؤات حول اتفاق الغرب وإيران بأن الطرفين وقعا اتفاقاً حقيقياً بضمانات من بينها أمن إسرائيل أو لم تصدق تلك التنبؤات واكتشفنا لاحقاً أن إيران غير ملتزمة تجاه التخلي عن برنامجها النووي: هذه الفرضية سواء بالاتفاق أو عدمه بين الغرب وإيران ليس له ضحية أكبر من حزب الله الذي سيكون وجوده في لبنان عبئاً على إيران في حال التزمت للغرب بأمن إسرائيل أو لم تلتزم لأن القضاء على حزب الله وإنهائه سيصبح مطلباً أساسياً سواء لإيران أو للغرب. في الخطاب الأخير للسيد حسن نصرالله بمناسبة عاشوراء الأخيرة تحدث كثيراً عن شراكات يرغب في تنفيذها مع أطراف محلية ودولية كما تحدث عن ان إيران وسورية لن يتخلوا عنه مع أن قضية دعم إيران للحزب لم تطرح إعلاميا أو سياسياً في هذه الفترة سواء من جانب الحكومة الإيرانية أو من جانب مرشد الثورة الإيرانية وهذا الإسقاط يكشف وصول الحزب إلى خط النهاية المؤلم. حزب الله اليوم يبحث عن مخرج سريع وقد يبادر إلى المصالحة حتى مع إسرائيل إذا ما أدرك الحزب أن معايير اللعبة تغيرت على الجانب الآخر، ومن المحتمل أن تتضاعف أنشطة الحزب ومشاركاته العسكرية في سورية مع إدراكه بتغير خيوط اللعبة من مواجهة عدو مصطنع (إسرائيل) إلى مواجهة عدو طائفي يتمثل في القاعدة والسنة في سورية. أمين حزب الله في أحد خطاباته يحذر القاعدة من أن الغرب وخصوصاً أمريكا نصبت لهم فخاً في سورية باستقدامهم الى أرض المعركة، والحقيقة أن هذه الدعوة خلفها الكثير من الحقائق التي تدخل في إحساس نصر الله وحزبه بقرب النهاية لذلك أصبح صنع عدو جديد مطلباً يتعلق ببقاء الحزب أو موته. السيد حسن نصر الله ومع إحساسه بانتهاء دورة في لبنان يريد أن يقدم بدائل وقائمة جديدة من الأعداء إلى مرشد الثورة الإيرانية من أجل بقاء الحزب، واستدراجه للقاعدة في ذلك الخطاب واتهام الغرب بأنه يريد أن تكون سورية مقبرة للقاعدة كل هذا يحمل في طياته لعبة سياسية فأمام حزب الله فرصة لإغراء القاعدة ومناصريها إلى الحدود اللبنانية وتهديد الدولة اللبنانية بأنه لو تخلى الحزب عن محاربة القاعدة وأعوانها فسوف تصل إلى بيروت كما سوف يفعل نفس الشيء مع إسرائيل وإيران بهدف حماية الحزب من نهايته. حزب الله الذي تلقى المؤشرات الأولى من إيران حول قرب انتهاء دوره يجد نفسه في مواجه صعبة لخلق عدو جديد في المنطقة يستطيع ان يحمله إلى مرشد الثورة لذلك لا يمكن استبعاد كل الاحتمالات ومنها أن يعود حزب الله الى نهجه المعتاد حيث التصفيات واختلاق الأزمات فخط النهاية لهذا الحزب لم يتبقَ عليه سوى أمتار قليلة. سورية التي غرق فيها حزب الله كما تشير الاتجاهات لم يتدخل من أجل الشعب السوري أو من أجل النظام فلم يتدخل هناك إلا عندما طلبت إيران منه التدخل بالقوة لتمزيق سورية طائفياً وعرقياً وأيديولجياً، ومن يعتقد ان حزب الله يحارب في سورية مندفعاً برغبته الخاصة يخطئ فحزب السيد نصر الله يدفع ثمن الدعم الإيراني له عبر تنفيذ أوامر إيران للدخول كطرف الحرب الدائرة في سورية. حزب الله وصرخاته وتوزيعه التهم واستجداؤه الوفاء بالدعم من جانب إيران والنظام السوري أدرك بكل وضوح ان مقصلة نهاية الحزب منصوبة له في دمشق، لأن التاريخ يشير إلى أن مثل هذا الحزب أصبح قريباً من خط نهايته فوجوده بهذه الطريقة الاستخباراتية وزراعته في وسط دولة عربية ومنهجه الفكري يحتمان نهاية مؤلمة لهذا التكوين السياسي المرفوض من جسد الدولة اللبنانية ومن جسد الإسلام ومن جسد الطائفة التي ينتمي إليها الحزب نفسه.