×
محافظة المنطقة الشرقية

أمريكا: روسيا في رباط مع الأسد وحزب الله وإيران

صورة الخبر

ربما‮ ‬يتضح الآن‮ - ‬أكثر من أي‮ ‬وقت مضى‮ - ‬مدى أهمية التآزر والتلاحم بين الثقافتين الإسلامية والعلمية للتعريف بالإسلام‮ ‬، إسلام القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة‮ ‬، والدفاع عنه في‮ ‬مواجهة كل محاولات التشكيك والتضليل في‮ ‬أصوله وفروعه على السواء،‮ ‬ومن عجب أن‮ ‬يسعى كثيرون من المحسوبين على الإسلام وغيرهم إلى تحميل الخطاب الديني‮ ‬وحده مسؤولية ما‮ ‬يعانيه العالم الإسلامي‮ ‬من صراع وتناحر،‮ ‬وما وصل إليه من جهالة وتخلف،‮ ‬فيسلطون الضوء على ضرورة تجديد الفكر الديني‮ ‬فقط من دون سائر أنواع الخطاب التي‮ ‬تحتاج هي‮ ‬الأخرى إلى تنقية وإصلاح وتطوير وتطهير،‮ ‬بعد أن أصابها الوهن والخلل والاضطراب وعدم القدرة على إبصار الأولويات وقراءة متغيرات العصر المتلاحقة‮.‬ نعم‮.. ‬يكتسب الخطاب الديني‮ ‬أهمية خاصة بسبب قدسية الدين وأهميته لحياتنا‮.. ‬لكن ألسنا بحاجة ماسة أيضاً،‮ وبالدرجة نفسها،‮ ‬إلى تطوير الخطاب التربوي‮ ‬والتعليمي،‮ ‬وإلى ترشيد الخطاب الفني‮ ‬والإعلامي، وهل‮ ‬يغيب عن أصحاب النظر السليم أن الأمة العربية والإسلامية تعاني‮ ‬اليوم من أزمة مستحكمة،‮ ‬ليس بسبب نقص في‮ ‬قدراتها وإمكاناتها،‮ ‬أو عجز في‮ ‬مواردها وثرواتها التي‮ ‬حباها الله‮ ‬ تعالى‮ بها في‮ ‬البر والبحر والجو،‮ ‬وإنما بسبب افتقادها لرؤية كونية متوازنة،‮ ‬تنطلق من مرجعية فكرية رشيدة توجه إلى حسن التعامل مع هذه الموارد والثروات،‮ ‬وتعين على ذلك النسب المختلة،‮ ‬لتحدد صورة المجتمع الذي‮ ‬نريده في‮ ‬المستقبل؟ وهل‮ ‬يخفى على أولى الألباب أن ما‮ ‬يزيد الطين بلة،‮ ‬ويوسع الخرق على الراقع،‮ ‬هو وقوع المشاركين في‮ ‬التنظير والحوار أسرى لأيديولوجياتهم الخاصة،‮ ‬وتشبثهم بفلسفات وأنساق فكرية قديمة أو وافدة،‮ ‬سقط معظمها سقوطاً ذريعاً من حركة التاريخ لأنها خالفت طبيعة الوجود الإنساني،‮ ‬وانحرفت عن قواعد الناموس الكوني‮ ‬العام؟ ألم‮ ‬يعلموا،‮ ‬مثلاً،‮ ‬أن الأمية بكل أنواعها تقف حائلاً منيعاً‮ ‬يعيق كل جهود البناء والتنمية في‮ ‬أي‮ ‬مجتمع من المجتمعات،‮ ‬سواء على المستوى الفكري،‮ ‬أو على مستوى التطبيق؟ وأن هذه الآفة اللعينة من شأنها أن تؤثر سلباً في وضوح الرؤية ومعايير التقييم والمراجعة،‮ ‬وتضيع معها جهود التصويب والإصلاح؟ إن أزمة الأمة على هذا النحو ذات أبعاد متعددة،‮ ‬يشارك فيها التعليم والإعلام والتربية بصورة مباشرة،‮ ‬وتتحكم فيها كل الموارد الفكرية والثقافية مجتمعة،‮ ‬ومن ثم لا‮ ‬ينبغي‮ ‬تسليط الضوء على الخطاب الديني‮ ‬فقط،‮ ‬لأننا بحاجة ملحة إلى أن‮ ‬يشهد واقع الأمة المتردي‮ ‬تجديداً واعياً ومدروساً للخطاب الحضاري‮ ‬بكل أنواعه وعناصره،‮ ‬وربطه بمواجهة مختلف تحديات العصر‮. ‬ولعلنا لا نبتعد عن الحقيقة كثيراً إذا قررنا أن تجديد الفكر العلمي‮ ‬على وجه الخصوص‮ ‬يدعم بقوة جهود تجديد الفكر الديني،‮ ‬بعد أن أصبح جدار التخلف سميكاً ويحتاج إلى جهد فائق لحث الهمم واستثارة العزائم،‮ ‬من أجل فهم الإسلام‮ ‬- إسلام القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة‮ - ‬فهماً صحيحا‮ً ‬يساعد المسلمين على تغيير واقعهم وحياتهم نحو الأفضل دائماً،‮ ‬ويمكنهم من المشاركة في‮ ‬حضارة العصر مع المتقدمين بكل ندية واقتدار‮.‬ إن‮ ‬غياب الخطاب العلمي‮ ‬العصري،‮ ‬أو ضعفه،‮ ‬تأصيلاً ومعاصرة في‮ ‬آن معاً،‮ ‬ظاهرة سلبية في‮ ‬ثقافتنا العربية الإسلامية التقليدية،‮ ‬التي‮ ‬لا تزال تختلط فيها التصورات الشعبية بالأفكار والآراء ذات الصبغة الدينية أو العلمية،‮ ‬وقد تجاوزتها حقائق العلم المعاصر الذي‮ ‬يتصدى الآن لأمور كانت تعد من الغيبيات،‮ ‬وأصبح‮ ‬يعمل بأجهزته الدقيقة وأدواته العملاقة في‮ ‬تخوم الميتافيزيقا،‮ ‬هناك في‮ ‬أعماق الذرة والخلايا الحية،‮ ‬أو عند هيئة الكون في‮ ‬اللحظات الأولى من نشأته، ‬ألم‮ ‬يحض الإسلام الحنيف على السير في‮ ‬الأرض والبحث في‮ ‬كيفية بداية الخلق،‮ ‬فقال تعالى في‮ ‬قرآنه الكريم‮: ‬قل سيروا في‮ ‬الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق‮ (‬سورة العنكبوت‬: 20). ‬ألم‮ ‬ينفرد القرآن الكريم بالسبق المعجز إلى تقرير حقيقة كونية عن أصل الكون تمثل تحدياً مستمراً للعلم البشري‮ ‬مهما تطور وتقدم،‮ ‬فقال تعالى‮: ‬أولم‮ ‬ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما‮ (‬سورة الأنبياء: ‮‬30) وعن‮ ‬غيبية أصل الكون التي‮ ‬يعلم الله وحده حقيقتها كاملة قال تعالى‮: ‬ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا‮ (‬سورة الكهف‮: 15) ‬لكن‮ ‬غيبة هذه القضية لم تمنع العلماء‮ ‬- بحكم تعاليم الإسلام‮ - من أن‮ ‬يواصلوا البحث والتنقيب عنها،‮ ‬باعتبارها آية كونية تحمل مفتاح التعرف إلى مكونات الأرض وتاريخ الحياة عليها،‮ ‬فضلاً عن إعمارها حضاريا‮ً: ‬هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها‮ (‬سورة هود:‮ ‬61‮). ‬‮ د. أحمد فؤاد باشا www.afbasha.com