سادت في فترة ماضية عمليات استغلال عدم وجود ما يثبت هوية المرأة، وصعوبة التحقق بطريقة مباشرة وشخصية من هويتها. أدى ذلك إلى تجاوزات تصل إلى مستوى الجريمة فيما يتعلق بحقوق المرأة. مع ارتفاع وتيرة الحركة المجتمعية، وزيادة مساهمات المرأة في مجالات الاقتصاد والتعليم والصحة، كان لا بد أن يعاد تصميم الخدمات بما يتوافق مع الواقع الجديد. معاناة المرأة في مراجعة الدوائر الحكومية بسبب إشكالية عدم وجود مكاتب تمكنها من إنهاء معاملاتها وإثبات هويتها بطريقة مضمونة تمنع الخطأ والتزوير والتجاوزات، دفعت بالكثير من القضايا إلى الواجهة. قضايا كان يمكن ألا تقع لو توافرت وسائل بسيطة تسمح بتحقيق الحد الأدنى من الخدمات لها. كل هذا بدأ يختفي مع تفهم الدوائر ذات العلاقة بخدمة المجتمع والأمن لخطورة الوضع القائم على المرأة في مجموع علاقتها مع هذه المنشآت. جاء في السياق المهم هذا قرار مجلس الوزراء الأخير باعتماد الهياكل التنظيمية لإمارات المناطق التي أصبح من مكوناتها مكاتب الخدمات النسائية. مع إعادة تنظيم هذه المنشآت لتستقبل النساء بطريقة تضمن أمنهن واحترامهن وتحقيق العدالة في التعامل مع مختلف قضاياهن، يأتي الأمل بأن تحذو مختلف الجهات التي تتعامل مع المرأة حذو وزارة الداخلية. يمكن أن تبدأ المحافظات بإنشاء هذه المكاتب خصوصا أن المملكة فيها مناطق مساحتها شاسعة، وبعض المحافظات تبعد عن إمارة المنطقة مئات الكيلومترات. كما أن الجهات العدلية مطالبة ــــ كذلك ــــ بإعادة تنظيم المحاكم وكتابات العدل بما يضمن وجود قسم متخصص للمرأة. قد لا يكون دور المكتب تنفيذ الأعمال الأساسية في المرحلة الأولى، لكن يمكن أن يتيح وجود المكتب الفرصة للتعرف على المرأة من قبل النساء العاملات في المحكمة أو كتابة العدل، والتحقق من هويتها إضافة إلى الإجراءات الأخرى المعتادة، ويوفر أريحية إضافية لوقت الانتظار. إن الاطلاع على الكم الكبير من مساهمات المرأة في المجتمع ودورها الحيوي في مختلف المجالات يجعل توفير الخدمة اللائقة بها في مختلف المواقع أولوية، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالحقوق والالتزامات، فكم من إرث وزع دون عدالة، وكم من عمليات بيع أو شراء نفذت دون علم صاحبات الحقوق وهو أمر لا يرضي أحدا، وغير ذلك كثير.